المتحف المقدس!
لم أعر انتباها لبعض الفتاوى الدينية الخارجية التى حرمت دينيا الآثار الفرعونية القديمة لإنها لا تستحق أن نهتم بها، ولدى المسلمين حصانة تحميهم من التأثر بها.. ولكننى توقفت بامتعاض شديد أمام تحذير مثقف مصري أثاره الإقبال الشديد من المصريين على زيارة المتحف لدرجة وقف بيع تذاكر زيارته منذ أيام فأعرب عن تخوفه من أن يصاب المصريين بمرض تقديس الآثار!
سيادة المثقف الكبير وصاحب المؤلفات المتنوعة لم يدرك دلالة ومعنى إقبال المصريين على زيارة المتحف فور افتتاحه أمامهم وهى الرغبة فى مشاهدة عمل عظيم أشاد انبهر به قادة العالم الذين جاءوا للمشاركة في حفل الافتتاح لهذا العمل الرائع والعظيم.. أي إنهم أرادوا مشاهدة انجازا مصريا بهر العالم وأشاد به قادة من الشرق والغرب.
ثم إنهم أرادوا أيضا أن يستعيدوا الفخر بتاريخهم القديم والعظيم وحضارة اجدادهم العظام التي كانت أول حضارة في التاريخ في وقت حاول البعض أن يقللوا من شأن بلادهم وما قدمته للبشرية كلها وليس لهم وحدهم!
وبالطبع يا عزيزي المثقف الكبير صاحب الصيت الواسع هناك فارق شاسع بين الانبهار بآثار قدماء المصريين والفخر بما إنجزوه من حضارة عظيمة وبين تقديس تلك الآثار!
بقى القول أن المثقف الحقيقى هو من يفهم أهله وناسه وشعبه.. أما من لا يفهم شعبه وتصرفاته فهو ليس بمثقف حقيقي.. ولعل هذه واحدة من مشكلاتنا الاجتماعية والسياسية.. فنحن لدينا وفرة من المثقفين الذين لا يفهمون شعبنا، بل ويهاجمونه احيانا، ولدينا ندرة في المثقفين والسياسيين الذين يفهمون شعبنا.