رئيس التحرير
عصام كامل

جنون الغلاء يجتاح مستشفيات الصحة النفسية.. طرد المرضى إلى الشارع.. الصحة: الزيادات الجديدة لا تمس غير القادرين.. وأطباء: لائحة الأسعار كارثية

مستشفيات الصحة النفسية
مستشفيات الصحة النفسية
18 حجم الخط

وكأن الحكومة أقسمت بالله جهد أيمانها على أنها لن تترك أحدًا دون أن تذيقه كأس الذل، بمن فيهم المرضى النفسيون الذين اضطر بعضهم إلى مغادرة المستشفيات قسرًا تحت وطأة الغلاء الموصوم بالغباء.

لائحة أسعار جديدة لمستشفيات الصحة النفسية، أصدرتها وزارة الصحة  والسكان برعاية الدكتور خالد عبد الغفار، وبدأت في تطبيقها بداية منذ أول أغسطس الجاري تضمنت زيادات في أسعار الخدمات العلاجية داخل مستشفيات الصحة النفسية الحكومية البالغ عددها ٢٤ مستشفى والتي اعتاد المصريون على العلاج فيها مجانا من الأمراض النفسية والعقلية.

تضم هذه المستشفيات مرضى يمكثون فيها شهورًا وربما سنوات، عاشوا داخل جدران مستشفيات الصحة النفسية، أشهرها الخانكة والعباسية.

وبحسب الإحصائيات الرسمية الصادرة من الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان، فإن 25% من المصريين يعانون من اضطرابات نفسية مختلفة، منهم من يحتاج إلى العلاج، ومنهم المصابون بدرجات بسيطة من المرض النفسي.

لائحة الأسعار الجديدة تسببت في حالة من الجدل داخل الوسط الطبي، بين من يرى أن مستشفيات الصحة النفسية الحكومية هي ملجأ البسطاء والفقراء ممن يعانون من الإدمان والمرض النفسي، ولها وضع خاص ويجب أن تكون مجانية فى الأساس، لأن غير القادرين من المرضى النفسيين سوف يعزفون عن العلاج ولا يُقبلون عليه، ويمكن أن يتركهم أهلهم ينطلقون وسط المجتمع فى الشوارع لعدم قدرتهم على العلاج، مع ارتفاع أسعار العلاج النفسي في المراكز الخاصة وأيضًا الحكومية. وفريق آخر من الأطباء يرى أن الخدمات النفسية هي الأغلى على مستوى العالم، وأنه لم يعد يوجد خدمة مجانية.

وأثارت حالة الجدل عدة تساؤلات حول طبيعة المرض النفسي، وإذا ما كان العلاج النفسي ضرورة أم أن البعض يعتبره رفاهية، ويمكن لارتفاع أسعار الخدمات العلاجية أن يتسبب في عزوف المرضى عن العلاج وزيادة مضاعفات المرض لديهم.

وتقدم عدد من أعضاء مجلس النواب بسؤال إلى المجلس عن أسباب ارتفاع أسعار الخدمات العلاجية داخل المستشفيات النفسية.

العلاج لا يقتصر على الأدوية فقط

من جانبها أكدت الدكتورة منى الرخاوي، أستاذ الطب النفسى بكلية طب قصر العيني، أن المرض النفسي قد يفقد الإنسان قدرته على أداء وظائفه الاجتماعية والعملية، ويجعله يعاني من مشاعر خوف أو حزن مفرط، كما ينعكس ذلك على المحيطين به الذين يشاركونه المعاناة نتيجة طريقة التعامل أو شدة الألم والقلق، موضحة  لـ”فيتو” أن بعض الحالات قد تتضمن أعراضًا مثل سماع أصوات أو أفكار غير حقيقية، والتى قد تكون مرتبطة إما بمرض عضوى أو باضطراب نفسي ناتج عن خلل فى الموصلات العصبية بالمخ.

وشددت على أن العلاج النفسى لا يقتصر على الأدوية أو جلسات تنظيم إيقاع المخ، بل يشمل وسائل متعددة مثل العلاج الفردي أو الجماعي أو الأسري، حيث يتعاون الطبيب مع المريض وأسرته، مشيرة إلى أن للعلاج النفسى مناهج مختلفة تناسب مستويات وعي متنوعة، وهو ليس بالبساطة التي يظنها البعض، بل يمثل أحيانًا ضرورة لا غنى عنها لبناء نفس سليمة قادرة على ممارسة الحياة الاجتماعية والمهنية دون ألم أو عائق.

