أعظم أيام الدنيا، كل ما تريد معرفته عن فضل العشر الأوائل من ذي الحجة.. أفضل الأعمال المستحبة فيها.. حكم صيامها وأحكام خاصة لضيوف الرحمن.. وآداب واجبة لمن أراد الأضحية
لا تأتي الأيام متشابهة في ميزان السماء، فثمة مواسم اصطفاها الله من بين سائر الأيام، واختصها بفضل لا يُدركه إلا من أقبل عليها بقلبه وجوارحه، ومن بين تلك المواسم، تبرز العشر الأوائل من ذي الحجة، التي ما أن يُعلن هلالها، حتى تُنادي الأرواح المؤمنة من أعماقها: ها قد أقبلت أعظم أيام الدنيا، فماذا أعددت لها؟
فهي أيام عظَّم الله شأنها، ورفع منزلتها، وأقسم بها في محكم التنزيل بقوله: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ}، وقال عنها نبي الهدى صلى الله عليه وسلم: "ما من أيامٍ العملُ الصالحُ فيها أحبُّ إلى اللهِ من هذه الأيام".
وقد اجتمع لها من الفضائل ما لم يجتمع لغيرها: ففيها يوم التروية، ويوم عرفة، أعظم أيام الدنيا، وفيها يوم النحر، ويجتمع فيها أمهات العبادات من صلاة، وصيام، وصدقة، وحج.
في هذا التحقيق، نُسلّط الضوء على كنز إيماني ثمين ربما غفل عنه كثيرون، نستعرض فيه الأحكام المتعلقة بفضل العشر الأوائل من ذي الحجة كما وردت في نصوص الكتاب والسنة، ونقف عند الأعمال المستحبة فيها، لا سيما الصيام، الذي له في هذه الأيام منزلة رفيعة، خاصة صيام يوم عرفة، الذي يُكفّر ذنوب سنتين، طبقا لما أوضحته دار الإفتاء ومجمع البحوث الإسلامية، وذلك على النحو التالي:
فضل العشر الأوائل من ذي الحجة
قال تعالى: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1-2]، وقد ذهب كثير من المفسرين إلى أن هذه الليالي هي العشر من ذي الحجة، والتي يتعلق بها العديد من الأحكام والآداب والفضائل، ومنها:
أنها أيام شريفة ومفضلة، يضاعف العمل فيها، ويستحب فيها الاجتهاد في العبادة، وزيادة عمل الخير والبر بشتى أنواعه، فالعمل الصالح في هذه الأيام أفضل من العمل الصالح فيما سواها من باقي أيام السنة، فقد روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ» يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ». أخرجه أبو داود وابن ماجه وغيرهما.

الأعمال المستحبة في العشر الأوائل من ذي الحجة
ومن جانبها، قالت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف: إن من الأعمال المستحبة في هذه الأيام هي "الحج والعمرة، بر الوالدين، صلة الأرحام، التوبة والاستغفار، قراءة القرآن، الأضحية، والصدقة، الصلاة لوقتها".
وأوضحت اللجنة أن الْعَشر الأُوَل من ذي الحجة أيام مباركات، لها فضل عظيم، ففيها تَكْثُرُ الخيرات، وتتضاعف الحسنات، ويستحب فيها الإكثار من الطاعات، أقسم ربنا بها في كتابه؛ وذلك لعظم شأنها، وتنويهًا لفضلها؛ لأنه لا يقسم إلا بشيء عظيم، فقال -عَزَّ من قائل-: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1، 2]، رُوِيَ عَنِ سيدنا عبد الله بْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: أَنَّهَا الْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ. وَهُوَ قَوْل مُجَاهِد وَقَتَادَة وَالضَّحَّاك وَالسُّدِّيّ وَالْكَلْبِيّ. تفسير القرطبي (20/ 39).

وأضافت أنه في هذه العشر يوم عرفة الذي أكمل الله فيه الملة، وأتم به النعمة، يمتن الله فيه على العباد، فيعتق رقابهم فيه من النار، ويباهي بهم ملائكته، فقال -صلى الله عليه وسلم-: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ» رواه مسلم (2/ 982)، ويستحب كثرة الدعاء فيه، قال صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ». رواه الترمذي (5/ 572).
حكم صيام الأيام الثمانية الأولى من ذي الحجة
يستحب صيام الأيام الثمانية الأولى من ذي الحجة ليس لأن صومها سنة، ولكن لاستحباب العمل الصالح بصفة عامة في هذه الأيام، والصوم من الأعمال الصالحة، وإن كان لم يرد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صوم هذه الأيام بخصوصها، ولا الحث على الصيام بخصوصه في هذه الأيام، وإنما هو من جملة العمل الصالح الذي حث النبي صلى الله عليه وآله وسلم على فعله في هذه الأيام كما مر في حديث ابن عباس.

حكم صيام يوم عرفة
صوم يوم عرفة سنة فعلية فعلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقولية حث عليها في كلامه الصحيح المرفوع؛ فقد روى أبو قتادة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» أخرجه مسلم، فيسن صوم يوم عرفة لغير الحاج، وهو: اليوم التاسع من ذي الحجة، وصومه يكفر سنتين: سنة ماضية، وسنة مستقبلة كما ورد بالحديث.
حكم صيام يوم عرفة للحاج
أما بالنسبة للحاج فقد ذهب جمهور الفقهاء -المالكية والشافعية والحنابلة- إلى عدم استحباب صوم يوم عرفة للحاج ولو كان قويًّا، وصومه مكروه له عند المالكية والحنابلة وخلاف الأَولى عند الشافعية؛ لما روت أُمُّ الْفَضْلِ بِنْتُ الْحَارِثِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهَا أَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحِ لَبَنٍ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ بِعَرَفَةَ فَشَرِبَ. أخرجه البخاري.
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ حَجَّ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرَ، ثُمَّ عُثْمَانَ، فَلَمْ يَصُمْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ. أخرجه الترمذي.

الحكمة في كراهة صيام يوم عرفة للحاج
الحكمة في كراهة صوم يوم عرفة للحاج، قيل: لأنه يضعفه عن الوقوف والدعاء، فكان تركه أفضل، وقيل: لأنهم أضياف الله وزواره.
وقال الشافعية: ويسن فطره للمسافر والمريض مطلقًا، وقالوا: يسن صومه لحاج لم يصل عرفة إلا ليلًا؛ لفقد العلة.
وذهب الحنفية إلى استحبابه للحاج -أيضًا- إذا لم يُضعِفه عن الوقوف بعرفات ولم يخلَّ بالدعوات، فلو أضعفه كُره له الصوم.
حكم صيام يوم العاشر من ذي الحجة
يحرم باتفاقٍ صيام يوم العاشر من ذي الحجة؛ لأنه يوم عيد الأضحى، فيحرم صوم يوم عيد الفطر، ويوم عيد الأضحى، وأيام التشريق، وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر؛ وذلك لأن هذه الأيام منع صومها؛ لحديث أبي سعيد رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ؛ يَوْمِ الْفِطْرِ، وَيَوْمِ النَّحْرِ" رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
وحديث نبيشة الهذلي رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ للهِ» أخرجه مسلم في "صحيحه".

من الآداب الواردة في عشر ذي الحجة لمن يعزم على الأضحية
من الآداب في عشر ذي الحجة لمن يعزم على الأضحية: ألا يمس شعره ولا بشره؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه" عن أم سلمة رضي الله عنها.
والمراد بالنهي عن أخذ الظفر والشعر: النهي عن إزالة الظفر بقَلْم أو كَسْر أو غيره، والمنع من إزالة الشعر بحلق أو تقصير أو نتف أو إحراق، أو أخذه بنورة أو غير ذلك، وسواء شعر الإبط والشارب والعانة والرأس وغير ذلك من شعور بدنه، والنهي عن ذلك كله محمول على كراهة التنزيه وليس بحرام.
والحكمة في النهي: أن يبقى كامل الأجزاء ليعتق من النار، والتشبه بالمحرم في شيء من آدابه، وإلا فإن المضحي لا يعتزل النساء ولا يترك الطيب واللباس وغير ذلك مما يتركه المحرم.
وتبين لنا مما سبق فضل العمل الصالح في الأيام العشر الأولى من ذي الحجة، واستحباب صيام الأيام الثمانية الأولى؛ لأن الصوم من جملة العمل الصالح، وسنية صوم يوم عرفة، وحرمة صوم يوم العاشر، وهو يوم العيد.
ويتضح لنا عدم دقة عبارة صيام العشر من ذي الحجة؛ لاشتمالها على ما يحرم صومه وهو يوم العيد.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
