رئيس التحرير
عصام كامل

مسلسلات تثير الجدل والقرف؟!

بعد انتهاء شهر رمضان الفضيل الذي أراده الله لتهذيب النفوس وترويضها على التقوى والعمل الصالح والإحساس بآلام الفقير ومعاناة المحروم يحق لنا أن نتساءل: هل حققت دراما رمضان على كثرتها شيئًا من تلك الغايات النبيلة التي تبني المجتمعات وتصون القيم وتنمي مكارم الأخلاق.. وإذا كانت الإجابة بالنفي.. فما الذي أراده صناع الدراما من مسلسلات كثيرة العدد، قليلة النفع؟

فهذا مسلسل يروج لنموذج يستمرئ الفاحشة ﻷﻥ ﺃﻣﻬﺎ ﻣﺮﻳﻀﺔ ﺃﻭ ﻷﻥ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺩﻓﻌﺘﻬﺎ ﻟﺬﻟﻚ.. ومسلسل آخر يقدم امرأة ﺗﺨﻮﻥ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﻷﻧﻪ ﺃﻛﺒﺮ منها ﺳﻨﺎً، ﺃﻭ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺰﻭﺟته ﻏﺼﺒﺎً عنها.. وأخرى ﺗﻌﺼﻲ ﻭﺍﻟﺪﻳﻬﺎ ﻭﺗﻬﺮﺏ ﻣﻊ ﻋﺸﻴﻘﻬﺎ ﻷﻥ ﺍﻟﺤﺐ ﺃﻗﻮﻯ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ.. وتلك ﺗﺨﺘﻠﻲ ﺑﺤﺒﻴﺒﻬﺎ ﺩﻭﻥ ﻋﻠﻢ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﻭﺗﺴﻠﻤﻪ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻟﻪ ﺪﻭﻥ ﺯﻭﺍﺝ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺜﻖ ﺑﻪ.. وذاك يعق أباه لأنه ﻟﻢ ﻳﻬﺘﻢ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺻﻐﺮﻩ..

Advertisements

إحذروا الدراما الخادشة للحياء

فإذا اجتمعت كل هذه النفايات البشرية في مسلسلات شتى تعرض على الشاشات في وقت واحد.. فماذا يفعل شباب ضاقت أمامه سبل العيش بما يعانيه من بطالة أو تدنى في الأجور والقوة الشرائية وانخفض في عينيه منسوب الأمل تحت وطأة الغلاء الفاحش وصعوبات الحياة التي لا ترحم؟ وماذا أراد صناع الدراما بشبابنا وأطفالنا الذين يعتادون رؤية هذه النماذج المنحطة إلا أن يتماهوا مع الخطايا ولا يجدون غضاضة في ارتكابها لكثرة ما تعرضه الدراما من نماذج سافلة حتى صارت للأسف وسيلة هدم وإفساد لا بناء وترقية للذوق؟!

ويبدو أن القائمين على هذه المسلسلات لا يتورعون عن ترويج مثل هذا العفن الخلقي في شهر الصيام الذي فرض الله على عباده أن يمتنعوا عن الحلال في نهاره والتخفف منه في الليل.. الأمر الذي يجعلنا نقول بضمير مرتاح إن تكرار مثل ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻓﻲ المسلسلات لا يترك مجالًا للاطمئنان إلى سلامة النيات والأهداف؛ حتى لو سلمنا بأن نقل الكفر ليس بكافر.. 

فوظيفة الدراما ليست رصد سلبيات المجتمع وسقطاته لتجسيدها على الشاشات بما تنطوي عليه من عنف وعري وانحلال خلقي، وﺇﺣﻼﻝ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﺒﺮﺭﺍﺕ له لدرجة تدفع ضعاف العقول والإرادة للتعاطف ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺠﺮﻡ ﻭﺍﻟﺴﺎﺭﻕ ﻭﺍﻟﺰﺍﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﻕ ﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻪ ﻷﻥ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﻭﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺩﻓﻌﺘﻬﻢ ﻟﺬﻟﻚ.. أي ظروف تلك التي تلتمس الأعذار للانحراف والسقوط في بئر الرذيلة؟!

فهل يمكن الاطمئنان لمثل تلك الدراما أن تبنى ﺍﻟﺒﻴﻮﺕ ﻭﺗصون ﺍﻷﺧﻼﻕ.. أم أن ترويج مثل هذا القبح ينضوي تحت قوله تعالى:"إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"؟

ينبغي أن نتوقف مع أنفسنا بعد شهر كامل من الصيام والقيام والصدقات لنسأل أنفسنا: هل تمثل الـمسلسلات المحلية أو المستوردة؛ المترجمة أو المدبلجة قيم ديننا أم أنها تكرس لحالة دياثة في بيوتنا؟!

لا نملك إلا أن نقول لكل أسرة: احذروا مما يعرض في ثوب الفن من دراما خادشة للحياء.. واحرسوا بيوتكم منها.. وتدبروا قول الله تعالى: "وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا".. ولست في حاجة للقول إن المجتمعات تبنى بالأخلاق والعمل والإنتاج والفضيلة وليس بالشهوات والخطايا.. فانتبهوا يا أولى الأبصار؟!

الجريدة الرسمية