رئيس التحرير
عصام كامل

مصر ومن يجرون العالم للهاوية!

18 حجم الخط

هل الثقافة تكون منقذا من الجنون وعتمات الواقع، ومن أكاذيب السياسة وعنف صواريخ وقنابل الحرب، فإذا كانت الحرب هى أداة الفناء والموت فالثقافة والفن والإبداع هى منابع الحب والإنسانية والحياة بعينها، أهرب بالنور القادم من الثقافة من مآسي اللحظة الراهنة ومحاولات جر العالم إلى الهاوية وما أدراك ما هي، نار حامية..

إسرائيل تحاول جر كل الشرفاء إلي الهاوية، تشعل المنطقة هنا وهناك من غزة وفلسطين المحتلة كلها إلى لبنان إلى سوريا إلى اليمن وأخيرا إلى إيران، تحاول جر العالم كله والمنطقة العربية والشرق الوسط كله إلي انفجار لو حدث فلن يبقى ولا يذر، لماذا؟

لأن العالم على شفا الانفجار، فما بالكم لو جاء من مخزن الوقود، حتما سيمتد الاشتعال للعالم كله من ضرب صواريخ وقنابل البارود في خزانات الوقود


سامحونى سأهرب بكم من جحيم اللحظة إلى لحظات مر عليها شهور لم أكتب عنها، أهرب إليها وبكم من قسوة لحظة، أضع يدى على قلبى وحتى يكتب الله أمر كان مفعولا، مما لا يحمد عقباه، إذا اشتعلت حرب عالمية ثالثة تكون بها نهاية العالم، ليأت الله بخلق جديد.


نعم الاقتصاد الآن هو السيد في العلاقات بين الدول حيث يسعى زعماء الدول في زياراتهم الخارجية إلى عقد الصفقات والاتفاقيات الاقتصادية، ويقاس حجم القوى والتأثير والتعاون بين الدول بحجم التبادل التجارى والاقتصادى والصناعى.


ولكننى توقفت عند زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمصر منذ شهور عند عدة محطات كانت الثقافة هى البطل فيها، خطفت الأنظار من جهة وعكست الحب والشغف والعشق الفرنسي للحضارة والثقافة المصرية..


والمتأمل للاستعمار الفرنسي حين كان يحتل العديد من الدول في الحقب الزمنية الماضية، يلحظ البعد الثقافي حاضرا وبقوة إلى جانب القوة العسكرية ولو كان أحد أدوات الاستعمار الفرنسي في سابق العصر والآوان للتغلغل والسيطرة، انتهت حقبة الإستعمار الفرنسى والبريطانى ولكن يظل الأثر باديا في آثاره الباقية، ومنها اللغوى والفنى والإبداعي.. 

والمثال الحى أمامنا رحيل الإحتلال الفرنسي عن المغرب العربى بدوله الثلاثة، وبعض الدول الإفريقية ولبنان وسوريا تاركا خلفه تأثيرا لغويا ما زال حيا بيننا، بسيطرة اللغة الفرنسية في شعوب هذه الدول على حساب اللغة العربية واللهجات المحلية..


وفي مصر كلنا نعرف، وتكاد أن تكون ظاهرة نادرة حين جاءت الحملة الفرنسية إلي مصر ومن بين صفوفها، أو قل الكتيبة الرئيسية فيها مجموعة من الباحثين والفنانين والعلماء لدراسة مصر، وكانت النتيجة موسوعة وصف مصر التى لا تزال بيننا بتأثيراتها، وكان أثرها فك أسرار الحضارة الفرعونية بفك رموز الهيروغليفية الساكنة على وجه حجر رشيد.


المهم العشق الفرنسي للثقافة والحضارة المصرية تلحظه في أى أحاديث وحوارات، لن أقول الرسمية فحسب ولكن في الأوساط الشعبية الفرنسية، هناك ولع بالآثار الفرعونية جعلتهم ينشئون علما خاصا بالمصريات، وقد لمست ذلك عن قرب أثناء زياراتى لفرنسا، فتجد احتفاء كبيرا للغاية في القسم المصرى في متحف اللوفر وتقديرا كبيرا للمسلة الفرعونية الشامخة شموخ المصريين القدماء في ميدان الكونكورد الذى يعد من أكبر ميادين العاصمة الفرنسية باريس..


والكم الهائل من الدراسات الفرنسية عن مصر يعكس هذا الولع بهوليود الشرق، والحب متبادل بعيدا عن النزعة الاحتلالية الاستعمارية، ومن محطاتها ولع محمد على الكبير بها فأرسل ومن بعده أولاده البعثات إليها، وأقام المدارس العليا (الجامعات) على غرارها، مثل مدرسة الألسن والطب والهندسة والعسكرية.. الخ لتكون طريقنا للنهضة.


ومن المحطات المهمة أيضا حين أراد الخديوى إسماعيل أن يحلم بمصر جديدة ومختلفة، اتجه بحلمه إلى فرنسا فأنشأ وسط القاهرة -القاهرة الخديوية- على غرار باريس، واستقدم المهندس الذى خطط باريس ليخطط وسط القاهرة، كما أستقدم العديد من المعماريين الفرنسيين ليحولوا الحلم إلي واقع مازالت أثاره بيننا في عمارات وبنايات وسط البلد.. 

طبعا تم استقدام معماريين من ايطاليا وغيرها، لكن تظل البصمة الفرنسية في المقدمة.. لذلك لم أندهش من انعكاس هذا الولع الفرنسي بالتراث الحضارى والثقافي المصري.


توقفت عند اصطحاب الرئيس عبد الفتاح السيسى للرئيس الفرنسي إلى منطقة خان الخليلى بعد وصوله بدقائق لتناول العشاء والتجوال بين أكبر متحف مفتوح، يعكس البعد الإسلامي الحضاري في هذه العمارة، والبعد المضيء الذى أكسبته مصر للحضارة الغسلامية.. 

نعم دخل العرب بالإسلام إلى مصر لكن سرعان ما هضمتهم البوتقة الحضارية المصرية لتنتج فنا مختلفا عن تتابعاتها الحضارية، ولتعطى بعدا حضاريا أو قل لتنشئه أول مرة حتى وإن كانت عواصم الخلافة في الكوفة أو دمشق.

 

المهم عشق الفرنسيين للحضارة ظهر واضحا في سعادة الرئيس الفرنسي وهو يتجول في خان الخليلي، حيث رأى الحضارة المصرية حية أمامه في الحجر والبشر ودفء مشاعرهم التى لا يخطئها إلا حاقد وجاحد.


ورغم تميز المطبخ الفرنسي بالعديد من المأكولات ويكفي أن أذكر أثناء زيارتى التى أمتدت أسابيع لباريس لم أستطع تذوق كل أنواع الجبن والسلطات، فضلا عن الإتيكيت الفرنسي في تقديم الأكلات يجعلك تشعر بأنك في محراب فن وليس مطعما.


المهم، إن الأكلات والضيافة الشعبية المصرية خطفت قلب وعقل ولسان ومعدة الرئيس الفرنسي حين دعاه الرئيس السيسى على العشاء بعيدا عن المأدبة الرسمية، وكانت النتيجة انبهارا جديدا بالأكل المصرى الذى يعتبر رافدا مهما في الثقافة المصرية..


نجحت السلطة الشعبية المكونة من بابا غنوج والطحينة والباذنجان المخلل في الفوز على أصناف السلاطة الفرنسية، وخجلت سلطة نيسواز الفرنسية من نفسها أمام إعجاب ماكرون بالباذنجان المخلل، حتى المشويات "الشيش طاووق والطرب والكباب" كان لها طعم ومذاق مختلف في رحاب خان الخليلي.


إعجاب الرئيس الفرنسي بالمأكولات المصرية أدهش الحاضرين، خاصة بعد أن أستمع لنبذة مختصرة عن مكوناتها، وأعتقد أن ماكرون قال في نفسه ليتنى أعيش هنا شهورا وسنوات طويلة حتى أستمتع بهذا الزخم الحضاري، الذى جعله يلهث ليقتنص من ساعاته المحدودة ويقسمها بين عدة محطات، هذا هو الفارق بين مصر الحضارية وبين من يجرون العالم للهاوية.
Yousrielsaid@yahoo.com

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية