رئيس التحرير
عصام كامل

بالمؤمنين رؤوف رحيم (3)

حتى في الحرب، التي لم يكن صلوات ربي وتسليماته عليه، يخوضها إلا دفاعا عن النفس، أو الدين، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمَّر أميرًا على جيش أو سرية أوصاه:.. ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدًا". (صحيح مسلم). 


وقد شملت رحمته ووصاته بالرحمة الحيوان فضلا عن الإنسان فعن ابن مسعود، رضي الله عنه، قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فمررنا بقرية نمل قد أحرقت، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: إنه لا ينبغي لبشر أن يعذب بعذاب الله عز وجل". (مسند أحمد وسنن أبوداود).

Advertisements

عن سعيد بن جبير قال: "مرَّ ابن عمر بنفر قد نصبوا دجاجة يترامونها، فقال ابن عمر: من فعل هذا؟ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من فعل هذا". (صحيح مسلم). 


وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: "يا رسول الله إني لأذبح الشاة وأنا أرحمها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، والشاة إن رحمتها رحمك الله. (مسند أحمد). 


وقال عليه الصلاة والسلام: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، فليرح ذبيحته". (صحيح مسلم). 


وكان الرسول الرحيم يضرب لأصحابه الأمثال، ويحكي لهم من أخبار الماضين ما يرسم في نفوسهم الرحمة، قال لهم مرة: "بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئرًا فنزل فيها فشرب، ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقي، فسقي الكلب فشكر الله له فغفر له. قالوا: يا رسول الله، وإنَّ لنا في البهائم لأجرا؟ فقال: في كل كبد رطبة أجر". (رواه البخاري ومسلم).

 

 

النبي، صلى الله عليه وسلم، هو رحمة مهداة، وقد غرس معاني الرحمة في أصحابه، وأوصاهم بها وملأ تعاليمه بذكرها، وشمل بها كل ذي روح من إنسان وحيوان، وسبق بذلك كل لوائح حقوق الإنسان الحديثة، وكل جمعيات البر والرفق بالحيوان مما يحسبه الناس من خصائص الحضارة الغربية وعطائها، فلا عجب أن كانت بعثته رحمة للعالمين، وأن يعبر عن جوهر رسالته بقوله عليه الصلاة والسلام: “يا أيها الناس إنما أنا رحمة مهداة” (الحاكم: المستدرك  وصححه وأقره الذهبي). 

الجريدة الرسمية