فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

أفلا تعقلون

مصيبة الإنسان في دنياه وابتلائه تقع في سوء اختياره.. ما بين الإيمان والكفر، وما بين الطاعة والمعصية، وما بين اختياره وتدبيره لنفسه بهواها، والتسليم باختيار الله تعالى وتدبيره له.. الله سبحانه لم يكره أحدا من البشر على الإيمان به سبحانه، وجعل للإنسان مطلق الاختيار حيث يقول سبحانه: "لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ".. 

 

ويقول عز وجل: "وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ"، والله تعالى حينما خلق العقل في الإنسان خلقه حتى يكون منارة ينير للإنسان سبيله، وقائدا له يقوده إلى الرشد والرشاد، وجعله سبحانه مناط التكريم والهداية، ولذا جعله سبحانه محل ومناط التكليف، وهو أكرم خلق الله تعالى على الله.. 

 

وهو أس الفضائل وهو للدين أصل وللدنيا عماد، فأوجب الله تعالى الدين بكماله وجعل الدنيا مدبرة بأحكامه وألف به بين خلقه مع اختلاف همهم ومآربهم وتباين أغراضهم ومقاصدهم، وأصلح الإنسان عقله وحسبه دينه، ومروءته خلقه، وهو أفضل مرجو والجهل أنكر عدو، وهو خير المواهب.. 

 

سبحانه ما أعطى عبد بعد الإسلام أفضل من عقل صالح يقوده إلى السلامة والنجاة والسعادة في الدنيا والآخرة، وبه يتفاضل الناس في الدنيا والآخرة، وورد في الصحيح أن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها سألت الرسول الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن سر التفاضل بين الناس؟ فأجابها قائلا: بالعقل، فقالت: ذاك في الدنيا وبما يتفاضلون في الآخرة؟ قال: بالعقل، قالت: كيف؟ قال وهل يحاسب الناس في الآخرة إلا على قدر ما عقلوا".. 

 

هذا وإذا أكمل الله عز وجل للإنسان عقله فقد كملت أخلاقه ومآربه، وحسب الإنسان دينه ومروءته وخلقه وأصله عقله، والعقل بطبيعته كما خلقه الله تعالى مستنير راشد رشيد، ويؤكد ذلك أن الله جل جلاله بعدما خلقه خاطبه بقوله "أقبل" فأقبل، ثم قال له "أدبر" فأدبر، فأثنى عليه، فقال له سبحانه وتعالى: "وعزتي وجلالي ما خلقت أكرم علي منك بك آخذ وبك أعطي، وبك أثيب، وبك أعاقب"..

 

هذا وعندما ننظر في أحوال العباد نجد أن معظهم قد طاشت عقولهم وغاب رشدهم، وغلب على أنوار عقولهم أهواء النفوس، فضلوا السبيل وانقادوا خلف الأهواء وشهوات النفوس، واتبعوا خطوات الشيطان، واعتلت قلوبهم بحب الدنيا.. 

هذا والعقل عقلان، عقل معقول يعمل في المعقولات وعقل مطبوع مبطون في القلب وهو يعقل ويدرك ما لا يعقله ويدركه العقل المعقول، هنا سؤال هام جدا، وهو ما سر ضلال العقل وما الذي أثر فيه وقاده إلى الضلال والتخبط؟، اتظروا الإجابة في مقال تالٍ..