رئيس التحرير
عصام كامل

معركة التضخم والفائدة.. اقتصاديون: التوازن بينهما يتطلب رؤية متكاملة تجمع بين السياسة النقدية المرنة والحلول الهيكلية الجريئة

معركة التضخم والفائدة،
معركة التضخم والفائدة، فيتو
18 حجم الخط

عادة ما ترتبط أسعار الفائدة بالتضخم بعلاقة عكسية، إذ يلجأ البنك المركزي إلى رفع الفائدة لكبح التضخم من خلال تقليل الطلب، والعكس فى حالة الركود، لكن ما شهدته مصر فى الآونة الأخيرة يمثل تحولًا لافتًا فى السياسات النقدية، حيث قام البنك المركزى المصرى بخفض الفائدة بنسبة إجمالية بلغت 3.25% خلال الاجتماعين الأخيرين، على الرغم من استمرار ارتفاع معدلات التضخم. هذا التوجه يُعطى إشارات إلى أن صانع القرار أصبح يُراهن على تنشيط الاقتصاد ودفع عجلة الإنتاج، بعد سنوات من التشديد النقدي، حتى وإن كان التضخم لا يزال فوق المستهدف، فالتضخم الحالى يُنظر إليه على أنه ناتج عن ارتفاع تكاليف الإنتاج وسعر الصرف Cost-push inflation، أكثر من كونه تضخمًا ناتجًا عن الطلب.

يرى خبراء الاقتصاد أن خفض الفائدة رغم التضخم يُعبر عن تحول فى أولويات السياسة النقدية، فيقول الدكتور على الإدريسى الخبير الاقتصادى: الحكومة تسعى إلى دعم القطاع الصناعى والاستثماري، الذى تضرر من ارتفاع تكلفة التمويل خلال السنوات الماضية، مضيفًا لـ “فيتو”: هذا التوجه ضرورى لكسر حالة الركود وتحفيز النمو وفى المقابل، هناك تحذيرات من أن التوسع فى التيسير النقدى قد يؤدى إلى استمرار معدلات التضخم المرتفعة لفترة أطول، خاصة فى ظل ضعف الإنتاج المحلى وارتفاع تكلفة الاستيراد.

“الإدريسي” أوضح أن تقليص التضخم لا يتوقف فقط على السياسة النقدية، حيث إن هناك مجموعة من الأدوات والسياسات التى يمكن للحكومة تبنيها، منها، تحفيز الإنتاج المحلي، خاصة فى القطاعات الحيوية مثل الزراعة والصناعات الغذائية، لتقليل الاعتماد على الواردات، وتحسين كفاءة منظومة الدعم، وتوجيهه للفئات الأكثر احتياجًا بشكل مباشر، والرقابة على الأسواق، ومكافحة الممارسات الاحتكارية التى تسهم فى رفع الأسعار، وتوفير الحوافز للمصنعين والمصدرين، من خلال تخفيف الأعباء الضريبية والجمركية، وتعزيز المنافسة الداخلية، بما يخلق بيئة تسعيرية عادلة للمستهلك، منوهًا إلى أن تراجع التضخم يمكن أن يتم من خلال عدة عوامل واضحة تتمثل فى السياسات النقدية المشددة، حيث طبق البنك المركزى  سياسات نقدية مشددة، بما فى ذلك رفع أسعار الفائدة، للحد من التضخم، واستقرار سعر الصرف، حيث ساهم استقرار سعر صرف الجنيه فى تقليل الضغوط التضخمية الناتجة عن ارتفاع أسعار الواردات، بجانب تحسن الإنتاج المحلي، فزيادة الإنتاج المحلى للسلع والخدمات ساعدت فى تلبية الطلب المحلى وتقليل الاعتماد على الواردات، مما ساهم فى خفض التضخم.

من جانبه قال الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادى: مصر أمام اختبار دقيق، يتمثل فى التوفيق بين مواجهة التضخم، وتنشيط الاقتصاد، دون الإخلال باستقرار الأسواق أو إثارة مخاوف المستثمرين، حيث إن نجاح هذا التوازن يتطلب رؤية اقتصادية متكاملة، تجمع بين السياسة النقدية المرنة، والحلول الهيكلية الجريئة، والتحرك السريع لتحفيز الإنتاج المحلي، كما إن كسر هذه العلاقة يتطلب مزيجًا من السياسات النقدية والمالية ومنها، التنسيق بين وزارة المالية والبنك المركزى لضبط الإنفاق وتحسين كفاءة الإيرادات العامة، وتبنى سياسات دعم إنتاجى موجهة بدلًا من الدعم الاستهلاكى الواسع، وتنشيط أدوات تمويل غير تقليدية مثل التمويل الموجه للصناعات التحويلية والمشروعات الصغيرة، وإصلاح سوق الصرف وتقليل التقلبات التى تؤثر على أسعار الواردات بشكل مباشر.

وأضاف “عبده” لـ فيتو: هذه الإجراءات تواجه تحديات ضخمة، داخلية وخارجية، أبرزها: الدين العام، سعر الصرف، والتزامات الدولة تجاه المؤسسات الدولية والمستثمرين، مشيرًا إلى أن التقديرات تشير إلى أن التضخم قد يشهد تباطؤًا تدريجيًا خلال النصف الثانى من 2025، إذا ما استقرت أسعار الصرف وتراجعت الضغوط على الاستيراد بالإضافة إلى أن الفائدة من المتوقع أن تظل فى مسار تنازلى محدود، لكن بحذر، وفقًا لمدى تحسن المؤشرات الأساسية للاقتصاد وبالنسبة للمواطن، فإن تحسن الأوضاع لن يكون فوريًا، بل يحتاج إلى وقت حتى ينعكس على الأسعار، وفرص العمل، ومستوى الدخل الحقيقي.

من جانبه يرى هانى أبو الفتوح الخبير الاقتصادي، أن الوضع الاقتصادى فى مصر خلال الفترة الأخيرة يستحق قراءة أعمق لفهم العلاقة بين التضخم وأسعار الفائدة، فقد ارتفع معدل التضخم إلى 13.9% فى أبريل 2025، بعد أن بلغ ذروته عند 39% فى 2023، وهو ما يعكس تقلبات ملحوظة فى أسعار المستهلكين، وعلى الرغم من جهود البنك المركزى  فى السيطرة من خلال تعديل أسعار الفائدة، فإن المواطن العادى ما يزال يشعر بارتفاع واضح فى تكاليف المعيشة، مضيفًا لـ فيتو: فى ضوء خفض الفائدة بنسبة 3.25% خلال الاجتماعين الأخيرين للبنك المركزي، فإن هذه الخطوة تحمل بعض المخاطر فى ظل استمرار الضغوط التضخمي، مشيرًا إلى أنه على الرغم من وجود مؤشرات إيجابية مثل ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج إلى 32.6 مليار دولار واستقرار سعر الصرف، ما يساهم فى تعزيز السيولة، إلا أن هذه القرارات قد تؤدى إلى عودة التضخم لمستويات مقلقة إذا لم تُواكبها إصلاحات إنتاجية حقيقية.

وأوضح أنه لا يمكن الاعتماد فقط على السياسة النقدية لخفض التضخم، فهناك حاجة ملحة لتحفيز الإنتاج المحلى وتخفيف الأعباء الضريبية بهدف زيادة المعروض وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وقد يكون توسيع نطاق الحوار الاقتصادى المجتمعى خطوة ضرورية للبحث عن حلول واقعية تركز على دعم قطاعات مثل الصناعة والزراعة.

وأكد أن التعامل مع العلاقة المعقدة بين التضخم والفائدة يتطلب مرونة فى السياسات النقدية والمالية، خاصة فى ظل الضغوط الداخلية والخارجية مثل التوترات الجيوسياسية، والبنك المركزى لديه القدرة على إدارة هذه التحديات إذا تبنّى نهجًا تدريجيًا مدروسًا مع مراقبة مستمرة للتطورات.

ويتوقع الخبير الاقتصادى أن ينخفض التضخم تدريجيًا إذا دعمت الحكومة الإنتاج بفاعلية، لكن الأهم بالنسبة لى كمواطن، هو الشعور الملموس بتحسن الأوضاع المعيشية الأيام المقبلة ستكون كاشفة لمدى فاعلية هذه السياسات.

ومن جانبه قال محمد فؤاد الخبير الاقتصادي، إن العلاقة بين الفائدة والتضخم خلال 2025 تتم بلورتها ضمن نموذج “التيسير المنضبط”، ورغم ارتفاع التضخم الأساسى إلى 10.4% فى أبريل، إلا أن البنك المركزى بدأ دورة خفض مدروسة للفائدة، مستفيدًا من فائض العائد الحقيقى (12% بعد خفض مايو)، واستقرار السوق الآجلة، وتباطؤ الائتمان، وهذا النمط أشبه بما قامت به البرازيل فى 2017، حين خفّضت الفائدة رغم تضخم مرحلى مرتفع، لاحتواء الركود وتحفيز العرض المحلي.

وأضاف فى تصريح خاص لـ فيتو، أن الخفض لا يتعارض مع استهداف التضخم، بل يدعمه على المدى المتوسط عبر تحفيز جانب العرض.

المركزى تحرّك ضمن سقف انضباطى واضح، إذ حافظ على فائدة حقيقية إيجابية ومقيدة، وهذا يعزز الثقة فى السياسة النقدية ويمنع التسييل العشوائي.

وأوضح أن الآليات المستخدمة لتحقيق هذا التوازن تشمل التواصل الصارم مع الأسواق لتأكيد التحرك التدريجى وعدم خفض الفائدة بشكل مفاجئ أو مفرط، وبالتالي، البنك المركزى لا يحل علاقة عكسية لأنها غير مطلقة من الأساس، وإنما يوازن بحذر بين دعم النشاط الاقتصادى وضمان استقرار الأسعار.

وأشار إلى أن التضخم مرشح للارتفاع نحو 15–16% صيفًا بسبب تعديلات الطاقة والنقل، قبل أن ينخفض تدريجيًا إلى 11–12% بنهاية العام القادم، حال استقرار الغذاء والطاقة.

وتوقع استمرار الفائدة فى التراجع التدريجي، مع مستهدف واضح أن تصل إلى 20% بنهاية 2025، وربما 19% فى سيناريو أكثر تفاؤلًا، بفرض استمرار استقرار سعر الصرف وتحسن الجدارة التمويلية.

ويرى الخبير الاقتصادى أن الانعكاس على المواطن سيكون محسوسًا تدريجيًا عبر تقليص كلفة الاقتراض الخاص بالتمويل العقارى والاستهلاكى وتحسن تدريجى فى العرض السلعى إذا تم ربط الخفض النقدى بتحفيز حقيقى للإنتاج المحلي.

ومن جانبه قال أحمد معطي، الخبير الاقتصادي، إن تخفيض الفائدة هاما للغاية فى دعم الاقتصاد المصرى كونه يؤدى إلى تقليل تكلفة تمويل الشركات وديون الموازنة، وبالتالى فالأمر يهم الطرفين سواء القطاع الخاص أو الحكومى ويشجع القطاع الخاص ويبدأ فى زيادة الاستثمارات.

وأضاف فى تصريح خاص لـ “فيتو”، أن انخفاض الفائدة يساهم على المدى الطويل فى خفض التضخم تدريجيًا.

وأكد أن الحكومة تعمل على العديد من الحلول لخفض التضخم خلال الفترة المقبلة، فى ظل تبنى سياسة التخفيف النقدى لتحفيز الصناعة وزيادة الإنتاج، ولعل أهمها تشجيع الاستثمار الخاص المصرى والأجنبي، وتوطين الصناعات وبدأت النتائج تظهر بالفعل من خلال افتتاح مصانع بشكل يومى تقريبًا، ولعل أبرزها توطين صناعة السيارات بنسبة 50% من المواد الخام المصرية تدخل فى هذه الصناعة بخلاف التجميع، وهذا يعد خطوة هامة جدا فى البداية بعدما كنا نستورد السيارات مصنعة فى الخارج أصبح تصنيعها فى مصر ويتم دفع الضرائب داخل البلد بجانب توظيف عمالة مصرية.

وتوقع الخبير الاقتصادى انخفاض التضخم والفائدة خلال هذا العام، مشيرًا إلى أنه من الممكن تخفيض الفائدة 3% مرة أخرى بنهاية 2025، والتضخم سيكون فى منطقة الأمان التى نحن فيها 13.9% فلن يرتفع أو ينخفض بصورة كبيرة خلال الفترة القليلة المقبلة فسيكون ما بين 11% إلى 15% تقريبًا، وذلك نتيجة وجود استقرار فى سعر الصرف بشكل ملحوظ

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية