رئيس التحرير
عصام كامل

إسرائيل تحاول الهروب للأمام!

 أعتقد أن إسرائيل تحاول الآن الهروب للأمام على عكس ما يعتقد البعض.. أقصد الخروج بالحرب من الداخل إلى الخارج بتوسعة نطاق الحرب لتكون إقليمية في مرحلة أولى لتضمن التدخل المباشر للبيت الأبيض وحلفائه، لإنقاذها من المأزق الداخلي والمستنقع الذي غاصت فيه في غزة، وفي مرحلة ثانية قد تسعى لتطوير الحرب الإقليمية إلى حرب عالمية ولو محدودة حتى ترسخ استمرار الهيمنة الأمريكية والقطب الواحد مستغلة انشغال روسيا بحربها في أوكرانيا.

Advertisements


والسبب أن حرب غزة التي أمتدت لأكثر من 6 أشهر وما زالت مستمرة أصبحت تشكل أكبر حرب استنزاف لإسرائيل عسكريا واقتصاديا وبشريا منذ قيامها، بل وأكبر حرب خاضتها إسرائيل زمنيا في مواجهتها مع العرب منذ قيامها، وسببت لها هزيمة سياسية دولية على كافة الأصعدة وفي مقدمتها الشعور الشعبي الغاضب ضدها في العديد من دول العالم، ولم تنفع معها الدعاية الصهيونية وترويج الأكاذيب مع البث المباشر على الهواء للمجازر وحرب الإبادة التي تقوم بها ضد شعب أعزل.
 

وإذا كانت حروب المدن محسومة دائما لصاحب الأرض حتى وإن ارتفعت الخسائر للحد الذي يوحي بعكس النتيجة المعروفة.. المهم ما أعتقده من سعى إسرائيل للهروب للأمام قد يدعمه عدة تحركات وتوجهات على الساحة الآن..

 

منها أولا: محاولة لم الكرامة المبعثرة وتضميد الهيبة المجروحة للكيان العسكري الإسرائيلي في حرب غزة بل والكيان الصهيوني بأكمله، باختراق حماس والجهاد وباقي فصائل المقاومة للمستوطنات وللكيان الصهيوني في عقر داره يوم 7 أكتوبر الماضي، ردا على أفعال إسرائيل في غزة منذ سنوات.


يعنى أثبت مقاتلي حماس وهم وزيف الموساد والجيش الذي لا يقهر، والأسوار العالية وأنظمة المراقبة والرادارات.. إلخ من وسائل حماية أسقطها مقاتلون لا يملكون ما يملكه الكيان الصهيوني من قوة وتقدم!


ثانيا: عدم تحقيق الكيان الصهيوني نصرا عسكريا كبيرا في غزة فضلا عن الخسائر في جنوده ليسوقه للداخل مبررا هجومه على غزة منذ 7 أكتوبر الماضي.


ثالثا: حجم المعارضة الشعبية التي تواجهها حكومة الكيان والتى وصلت للمطالبة بانتخابات مبكرة لإبعاد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من الحكم، لفشله في الحرب وعدم تحقيق النصر الذي وعد به، ولعدم إعادة الرهائن المخطوفين حتى الآن بالتفاوض أو بالقوة بل ومقتل البعض منهم أثناء العمليات العسكرية الإسرائيلية أي ماتوا بنيران نتنياهو!

 

استفزاز إيران 

لذلك أظن أن إسرائيل تسعى للخروج  من المأزق إلى الهروب للأمام بتوسعة الحرب الداخلية إلى حرب إقليمية بجر شكل كيانات ودول خارج حدودها.. البداية طبعا مع المناوشات مع حزب الله المستمرة منذ 7 أكتوبر الماضي والتسريبات بل والتصريحات بأن الأيام القادمة ستشهد توسعة للمواجهة مع حزب الله.. 

 

وقد يدعم هذا التوجه إنسحاب 3 ألوية إسرائيلية من جنوب غزة، فهل الانسحاب يعنى توجيهها إلى الحدود اللبنانية تمهيدا للحرب المنتظرة مع حزب الله؟!


الأمر المهم الذي يدعم وجهة نظري محاولة جر إيران بشكل مباشر للحرب المنتظرة بدلا من حروب الوكالة التي يقوم بها حزب الله والحوثيين والجماعات المسلحة في العراق لصالح إيران كما تزعم إسرائيل.


وتجلى الأمر واضحا في ضرب القنصلية الإيرانية في دمشق وقتل مجموعة من العسكريين الإيرانيين فيها ضاربة بذلك كل الأعراف والقوانين الدولية، بحرمة السفارات والمنظمات الدولية والتي تصل لعدم قدرة الدولة المضيفة نفسها للدخول إليها أصلا، باعتبارها أراضي أجنبية ومحمية بالقوانين الدولية.. 

حتى لو طردت السفير والدبلوماسيين، فما بالك بهجوم مسلح مخترق سيادة سوريا ثم الاعتداء على أرض إيرانية ممثلة في القنصلية طبقا للقوانين الدولية بأن السفارات والقنصليات أرضا لبلادها خارج حدود الوطن.


والهدف طبعا استفزاز إيران للرد وهذا حقها ما دام المجتمع الدولي لم يحم المشروعية الدبلوماسية لها.. وطبعا إيران في مأزق فإما أن تصمت أو ترد ببعض التصريحات اللازمة للاستهلاك المحلي، وإما أن ترد عسكريا فتحقق الهدف الإسرائيلي بجرها إلى حرب إقليمية تخسر فيها ما حققته في السنوات الماضية وفي المقدمة المشروع النووي، وإما أن تستمر في التصعيد من خلال حزب الله وحماس الحوثيين والجماعات المسلحة العراقية.


لكن الكلفة الكبيرة سيدفع ثمنها الشعوب اللبنانية واليمنية والعراقية والفلسطينية طبعا وهذا ما تريده أيضا إسرائيل. والسؤال هل تنجح إسرائيل بالقيام بدور الفأر المشتعل ذيله والمطلوب في حقول القمح والذرة والقطن ليقوم بحرق المنطقة كلها؟

 

دولة فلسطين

 وطبعا سيناريو الحرب الإقليمية التي تسعى إسرائيل إلى جر المنطقة كلها قد يمتد ليصبح حربا عالمية ثالثة قد لا تبقى ولا تذر أي لا تترك عظما ولا لحما ولا دما إلا أحرقته.. الهدف منها الخروج كما تتصور قائدة للمنطقة ومهيمنة على اقتصادياتها من جهة والقضاء على مراكز المقاومة لها للابد.. 

 

وطبعا لا تدرك إسرائيل أن هذه النار التي تحاول إشعالها ستكون هي أول المحترقين بها، وأظن أن البيت الأبيض سيكون سعيدا بهذه الحرب لإعادة الهيمنة الأمريكية على المنطقة، في ظل غياب الدب الروسي وانشغاله بحربه في أوكرانيا، لكن السؤال هل وضع الكاوبوي الأمريكي في حسابه التنين الصيني الذي يراقب عن بعد حتى يفاجأ الجميع به؟
 

 

والمهم هل ستسفر هذه الحرب التي ستدمر الجميع عن تشكيل العالم الجديد أم سيرسخ من عالم القطب الأمريكي الواحد كما تريد إسرائيل وأمريكا ولو على جثث الجميع! أعتقد أن حرب غزة رغم كل هذا الخراب والدمار هي بداية الطريق إلى دولة فلسطين..
yousrielsaid @ yahoo.Com

الجريدة الرسمية