الفائز بـ «البوكر العربية»: دور النشر تجاهلت «صلاة القلق» ولم «تعبرني» أصلا.. ولاأحد كتب عنها سوى الشريف.. و«الشللية» آفة النقد الأدبى بمصر ( حوار )
>> مقارنتى ببهاء طاهر غير معقولة
>> عدم فوز رواية مصرية بالبوكر طوال 16 عامًا لا يعنى أننا لم نقدم روايات جيدة
>> لا يشغلني من يقرأ أو ينشر لى العمل أو متى أنشره
>> من الممكن أن يستغرق النص الذى أعمل عليه 3 أو 4 سنوات
>> أحداث صلاة القلق تدور منذ 50 عاما فقط وهى ليست تاريخية
>> الوضع العام للنقد الأدبى فى مصر ليس جيدا
>> بعض دور النشر اعتذرت لى عن عدم قبول الرواية
تمكن الكاتب محمد سمير ندا مؤخرا من حصد جائزة البوكر العربية لعام 2025، عن روايته "صلاة القلق" بعد غياب مصرى عن الجائزة استمر 16 عاما منذ فوز الكاتب يوسف زيدان بها عام 2009.
منافسة قوية خاضها محمد سمير ندا مع عدد من الأعمال المميزة لنخبة من الكتاب من مختلف الدول العربية، قبل أن يتمكن من حصد الجائزة،
وقالت لجنة التحكيم فى حيثيات فوز الرواية: إنها نجحت فى تحويل القلق إلى تجربة جمالية وفكرية، يتردد صداها فى نفس القارئ وتوقظه على أسئلة وجودية ملحّة.
وأشارت إلى أن الروائى المصرى نجح فى المزج بين تعدد الأصوات والسرد الرمزى بلغة شعرية آسرة، تجعل من القراءة تجربة حسية يتقاطع فيها البوح مع الصمت، والحقيقة مع الوهم.
ولد محمد سمير ندا في بغداد عام 1978، في ظل بيئة ثقافية ثرية وأجواء مشحونة بتحديات سياسية وحربية. والداه كانا من رموز الثقافة والعمل الأدبي.
فوالده هو الأديب المصري الراحل سمير ندا، الذي تألق في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي بأعمال أدبية ومسرحية متميزة، ووالدته كانت مسؤولة ثقافية حكومية.
وانتقلت العائلة بين بغداد وطرابلس والقاهرة، حيث تأثرت طفولته بالتحولات الاجتماعية والسياسية التي عايشها، ما زرع في وجدانه اهتمامًا خاصًا بالقضايا الإنسانية والهوية العربية.
ورغم تخصصه في مجال التجارة وعمله في القطاع السياحي، لم تتوقف أحلام محمد سمير ندا الأدبية.
بدأ "ندا" الكتابة مبكرًا، لكنه انتظر حتى عام 2016 لإصدار روايته الأولى "مملكة مليكة"، التي تناولت رحلة البحث عن الماضي واكتشاف الذات.
وفي روايته الثانية "بوح الجدران"، التي صدرت عام 2021، أعاد ندا بناء جزء من ذاكرة طفولته في بغداد، ممزجًا بين الواقع والخيال.
روايته الثالثة، "صلاة القلق"، التي حصدت جائزة البوكر، تُعد من أبرز أعماله، وتناولت تداعيات نكسة يونيو 1967 وتأثيرها على الأجيال اللاحقة. وبأسلوب سردي شفاف، استعرض ندا ما بين فقدان الهوية والأمل في استعادة الكرامة.
و تدور أحداث الرواية حول قريةٌ مزروعةُ في النسيان، يهزّ أديمها انفجارٌ غامضٌ لجسمٍ مجهولٍ سنة 1977، فتتحوّل فجأةً إلى عُلبةٍ مُحكمةِ الغلق يعيش فيها كلّ قروي ملحمته الخاصة: المتمرّدون المضطهدون يطلبون الحريّة والطغاة، المستبدون يُحكمون قبضاتهم على الأرواح والأعناق، لكنّ خيط السّرد لا يتقدّم إلّا ليعود بنا إلى الوراء، فتُلقي الرواية الضوء على عشريّةٍ قاسية تمتد من نكسة يونيو سنة 1967 إلى لحظة وقوع الانفجار وانقلاب وجوه القروتين إلى سلاحف، حدثٌ واحدٌ في "النجع" ترويه ثماني شخصيّات مختلفة، تُشكّل مروياتها فسيفساء الحكاية تشكيلًا ساحرًا، أمّا قاع الرواية فمساءلة سرديّة للنّكسة وما تلاها من أوهام بالسيادة والنصر.
الرواية ليست مجرد حكاية عن النكسة، بل هي محاولة لفهم الذات وسط عالم مضطرب، ما جعلها تحظى بإشادة واسعة من النقاد والقراء على حد سواء.
والبيئة الأدبية التي ترعرع فيها محمد سمير ندا كان لها تأثير واضح في تشكيل رؤيته ككاتب. فقد عايش نجاحات والده، كما تأثر بمحنته في مواجهة القيود السياسية.
