لكم عيدكم.. ولنا عيد!
بعد ساعات يتجه أكثر من 2 مليار مسلم إلى السماء بقلوبهم وعقولهم، بعيونهم وألسنتهم في كل بقاع الأرض بعد أن أرسلوا أكثر من 2 مليون مسلم إلى جبل عرفة في أطهر بقاع الأرض.. ينظر الله للواقفين على عرفة وينزل إلى سماء الدنيا، ويباهي بهم الملائكة ويقول: "انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا، ضَاحِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ... فَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ: أَيْ رَبِّ فِيهِمْ فُلَانٌ يَزْهُو وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ، يَقُولُ اللَّهُ: قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ".
فى مثل هذه الساعات يهفو قلبى الى هناك، ولم أكن أفهم مغزى دعاء سيدنا إبراهيم لله عز وجل حين أمره الله بترك إبنه اسماعيل وزوجته هاجر فى بقعة من الصحراء جرداء لا حياة فيها ولا ماء.. دعا سيدنا ابراهيم: "فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ"..
لم يقل بشرا ولا ناسا ولا مارة، ولكن قال أفئدة، يعنى قلوب، والقلوب تهوى وتعشق، يعنى لا مرور عادى، ولكن عشق وهوى وحب وغرام، وهكذا أدركت معنى وسبب مغادرة قلبى وروحى لجسدى ويذهبان ويحلقان إلى هناك في هذا التوقيت من كل عام..
في كل لحظة أستعيد فيها رؤيتى للكعبة أول مرة وقد أصيبت بحالة من الهذيان، ودخولى في مرحلة اللاوعى، والتحليق ما بين الأرض والسماء، خف الجسد وشف.. تباعدت الأصوات والأسماء والأشياء، تلاشت الأرض والحياة بكل ما فيها إلى هناك الذى لا أعرفه إلا من يد خفية أشعر بها ولا أراها تأخذ بى..
لم يكن معى فى هذه الرحلة التى لم أعرف زمانها ولا مكانها إلا لفظ الجلالة الله الذى لم ينقطع من داخلى إلى هذا الفضاء الذى لا أدركه..
لم أكن في حلقة ذكر بل كنت في معيته.. لم يكن لى أقدام ولكن أجنحة، لم يكن لى جسد لأشعر بماديتى ودونيتى، ولكن الروح تسبح في نور، أو النور يسبح في الروح، حالة لا تشبه الخدر فحسب ولا تشبه اللاوعى ولكن مزيج بين كل هذا وأشياء أخرى لا أدركها حتى الآن رغم مرور السنوات..
رحلة امتدت من صحن الكعبة ولم أعرف زمانها ولا مكانها، كنت متأرجحا بين هنا وهناك، ولا أتذكر إلا أخر كلمات جاءت لى من الأرض من بعيد من الصديق الكاتب الصحفى الكبير محمد أمين وهو يقول للصديق الكاتب الصحفى الكبير ثروت شلبى "هات إيدك فى إيدى"، لأكون بينهم، وأخر جملة سمعتها كانت "امسك كويس.. يسرى ح يضيع منا"..
وحين رجعت من هناك بدأ الجسد يعود لى وتدخله الروح بهدوء وتتثاقل الأقدام وأشعر بها كما تشعر بإنزال الطيار لعجل الطائرة وملامستها للأرض حين تبدأ في النزول، أشعر بالعرق يتصبب من كل جسدى، لكن ما زال لفظ الجلالة الخارج من داخلى يأخذ بيدى ويحتضننى، لأجدنى محاطا بقوة بين ذراعى محمد أمين وثروت شلبى التى لولاهما لكنت مدهوسا تحت أقدام الطائفين حول الكعبة!
حين أسترجع هذا المشهد ومعه مشهد جبل عرفة وقد تغطى بملابس الإحرام البيضاء لأكثر من 2 مليون حاج، وخلفهم 2 مليار مسلم تهفو قلوبهم معهم أشعر بحزن شديد وأنا أعيش حالة العجز الإنساني الأكبر، وأنا أتابع ما يحدث فى فلسطين عامة وغزة على وجه الخصوص.
• 2 مليار مسلم لا يستطيعون إنقاذ قبلتهم الأولى ومسجدهم الأقصى من دنس الصهاينة، 2 مليار مسلم لا يستطيعون إنقاذ 2.25 مليون مسلم من أكبر حرب إبادة تبث وقائعها على الهواء مباشرة في غزة طوال الـ 24 ساعة ومنذ 8 أكتوبر 2023.. العالم كله فقد انسانيته معنا!
• 2 مليار مسلم لا يتحركون لإنقاذ الأطفال والرضع والشيوخ والنساء من المحارق والمجازر وهدم المنازل على رؤوسهم.. العالم كله فقد انسانيته معنا!
• أكثر من 500 مليون عربى لا يتحركون لإنقاذ بلد عربى من الضياع للأبد، وهم فى الطريق ضحايا للمخطط الصهيونى بالتهام المنطقة كلها من المحيط إلى الخليج، ولو على مراحل لإقامة إسرائيل الكبرى، من النيل إلى الفرات.. العالم فقد انسانيته معنا!
سألت نفسي هل يحق لنا أن نحتفل بالعيد وكلنا يشاهد حمامات الدم في غزة وفلسطين وجبال الجثث في أكبر المقابر المفتوحة وأنقاض المبانى والأرض التى تبكى والشجر الذي يحترق والأطفال الذين يصرخون والنساء التى تلطم الخدود والشيوخ التى تذهب نظراتهم للسماء ولا تعود.. جاءت الاجابة من طفل صغير أشاح وجهه عنا وهو يبكى: لكم عيدكم ولنا..
لم يكمل جملته بعد أن إنفجر جسده وتحول إلى أشلاء من سيل الرصاص القادم من هناك!
yousrielsaid@yahoo.com
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
