فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

فلاحو أراضي الأوقاف يستغيثون بالرئيس

يستيقظ الفلاح مع أول خيوط الفجر، يحمل هم الأرض قبل أن يحمل فأسه، ويواجه قسوة الواقع قبل حرارة الشمس، فإذا به يُفاجأ بقرار جديد يثقل كاهله ويهدد مصدر رزقه الوحيد، فبدلًا من أن يجد من يسانده في معركة البقاء مع ارتفاع التكاليف وضعف العائد، يجد نفسه أمام زيادة مفاجئة في القيمة الإيجارية للأرض الزراعية، وكأن المعاناة وحدها لم تعد كافية، لتتحول الأرض التي كانت رمزًا للحياة إلى عبء يهدد حياة آلاف من الفلاحين والمزارعين.

زيادة الإيجار 3 أضعاف

في ظل انشغال الجميع بالانتخابات البرلمانية، يعاني الفلاحون والمزارعون في مختلف المحافظات من أزمة متصاعدة بعد قرار هيئة الأوقاف برفع القيمة الإيجارية لفدان الأرض الزراعية من 15 ألف جنيه سنويًّا إلى 45 ألف جنيه، وهو قرار اعتبره كثيرون صادمًا وغير متوافق مع الواقع الزراعي والاقتصادي الذي تعيشه القرى المصرية.. 

فالزيادة المفاجئة، التي بلغت 3 أضعاف القيمة السابقة، جاءت في وقت يواجه فيه الفلاح أعباءً متزايدة من ارتفاع أسعار التقاوي والأسمدة والوقود، إلى جانب تقلبات المناخ وضعف العائد من الزراعة التقليدية.

ورغم أن هذه الأراضي آلت ملكيتها إلى هيئة الأوقاف المصرية عن طريق التبرعات كأوقاف مخصصة لدعم المشروعات الدينية، مثل بناء المساجد والكتاتيب وأعمال البر، فإن الهدف الوقفي الأصيل لا يفترض أن يتحول إلى عبء يهدد أرزاق آلاف الأسر التي تعتمد بشكل مباشر على الأرض كمصدر دخل وحيد.. 

فغالبية هذه الأراضي في الأصل رديئة التربة ومالحة أو محدودة الموارد المائية، ولا تصلح لزراعة المحاصيل ذات العائد المرتفع، ما يجعل تحقيق أرباح تغطي هذه القيمة الإيجارية أمرًا شبه مستحيل.

من 15 إلى 45 ألف جنيه

ويتساءل المزارعون: كيف يمكن اتخاذ قرار بهذه الخطورة دون دراسة وافية أو معاينة ميدانية على أرض الواقع؟ فالكثير من المستأجرين يعجزون أصلًا عن سداد القيمة الحالية البالغة 15 ألف جنيه، فكيف سيكون حالهم مع قفزة مفاجئة إلى 45 ألفًا؟ 

الأمر لا يتعلق فقط بالمستأجرين، بل يمتد أثره إلى الملاك من المزارعين محدودي الإمكانيات، الذين يواجهون ظروفًا اقتصادية خانقة، ويكافحون يوميًّا للحفاظ على دورة الإنتاج الزراعي.

وفي الوقت الذي تتحرك فيه أجهزة الدولة المختلفة لدعم الفلاح ومساندته باعتباره عماد الأمن الغذائي، يأتي هذا القرار من هيئة الأوقاف ليضيف عبئًا جديدًا يدفع الكثيرين إلى ترك الأرض والعزوف عن الزراعة، بما يهدد استقرار القطاع الزراعي ككل، خطورة الموقف لا تكمن فقط في زيادة رقمية، بل في تداعيات اجتماعية واقتصادية قد تمتد لسنوات.

أراضي الأوقاف تستغيث بالرئيس

لذلك، يرى المتضررون أن الأزمة تستدعي تدخلًا عاجلًا من الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي اعتاد المواطن المصري أن يجده السند الأول في الأوقات الصعبة، من أجل وقف هذه الممارسات، وإعادة النظر في القرار بما يحقق التوازن بين تعظيم موارد الوقف وحماية الفلاح، حفاظًا على الأرض ومن يزرعها.