ومن خلال رواياته، أثبت ندا قدرة فريدة على المزج بين القضايا الكبرى والقصص الإنسانية البسيطة، وهو ما جعله واحدًا من أبرز الكتاب في العالم العربي.
ووصلت إلى القائمة القصيرة لدورة عام 2025، بالإضافة إلى رواية صلاة القلق للكاتب محمد سمير ندا، روايات لأحمد فال الدين (موريتانيا)، وأزهر جرجيس (العراق)، وتيسير خلف (سوريا)، وحنين الصايغ (لبنان)، ونادية النجار (الإمارات).
وجرى اختيار الرواية الفائزة من قبل لجنة تحكيم مكونة من 5 أعضاء، برئاسة الأكاديمية والباحثة المصرية منى بيكر، وعضوية كل من بلال الأرفه لي، أكاديمي وباحث لبناني، وسامبسا بلتونن، مترجم فنلندي، وسعيد بنكراد، أكاديمي وناقد مغربي، ومريم الهاشمي، ناقدة وأكاديمية إماراتية.
وتهدف الجائزة إلى مكافأة التميّز في الأدب العربي المعاصر، ورفع مستوى الإقبال على قراءة هذا الأدب عالميًا من خلال ترجمة الروايات الفائزة والتي وصلت إلى القائمة القصيرة والطويلة إلى لغات رئيسية أخرى ونشرها.
"فيتو" حاورت صاحب البوكر العربية الكاتب محمد سمير ندا، حيث تطرق الحوار للعديد من الكواليس التى صاحبت خروج الرواية للنور وفوزها بالجائزة الرفيعة، والعديد من ردود الفعل التى أعقبت ذلك.. وإلى نص الحوار:

*بداية.. غياب مصرى عن منصات تتويج البوكر العربية استمر 16 عاما.. ما سبب ذلك من وجهة نظرك؟
دعنى أصارحك أن عدم فوز رواية مصرية طوال هذه السنوات لا يعنى مطلقا أننا لم نقدم روايات جيدة وتستحق بالتأكيد، فهذا الغياب لا يعد انتقاصا من الرواية المصرية، لكن فى الحقيقة لا ينقصنا الا الاهتمام بشكل أكبر بالتحرير والكتابة ذاتها وليس شيئ آخر.
*العديد من الصعوبات واجهت خروج روايتك "صلاة القلق" للنور.. اكشف لنا كواليس ذلك؟
فى الحقيقة، لا أريد وصف ما جرى بكونه "صعوبات" ولا أرغب فى الحديث بلهجة تحمل نوعا من المظلومية أو حتى أسلوب أمير الانتقام والتحدى بعدما فازت روايتى التى رفضتها عدد من دور النشر بجائزة البوكر العربية.
لكن كل ما جرى يمكننى وصفه بأنه كان سوء توفيق فى نشر الرواية ليس أكثر من ذلك، وبالحديث بالمنطق وفى منتهى الهدوء أنا لست كاتبا كبيرا ولست اسما كبيرا فى عالم الرواية حتى تتهافت دور النشر على نشر روايتي، وعندما لا تكون كاتبا كبيرا له جمهور عريض من حق دار النشر أن تقوم بحساباتها وتفكر قبل أخذ المغامرة ونشر رواية لكاتب مغمور.
وبنفس المنطق أيضا، دور النشر العربية لها حسابات أخرى بالتأكيد وهى كونك كاتبا مصريا فهو يفكر عندما يقوم بطرح الرواية أو الكتاب فى مصر فماذا سيكون سعرها فى السوق المصرية، وهل ستكون هناك دور نشر مصرية مهتمة بتقديم طبعة مصرية من الرواية، وكل ذلك حسابات أيضا مع مراعاة فكرة كونك كاتبا غير معروف.

*إذن.. ما ردك على بعض الأقاويل التى تحدثت عن رفض الرواية لأسباب رقابية؟
قول واحد وبمنتهى الصراحة، الرواية لم تمنع لأسباب رقابية ولم يحدث ذلك مطلقا فهى تباع الآن فى العالم العربى كله بدون أى ملاحظات رقابية مطلقا.
وما كنت اشتكى منه فقط فى تعامل دور النشر مع الرواية عند عرضها عليهم، هى فكرة أن تقوم بإرسال الرواية لدور نشر سواء مصرية أو عربية وهذا جرى بالفعل فقد أرسلتها لستة دور نشر ثلاث منها مصرية وثلاث عربية، والأزمة كانت تتمثل لدى فى فكرة عدم الرد على ما أرسلته للدار بالأساس سواء بالقبول أو الرفض وهذا ما حدث.
البعض اعتذر لى عن عدم قبولها ولكن البعض الآخر لم "يعبرني" بالرد أصلا، ووصلت لمرحلة أنى قلت لنفسى عندما يكون الرد بالرفض أو عدم الاهتمام بالرد أصلا فأكيد "العيب مش فيهم العيب عندى أنا.. يوجد كتاب كتير مثلي وأكبر منى كمان وأقل احترام لهم أنك كناشر تهتم وترد على الكاتب حتى لو كان أول مرة يكتب.. لماذا نخسر كتابنا ونكسرهم بهذه الطريقة".

