رئيس التحرير
عصام كامل

ذكرى حادث المنشية، الشرارة التي أنهت زمن "التفاهم المستحيل" بين الدولة والإخوان ‏

حادث المنشية، فيتو
حادث المنشية، فيتو
18 حجم الخط

في مساء 26 أكتوبر عام 1954، كان ميدان المنشية بالإسكندرية يعج بالهتافات، حين وقف جمال عبد الناصر أمام الجماهير ليلقي خطابه بعد توقيع اتفاقية الجلاء مع بريطانيا، وبعد لحظات قليلة فقط، دوي صوت الرصاص، سبع طلقات متتالية، إحداها مرت بجانب رأسه، لكن عبد الناصر ظل ثابتًا على المنصة، صارخًا بعبارته التي أصبحت جزءًا من الذاكرة الوطنية «دمي فداء لمصر». 

تلك اللحظة لم تكن مجرد محاولة اغتيال لرئيس، بل لحظة فاصلة أنهت مرحلة «شهر العسل» بين ثورة يوليو وجماعة الإخوان، وأعادت رسم حدود السلطة والدين في مصر الحديثة.

جذور الصراع بين عبد الناصر والإخوان 

قبل حادث المنشية بعامين، كانت العلاقة بين تنظيم الضباط الأحرار وجماعة الإخوان، تتسم بالتعاون المشوب بالحذر، فالإخوان دعموا الثورة في أيامها الأولى، واعتقدوا أن عبد الناصر سيمنحهم دورًا سياسيًا أكبر بعد سقوط الملكية، لكن عبد الناصر، كما يذكر محمد حسنين هيكل في كتابه «سنوات الغليان» رفض أن تكون الثورة على مقاس أطماع الجماعة، مؤكدًا أن الدولة لا يمكن أن تدار بعقلية التنظيم السري.

تصاعد التوتر مع الإخوان ثم جاءت أزمة حل الجماعة في يناير 1954 واعتقال عدد من قادتها، لتتحول الخلافات إلى مواجهة مكتملة.

ليلة إطلاق الرصاص على عبد الناصر 

عندما صعد عبد الناصر إلى منصة الخطابة في المنشية، كان الجهاز السري للإخوان قد أعد خطة لاغتياله. وأطلق محمود عبد اللطيف أحد أعضاء التنظيم الخاص النار من مسدس، وهو على بعد أمتار من الرئيس، ووفق ما ورد في مذكرات زكريا محيي الدين أحد قادة الثورة، الرصاصات لم تصبه لكنها أصابت ضابطين من الحرس.

وكان الحادث كافيًا ليعلن عبد الناصر من فوق المنصة أن الثورة مستهدفة، ومصر تواجه عدوًا من الداخل لا يقل خطرًا عن الاستعمار، وفي اليوم التالي بدأت حملة اعتقالات واسعة في صفوف الإخوان شملت مرشدهم العام حسن الهضيبي وقيادات التنظيم.

محاسبة الإخوان على حادث المنشية 

أنشئت محكمة الشعب برئاسة أنور السادات وعبد اللطيف البغدادي وعبد الحكيم عامر، لمحاكمة المتهمين في الحادث، وبعد جلسات مطوّلة بثها الراديو على الهواء، أُدين ستة من قيادات الإخوان وحكم عليهم بالإعدام، بينهم عبد القادر عودة، ويوسف طلعت، كما حكم على الهضيبي بالأشغال الشاقة المؤبدة قبل أن يخفف الحكم لاحقًا.

وتؤكد وثائق ومحاضر محكمة الشعب 1954م أن محمود عبد اللطيف اعترف بتنفيذه العملية بتكليف مباشر من الجهاز الخاص للجماعة، لكن الجماعة أنكرت رسميًا أي صلة لها بالحادث، معتبرةً أن الأمر مدبر لتبرير ضرب الإخوان، كما جاء في مذكرات الهضيبي نفسه «دعاة لا قضاة».

وترتب على حادث المنشية حل جماعة الإخوان رسميًا، ومصادرة ممتلكاتها وإغلاق مقارّها في أنحاء البلاد ويشير المؤرخ عبد العظيم رمضان في كتابه الإخوان المسلمون والتنظيم السري إلى أن المنشية كانت لحظة التحول من ثورة إلى دولة، حيث وضعت أسس النظام الذي استمر لعقود،  ومن جهة أخرى تحول الإخوان إلى تنظيم مطارد عاش في السر لعشرين عامًا، قبل أن يعاد ظهوره جزئيًا في عهد السادات.

وبعد أكثر من سبعين عامًا، لا تزال حادثة المنشية تذكر كحدث مفصلي في علاقة الدولة المصرية بالحركات الإسلامية، ورصاصات ذلك المساء لم تصب جسد عبد الناصر، لكنها أصابت فكرة التعايش بين الدعوة والسلطة.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية