رئيس التحرير
عصام كامل

هل تكفى جولات الوزير لإصلاح منظومة الصحة؟

وزير الصحة أكثر وزراء حكومة مدبولى زيارات ميدانية لمواقع العمل المختلفة، وهو شيء طيب نتمنى لو يحذو الوزراء والمحافظون وكل المسئولين حذوه.. ولو أن كل مسئول ترك مكتبه ساعات ليفاجيء مرؤوسيه بزيارات ميدانية يتابع ويدقق تفاصيل العمل.. 

ويرى عن كثب مواطن القصور والفساد.. ويسمع بنفسه شكاوى الموظفين ومعوقات العمل.. لتغيرت أشياء كثيرة في بلدنا واختفت من القاموس عبارة كله تمام التى دأب مساعدو الوزير -أي وزير- على ترديدها منذ عقود فتطمئن بها نفسه ويستريح ضميره لسماعها وتطرب بسماعها أذنه.. بينما الواقع أسوأ بكثير مما يظن!

Advertisements


جولات وزير الصحة على المستشفيات أظهرت حجم الإهمال والاستهتار من الأطباء وأطقم التمريض. فالغيابات بالجملة والأجهزة معطلة والمرضى يتزاحمون في الأقسام.. وهذه طبيعة مستشفيات الحكومة في كل مكان إلا ما رحم ربي!


وكأن مستشفيات الحكومة لم يكفها هجرة آلاف الكفاءات من الأطباء الخارج في موجة نزوح تحمل في طياتها جرس إنذار لخطر كبير، ناهيك عن النقص الشديد في أطقم التمريض!

أجور الأطباء والتأمين الشامل

فإذا كان مستشفى الشروق التى حظيت  بالزيارة الأخيرة لوزير الصحة بكل هذا التسيب والقصور حيث تغيب مديرها وجل أطبائها وهى القابعة في أرقى المدن الجديدة المتاخمة للقاهرة.. فما بالنا بمستشفيات القرى والنجوع ووحداتها الصحية التى لا تجد فيها إلا طبيبا أخصائيا لا يعمل كل أيام الأسبوع..

 

وحتى لو حضر هذا الطبيب المبتدىء فماذا يفعل في الحالات دقيقة التخصص، وهو ما يدفع المواطنين إلى اللجوء لعيادات الأطباء وخصوصا المشاهير الذين يرفعون فيزيتا الكشف دون حسيب ولا رقيب.. والضحية في النهاية هو المواطن الغلبان الذي إن نجح في توفير قيمة الكشف فقد يتعثر في تدبير نفقات التحاليل والاشعات والدواء.. وهو ما يجعل التأمين الصحي الشامل طوق النجاة للسواد الأعظم من شعب مصر!


وزير الصحة يدرك أكثر منا أن أجور أطباء المستشفيات الحكومة لا تسمن ولا تغني من جوع، وبالطبع لا يجوز أن يكون ذلك مبررا للغياب وسوء الأداء، لكنه حقيقة واقعة تستلزم إصلاح أجور الأطباء والطواقم الطبية حتى تكون مستشفيات الحكومة مكانا جاذبا لهم ومن دون ذلك لن نضمن انضباط المنظومة الصحية في مصر.

 


جولات الوزير على المستشفيات كشفت بوضوح سوء توزيع القوى البشرية للفرق الطبية وبالأخص أطباء الأسنان والصيادلة، وهو ما دفعه للتوجيه بإعادة توزيع الزيادة في أعداد الأطباء والصيادلة على مستشفيات وحدات صحية أخرى.. لكن هل تكفى جولات الوزير لإصلاح المنظومة.. هل تحل مشكلة النقص الصارخ في أعداد الأطباء والتمريض..

فماذا فعلت الوزارة لوقف نزيف هجرة الأطباء الخارج.. وهى أرقام مفزعة يصعب تعويضها أو التغاضى عنها.. مطلوب زيادة الاهتمام بملف الصحة وزيادة مخصصاتها في الموازنة العامة استجابة لنصوص الدستور. فمن غير الصحة لن يصبح المجتمع منتجا أو مفكرا أو مبدعا.. فالصحة أساس الحياة.

الجريدة الرسمية