وعما إذا كان الطب النفسي قد تحول مؤخرًا إلى تجارة، أكدت الرخاوي أن السوق يشهد خليطًا بين المعالج المؤهل الملتزم بأخلاقيات المهنة ويحفظ أسرار المرضى، وبين آخرين يروجون لأنفسهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي مستندين إلى معرفة محدودة، محذرة من التعامل مع غير المتخصصين، كما دعت إلى تعزيز الوعى بالمرض النفسى وحماية المرضى من المدعين، مع التأكيد على احترام مهنة الطب النفسى ودورها الإنساني.

نوعان من الأمراض النفسية

بدوره، أكد الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، أن المرض النفسي هو في الأساس مرض عضوي، موضحًا أن سبب معظم الاضطرابات النفسية يعود إلى تغيرات في النواقل العصبية أو مراكز إفراز الهرمونات في المخ، مثل مركز الأدرينالين، مضيفا في حديثه لـ”فيتو” أن هناك نوعين من الأمراض النفسية:  الأمراض العصابية، وتشمل الوسواس القهري، الاكتئاب، نوبات الهلع، الخوف المرضي، الهوس، والاضطراب الوجداني، والأمراض العقلية، وهي ناتجة عن تغير في مستوى هرمون الدوبامين، سواء بالزيادة أو النقص، ما يؤدي إلى ظهور أعراض مثل الهلاوس السمعية والبصرية والحسية، وضلالات التفكير، ومن أمثلتها الفصام.

وأشار فرويز إلى أن بعض الأمراض الجسدية، مثل أمراض الجلد وسقوط الشعر والالتهابات، وكذلك اضطرابات المعدة، يكون منشؤها في كثير من الحالات نفسيًا، مشددا على أن العلاج النفسى والعقلى ضروري، ويحدد نوعه وجرعته حسب شدة الحالة، لافتًا إلى أن بعض حالات الفصام قد تدفع المريض إلى إيذاء الآخرين، وأن الاكتئاب الشديد قد يقود صاحبه إلى الانتحار.

وأوضح أنه وفقًا للإحصائيات، فإن الأمراض النفسية تُعد من أعلى الأمراض تكلفة عالميًا، إذ تتطلب أدوية مرتفعة الثمن ومتابعة مستمرة من الأطباء، مشيرًا إلى أن بعض الدول مثل إنجلترا تحد من مدة الإقامة فى المستشفيات النفسية بسبب التكلفة، ثم تستكمل العلاج خارجيًا، مؤكدا  أن تناول العلاج لمدة أسبوعين فقط قد يحدث فارقًا ملحوظًا في حالة المريض، لكن الالتزام به أمر أساسي، ويشعر المريض بالفرق بين أخذ العلاج النفسى وعدم أخذ العلاج، أما الإقامة فى المستشفيات النفسية فتكلفتها مرتفعة، ولا يوجد علاج مجانى بالكامل فى أى دولة، متسائلًا: “لماذا يتوقع البعض أن يكون العلاج النفسى مجانيًا، بينما قد يدفعون آلاف الجنيهات للدجالين والمشعوذين؟”.

طفرة كارثية

بدوره، قال الدكتور أحمد حسين، عضو مجلس نقابة الأطباء السابق: إن الزيادة الأخيرة فى أسعار الخدمات داخل مستشفيات الصحة النفسية تمثل قفزة كارثية، خاصة فيما يتعلق بمرضى “الاقتصادي” الذين كانوا يدفعون 150 جنيهًا شهريًا، مشيرًا إلى أن نسبة العلاج المجانى تراجعت إلى 25% فقط بعد أن كانت 60%، مع إعطاء الأولوية فى الخدمات المجانية لعدد من الفئات، منهم أصحاب معاش “تكافل وكرامة”.

ارتفاع الكشف ١٠٠٠ ٪

وأوضح أن اللائحة المالية الجديدة، التى بدأ تطبيقها اعتبارًا من أول أغسطس، شملت أيضًا خدمات العلاج الخارجي، حيث ارتفع سعر تذكرة الكشف من جنيه واحد إلى 10 جنيهات، بالإضافة إلى محاسبة المريض على ثمن الدواء بعد أن كان يُصرف علاج لمدة 28 يومًا مجانًا، مضيفا: المريض النفسي، إذا تعرض لانتكاسة، تتأثر الأسرة بأكملها، مشيرًا إلى أن بعض الأسر البسيطة تجد صعوبة فى تدبير تكلفة المواصلات لزيارة المستشفى، فكيف لها أن تتحمل ثمن الأدوية؟

وأبدى تخوفه من أن تؤدى هذه الزيادات فى الأسعار إلى عزوف المرضى عن استكمال العلاج، ما قد يتسبب فى انتشار المرضى العقليين بلا رعاية فى الشوارع.

أكد محمود فؤاد، مدير المركز المصرى للحق فى الدواء، أن جميع دول العالم تراعى حقوق المرضى النفسيين، مشددًا على أن مصر لديها قوانين للحفاظ على حقوق المرضى النفسيين.

وأوضح لـ”فيتو” أن مستشفيات الصحة النفسية الحكومية كانت تضم علاجًا اقتصاديًا وجزءًا مجانيًا، ووفقًا للائحة الجديدة لأسعار خدمات مستشفيات الصحة النفسية تراجع جزء العلاج المجاني، وهو ما يثير القلق بشأن تأثيره على المرضى محدودى الدخل.

ولفت إلى أن تكلفة الإقامة لليلة واحدة تصل إلى 550 جنيهًا، وكان من الممكن زيادة أسعار العلاج الاقتصادى دون المساس بجزء العلاج المجاني، مؤكدًا أن العلاج النفسى مكلف، مما يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت أسعار المراكز الخاصة ستشهد ارتفاعًا أم لا.

«الصحة» ترد وتناور

فيما كشف مصدر مسئول بوزارة الصحة أن لائحة زيادة أسعار الخدمات العلاجية فى مستشفيات الصحة النفسية تقتصر على القسم الاقتصادى فقط، مع استمرار تقديم الخدمات المجانية للفئات غير القادرة والمرضى المؤمن عليهم، بما يضمن حماية الفئات الأكثر احتياجًا.

وأوضح المصدر لـ”فيتو” أن الأسعار الجديدة، التى تصل إلى 10 جنيهات للكشف مع تغطية الأدوية، لا تزال رمزية بالمقارنة بالقطاع الخاص، وتهدف إلى دعم استدامة الخدمات الصحية مع الحفاظ على جودتها.

كما أشار إلى أن 70% من المرضى يحصلون على الخدمات مجانًا أو من خلال التأمين الصحي.

وأكد أن القرار لا يشمل الحالات الطارئة أو الخطرة، ولا المرضى المحجوزين بأوامر قضائية أو المشردين الذين يتم إيداعهم عبر الشرطة، حيث يتم حجزهم وتلقيهم العلاج مجانًا بالكامل.

ولفت المصدر إلى أن الأسعار الجديدة تظل مدعومة بشكل كبير مقارنة بأسعار القطاع الخاص، فى إطار جهود الدولة لتحقيق التوازن بين تحسين جودة الخدمات وتخفيف الأعباء المالية عن المواطنين.

وأشار إلى أن برنامج العلاج على نفقة الدولة يغطى تكلفة الأدوية الموصوفة فى العيادات الخارجية والمتخصصة، بهدف تخفيف الأعباء عن المرضى غير القادرين.

وأوضح أن القسم الاقتصادى مخصص للمرضى القادرين على دفع تكاليف رمزية، مع الحفاظ على جودة الخدمة، ويظل القسم المجاني مخصصًا للفئات غير القادرة.

ووفقًا لإحصائيات وزارة الصحة، فإن عدد المرضى المقيمين فى مستشفيات الصحة النفسية يبلغ 3098 مريضًا، بينهم 2173 مريضًا، أى 70%، يتلقون الخدمات مجانًا أو عبر التأمين الصحي، مقابل 925 مريضًا فقط، أى 30%، فى القسم الاقتصادي.

وبحسب لائحة الأسعار الجديدة، فإن أسعار الإقامة للمرضى بالمستشفيات، وفقًا للدرجات المختلفة، تشمل كافة الخدمات الأساسية، مع عدم تحصيل أى رسوم إضافية تحت أى مسمى.

وتشمل قيمة الإقامة لكل درجة: الجناح 550 جنيهًا لليلة، والدرجة الأولى الممتازة 300 جنيه لليلة، والدرجة الأولى 180 جنيهًا لليلة، والدرجة الثانية 150 جنيهًا لليلة، والدرجة الثالثة 80 جنيهًا لليلة.

فيما قال إيهاب رمزي، عضو مجلس النواب، إنه تقدم بسؤال إلى مجلس النواب لسؤال وزير الصحة عن أسباب صدور هذه اللائحة، مطالبًا بضرورة التراجع عنها، نظرًا لأن العلاج النفسى يجب أن يكون للمرضى النفسيين إما مجانًا أو بأسعار رمزية بسيطة تناسب محدودى الدخل والطبقات المتوسطة.

وأشار في حديثه لـ”فيتو” إلى أن طبيعة المرض النفسي تحتاج إلى العلاج لفترات طويلة، فيضطر المريض إلى تحمل تكاليف مرتفعة لا تناسب ظروفه الاجتماعية، ويحتاج المريض إلى التردد على الطبيب النفسى لفترات، لذا كان يجب استثناء مستشفيات الصحة النفسية الحكومية من أى زيادات فى الأسعار حتى لا يبتعد المرضى عن العلاج.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية