رئيس التحرير
عصام كامل

قناوى وهنومة.. حلقة رقم (1)

فيتو

عندما أمسكتني زوجتى متلبسا بالشرود والسرحان وقالت فيما تفكر؟ أجبتها دون تردد أو تفكير: مصر وحشتني يا غادة، أفزعها قولي وقالت يا حبيبي انت عايش فيها خلي الكلام والشوق ده للمتغربين عنها.
 
قلت: ومين قالك إني عايش في مصر؟ مش دي مصر، مصر عايشة جوايا مش أنا اللي عايش فيها، أنا اشتقت لمصر اللي جوايا مصر الخير والحب والتسامح، مصر الناس البسطاء الطيبين، مصر الكريمة السخية، مصر أم طرحة وجلابية، مصر اللي سماها الشاعر بهية، مصر اللي احنا فيها ماعادتش بهية، بقت نقاب وجلابية، بقت دقن، بقت فرد خرطوش وزجاجة مولوتوف وقنبلة غاز، مصر بقت نشاز، بقت اعتصام ورا اعتصام ومظاهرات عدائية مش سلمية، مصر بقت تخوين وأطماع وآلام وأوجاع، وناس بتموت وهي مش فاهمة حاجة، لا ليه عاشت ولا ليه ماتت ولا ليه باتت في يوم حزينة، مصر اللي باتت بتتعارك وتتخانق على كرسي وخيال مآتة من حسن حظنا وحظه الوحش قعد ع الكرسي بخطة خسيسة موضوعة برة ما عمرش كتير شاله السيسي ببركة ثوار ميدان التحرير وقام أنصاره وآدوها نار وخلوا عيشتنا مرار أغبيا مغيبين مأجورين مضللين ويارتهم فاهمين، 80 سنة يا غادة بيحاول الإخوان يركبوا ع الكرسي مافكروش في ال80 سنة سنة واحدة حيحكموا إزاي جهل وغباء سياسي بعيد عنك ودلوقتي زعلانين من عزل مرسي طيب بذمتك هو مين اللي من حقه يزعل احنا ولا همه؟ إحنا اللي اتخدعنا فيهم افتكرناهم صحابة ودعاة ومصلحين ورجال دين لكن للأسف طلعوا ديابة طماعين ومخربين ومنافقين عارفة الإخوان عاملين زي مين وبيفكروني بمين بقناوي اللي كان حلمه إنه يتجوز هنومة في فيلم باب الحديد ليوسف شاهين عبيط وأهبل ومجنون وبريالة وعاوز يتجوز ست البنات هنومة وقتل ودبح وخطف لما عرف أن هنومة رفضاه ومش عيزاه وفي الآخر لبس قميص الأكتاف ده مصير مرسي والإخوان يا غادة، عارفة ليه لأنهم عمرهم ما كانوا على حق والباطل مالهوش روح ونفسه قصير ومابيعمرش كتير، سنة واحدة من حكم الإخوان كشفتهم وفضحتهم وخلت الشعب اللي كان دايما متعاطف معاهم بقي ضدهم وبيكرههم ومش طايقهم، لأنه عرفهم على حقيقتهم عرفتي ليه أنا قلت من حظنا الحلو وحظ مرسي الوحش لأننا رغم الخراب والشهدا اللي سقطوا طول مدة حكمهم ماخسرناش قد ماكسبنا، كسبنا معرفتنا بيهم وبفصيل كبير كان عايش معانا واحنا كنا مخدوعين فيه.. يااااه اللي حصل من يوم 25 يناير لحد النهاردة عرفنا كتير إحنا قد إيه كنا مقصرين في حق بلدنا غفلنا عن الريف والصعيد واللي كان بيحصل فيه عن ناس من أهالينا كانت مغيبة مستغلة من الإخوان وناس مهمشة محتاجة.. تركنا أرض خصبة للإخوان يزرعوا فيها شرورهم وأفكارهم الغريبة والمريبة همه مين اللي كانوا معتصمين في رابعة العدوية والنهضة؟ ناس من الأرياف ومن الصعيد محتاجة وأمية وناس بلطجية وناس من الباعة السريحة والشحاتين والباعة الجائلين والمأجورين بالمال ماكانوش دكاترة جامعة ولا أدباء ولا مهندسين عرفتي الإخوان كانت بتلعب وبتراهن على مين؟ ودول مش قليلين دول عددهم في بلدنا كتير نسيناهم لحد ما اتحولوا لقنابل كانت حتنفجر فينا إحنا اللي إدينا للإخوان الفرصة وهمه عرفوا يستغلوها كويس ياريت بعد اللي حصل ده مانغلطش تاني ونهتم بالناس دول زي بالظبط أطفال الشوارع اللي احنا ناسينهم كل دي حاجات لازم تتحط في محور اهتمامتنا بعد كدة، الإخوان ماغلطوش أو تقدري تقولي إن غلطهم كان شيء عادي لأنه لما يكون الغلط طبيعة في الشخصية والتكوين لازم مانستغربهوش لأن ده الطبيعي حنستني من المجنون إيه غير جنونه ومن السفيه إيه غير سفاهته ومن البلطجي إيه غير إجرامه ومن المغيب إيه غير آراءه وأفكاره المتخلفة، كل إناء ينضح بما فيه علشان كدة أنا بستقبل أفعال الإخوان دون اندهاش ولا استغراب لأني متوقعها، أنا إيه اللي خلاني أقول الكلام ده؟ مش عارف أنا كل اللي أنا عارفة إني كنت بقول إن مصر وحشتني، مصر الأزهر والحسين والخان والقعدة على الفيشاوي مصر الكورنيش ساعة المغارب وأنا وانتي نركب في قارب مصر الحنطور اللي بيلف بينا الجزيرة مصر كوباية الشاي في قهوة أم كلثوم في ممر الألفي في التوفيقية، مصر تمشيتنا في شوارع وسط البلد طلعت حرب وقصر النيل وعدلي وعبد الخالق ثروت و26 يوليو مصر اللي كنا بنلف في شوارعها طول الليل ونروح الفجر واحنا فرحانين مبسوطين، مصر كازينوهات المنيل اللي ع النيل وعشانا في مطعم الجمهورية أو عند فرحات أو المدينة وقعدتنا في البورصة وركوبنا مترو الأنفاق في أمان دي مصر اللي وحشتني مش مصر الحظر والقعدة في البيت من المغرب، مصر الحزينة اللي الكآبة فيها مرسومة على الوشوش عرفتي أنا كنت سرحان في إيه وبفكر في إيه ؟ في مصر اللي عايشة جوايا مش مصر اللي أنا وانتي عايشين فيها دلوقتي.
 
ابتسمت زوجتي وربتت على شعري وقبلتني في خدي وهي تقول: بكرة أحلي !
الجريدة الرسمية