*صنف الكثير من النقاد "صلاة القلق" بأنها رواية تاريخية.. ما رأيك فى مقولة أن أسهل طريقة للوصول للقراء هو الهروب لعالم التاريخ؟
عندما أكتب لا أحسب تماما ما ستصل إليه الرواية من قاعدة جماهيرية أو إلى أعداد القراء أو المتابعين، أنا أكتب لأن متعتى الكتابة فلا يشغل بالى مطلقا عندما أقوم بالكتابة من سيقرأ لى أو من سينشر لى العمل أو متى أنشره، فمن الممكن أن يستغرق النص الذى أعمل عليه 3 أو 4 سنوات وهذا حدث بالفعل، فى وجهة نظرى أن احترامى للقارئ يكمن فى تقديم وكتابة شيء له قيمة يؤثر فيمن يقرأه من جمهور.
أما بخصوص روايتى "صلاة القلق" فهى ليست تاريخية فى اعتقادي، على الرغم من تصنيف الكثيرين لها على أنها تنتمى للتاريخ، لكن أحداثها من 50 عاما فقط وليس تاريخا بعيدا.
*بعد فوزك بجائزة البوكر العربية بدأ الحديث فى الأوساط الثقافية عن مقارنتك بالكاتب الراحل بهاء طاهر والروائى يوسف زيدان.. كيف استقبلت هذه المقارنة؟
هذه المقارنة ليست من المعقول إطلاقا، وإذا تشاركت أو اقترن اسمى بالأساتذة بهاء طاهر ويوسف زيدان فهما قد فازا بنفس الجائزة ليس إلا، أما مسألة مقارنتى معهما فمن المستحيل أن تحدث قبل مرور 20 عاما مثلا على تجربتى حتى نتحدث عن مقارنتى بهما.
الموضوع كله من وجهة نظرى أن الأستاذ بهاء طاهر والأستاذ يوسف زيدان دونا على مدار مسيرتهما الكبيرة نصوصا رائعة وأنا كتبت نصا جيدا فقط فحققت جائزة حصلا عليها من قبل لا يزيد الأمر على ذلك أو ينقص.
*انتقدت فى العديد من التصريحات حال النقد الأدبى فى مصر حاليا.. برأيك ما سبب تراجع قوة النقد خلال السنوات الأخيرة؟
بكل صراحة، أزمة النقد الأدبى فى مصر هى الدوائر المغلقة والشللية، هناك بالفعل نقاد فى منتهى الحيادية، لكن هناك آخرين يكون لهم توجهات معينة، هناك نقاد يقومون بالكتابة عن أى نص جيد والبعض يكتب لأصدقائه والمقربين منه فقط.
أقولها دائما: أنا ضد نظرية التعميم فى الأمور هناك نقد محترم للغاية وبناء، لكن الوضع العام للنقد الأدبى فى مصر ليس جيدا.

*ألا تخشى أن يؤثر رأيك عن حال النقد الأدبى فى إحجام الكثير من النقاد عن الكتابة عن أعمالك وتناولها بموضوعية مستقبلا ؟
أنا أصرح برأيى فى أزمة واضحة كلنا شركاء فيها، أما بخصوص امتعاض بعض النقاد من رأيى فهم أحرار سواء رغبوا فى الكتابة عن أعمالى أو لا، وأخبرك على سبيل المثال أن روايتى "صلاة القلق" صدرت قبل قرابة العشرة أشهر من فوزها بجائزة البوكر ولم يكتب عنها طوال هذه الفترة من النقاد سوى الكاتب الصحفى والناقد أحمد إبراهيم الشريف فقط، طوال هذه الفترة لم يلتفت أحد من النقاد إليها.
وقلتها قبل ذلك أن أى ناقد أو صحفى سيطلب منى الرواية للكتابة عنها سأهديها له على الفور، لكن عندما أقوم بإرسال العمل للناقد على سبيل المثال ثم يتجاهلنى فهذا يجبرنى على عدم إرسال عمل له مرة أخرى، لا أقول أنى سأقاطع النقاد لكن لن أتطوع لإرسال عمل لى لأحد.
*حدثنا عن طقوسك فى الكتابة خاصة مع ما يتردد عن عزلتك أثناء تدوين أى عمل جديد لك؟
فى الحقيقة أنا شخص يحب الهدوء تماما عند بدئى فى تدوين أى رواية جديدة لي، من الممكن أن أستمع لكوكب الشرق أم كلثوم وعبد الحليم حافظ ومحمد فؤاد فى فواصل بين الكتابة هذه طقوسي، ولا أقول إن هذه الطقوس سبب أى نجاح، لكن هذا الموضوع به مدارس عديدة، فهناك بعض الكتاب الكبار يحبون الكتابة على المقهى على سبيل المثال ويقدمون إنتاجات رائعة وأعمال خالدة، كل كاتب له طقوس وأسلوب وعالم خاص.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
