رئيس التحرير
عصام كامل

عن تطوير التعليم وفشل التعليم المفتوح


حسنا فعل الدكتور أشرف الشيحي وزير التعليم العالي بإيقاف برنامج التعليم المفتوح، بعد أن خرجت برامج التعليم المفتوح عن النظام المرسوم لها قبل ثورة 25 يناير. لكن لماذ فشل برنامج التعليم المفتوح؟ ألم يكن مدروسًا؟


فشل البرنامج بعد أن الغى المجلس الأعلى للجامعات القرار الذي كان يفرض على الدارس مرور خمس سنوات من حصوله على المؤهل الدراسي، واشترطت بعض البرامج أن يعمل الطالب مرتبطا بالتخصص الذي يدرسه. أما وقد تم نسف شرط انتظار انقضاء خمس سنوات  بعد الحصول على المؤهل الدراسي، فلم يعد لشرط الخبرة وارتباطها بالتخصص قيمة تذكر.

أما أسباب تعديل شرط مرور خمس سنوات فكان هدفها البحث عن"سبوبة" لأعضاء هيئة التدريس، وتحقيق دخل للجامعات. فتم العبث بالبرنامج. وأصبح البعض يتفاخر بأن برنامج التعليم المفتوح حقق مليونا أو عدة ملايين، بينما تم بالهدف من البرنامج وهو تأهيل العاملين في مهن في مجال الدراسة ، وإكسابهم الخلفية النظرية التي تساعدهم على التطور في عملهم.

ولن يعود برنامج التعليم مفتوح مجديا إلا عندما يلتزم بالشروط التي واكبت وجوده. فقد راعى البرنامج وقت إنشائه ألا يتحول إلى باب خلفي، ولكنه تحول إلى ذلك عندما قضي قرار المجلس الأعلى للجامعات بإلغاء شرط الخمس سنوات على مبدأ تكافؤ الفرص، بل وظلم بعض الطلاب بغض النظر عن المسمى الذي ستصدر به الشهادة في النهاية. فبينما لم يتمكن الكثير من الطلاب من الالتحاق ببعض الكليات، نتيجة لعدم حصولهم على الدرجات الكافية في امتحان الثانوية العامة، تمكن الحاصلون علي 50% في الثانوية العامة، من الالتحاق بالكليات نفسها عبر برامج التعليم المفتوح.

ولربما يعرف الدكتور أشرف الشيحي أنه إذا كان الهدف من وراء إلغاء شرط الخمس سنوات، هو تحويل البرنامج إلى مشروع استثماري، فإن ذلك كان على حساب الهدف الذي قام من أجله البرنامج. فالبرنامج كان يجذب عددا غير قليل من المهنيين الذين يسعون إلى اكتساب الخلفية النظرية، ثم تحول إلى وسيلة للحصول على شهادة علمية بطريقة سهلة، وبتكلفة أقل من الجامعات الخاصة.

ويبدو السؤال هنا، ما الذي ينقص الجامعات في جانب برامج التعليم غير التقليدية؟ ينقص الجامعات أن تتحول من نظام التعليم المفتوح الذي يمكّن الطالب من الحصول على شهادة علمية لينضم إلى طابور العاطلين، إلى نظام التعليم المستمر أو Continuing Education وهو يقوم على نظام الدورات القصيرة، وبرامج الشهادات Certificate Program الذي تتراوح مدته بين 6 شهور وسنة دراسية. لكن يحتاج هذا النظام إلى مبان مخصصة له وقاعات مجهزة، وأستاتذة متفرغين، وليس من الصعب على الجامعات أن تنتهج هذا الأسلوب.

ويمكن للجامعات أن تسير على خطى الجامعة المصرية للتعليم عن بعد، وأن تبدأ في تقديم مجموعة برامج تتيح للطالب أن يدرس، دونما الحاجة إلى الانتقال إلى الجامعة أو حضور محاضرات بعينها.

عادة ما ينتابني الشك من إطلاق الأسماء الرنانة على الأعوام، فعندما أسمع عن أن العام الحالي هو عام الشباب، أو هو عام تمكين المرأة، أعرف على الفور أن العام سيكون مثل "عام الفيل" وأنه سيتم تجاهل الشباب، أو عدم الحرص على تعظيم قيمتهم، في حين أبكى لحال المرأة وقتها ، لأني أعرف أن المرأة لن تتمكن من فعل شيء ملموس هذا العام. الأمر نفسه تكرر عندما قال الدكتور أشرف الشيحي إن هذا العام هو عام الابتكار والمعرفة، فافتتح سيادته مؤتمرا له ونوه عن إلى الدور الذي تسعى الدولة لتحقيقه من خلال بناء مجتمع معرفي مكتمل، بينما موقع بنك المعرفة المصري على الإنترنت والذي  أشار إليه الدكتور وزير التعليم الحالي لا يعمل، على الأقل حتى كتابة هذه السطور.

وفيما يتعلق بتطوير التعليم، فإن أكبر ابتكار يمكن لطالب أن يبتكره، هو الوصول إلى أقل تكلفة يمكن من خلالها تطوير البنية التحتية للجامعات. على مصر أن تقلل أعداد المقبولين بالجامعات، وأن تسعى إلى إكساب الطلاب المهارات التي يحتاجونها في سوق العمل. أما الطفرة الحقيقية فهي ستكون إعادة التفكير في مجانية التعليم في التعليم الجامعي.

ليس بالكلام وحده أو المؤتمرات سيتم تطوير التعليم، فرغم نبل الأفكار والجهود المخلصة، فتطوير التعليم يحتاج إلى منظومة متكاملة، وليس تصريحا هنا أو مؤتمرا هناك.
الجريدة الرسمية