بيرم التونسي.. التصوف مذهبه في الحياة والفن.. لقب بشاعر «أم كلثوم».. ونفاه الملك فاروق لهذا السبب

بيرم التونسي، شاعر وزجال، مصري من أصل تونسي ولد عام 1898 بالإسكندرية، من أشهر شعراء العامية والزجل، نشر أول قصائده في جريدة الأهالي الإسكندرية وهى قصائد ساخطة على الأوضاع السياسية التي صنعها الاستعمار فكانت أول قصائده "المجلس البلدى"، يبني سخريته على الموضوعات والأحداث بطريقة الهجاء الساخر، فخاف الجميع من لسانه وكانوا يقولون: "ياويل من هجاه بيرم وسلط لسانه عليه"، ورحل في مثل هذا اليوم 5 يناير 1961.

الملك فؤاد نفاه وتسبب في بكاء أم كلثوم.. حكاية شاعر الشعب بيرم التونسي (فيديوجراف)

عشق الشاعر محمود بيرم التونسى الطبقات الكادحة وكان التصوف مذهبه فى الحياة والفن، وكان كثير الجلوس على المقاهى الشعبية فهو ابن البلد خفيف الدم وابن نكتة وشجاعا نادى فى أشعاره بإحياء العقل الشرقى والمصرى فيقول: يا شرق فيك جو منور والفكر ضلام.. وفيه حرارة يا خسارة وبرود أجسام لا بالمسيح عرفوا مقامهم ولا بالإسلام.. هى الشموس بتخلى كده العقل بدنجان.

انتقد الملك فؤاد بقصيدة البامية، 62 عاما على رحيل بيرم التونسي

البامية الملوكى والقرع السلطانى 

أصدر بيرم التونسى عدة مجلات منها "المسلة "واتخذ صورة المسلة رمزا للمجد المصرى القديم ونشر فيها زجلا بعنوان (البامية الملوكى والقرع السلطانى)، وكانت تمثل سبا وتعريضا للملك فؤاد فصادر المجلة وتم نفي بيرم إلى فرنسا.

نقلة في أشعار بيرم وعودة فريد للحفلات.. قصة عجيبة وراء أغنية "هلت ليالى حلوة وهنية"

قصيدة المجلس البلدى 

من اشهر قصائد بيرم التونسى “ المجلس البلدي ” التي ينتقد فيها المجلس البلدي للاسكندرية “ البلدية الآن ” يقول فيها: قد أوقع القلب فى الأشجان والكمد.. هوى حبيب يسمى المجلس البلدي إذا الرغيف أتى فالنصف آكله.. والنصف اتركه للمجلس البلدي، يا بايع الفجل بالمليم واحدة.. كم للعيال وكم للمجلس البلدي كأن أمى بلل الله تربتها.. أوصت فقالت أخوك المجلس البلدي.

كتب بيرم التونسى لكثير من المطربين الأغانى وحازت أم كلثوم على أكثرها وأغلبها تلحين زكريا أحمد، ومن شدة حبه لأم كلثوم كان يقال عنه تباع أم كلثوم فكتب فى هذا يقول: يا مرفهة على جميع الناس وتعبانى.. وفى حارة السد والسيدة فضحانى حتى أنها عندما علمت أم كلثوم بخبر وفاته وهى تغنى أغنية (هو صحيح الهوى غلاب) التى كتبها لها فبكت على المسرح، أما الملحن زكريا أحمد فمن شدة حزنه عليه مات بعده بأربعين يوما.

مشاركون بـ«الأعلى للثقافة»: بيرم التونسي تناول في شعره مختلف محطات حياته

التكتل الأوروبي مع إسرائيل ضد مصر 

في مجلة التحرير صيف عام 1956، كتب الشاعر بيرم التونسي، قصيدة زجلية عن إسرائيل والتكتل الأوروبي ضد مصر، وتوجيهها الضربات ضدها يقول فيها: دول عظمى اللى باعتاها لبلاد المسلمين تفتح..غنيمة كلها لكن بأرض القدس تستفتح / وتحرق قد ما تحرق..وتدبح قد ما تدبح / معاها ألف طيارة..ومليون تانك يتصفح / عليكم ياعرب يومى..تشن الغارة أرضية / ولسة ياعر بجاية..بغارتها السماوية / حاربناها وهادينا..وفاوضنا وجربنا / ولما نشتكى نوبة..ع الشكوى تأدبنا / يا إسرائيل ويا تشرشل ويا إيدن ويا غيرهم / 200 مليون بتتحضر..ليوم الهول عساكرهم / 200 مليون نهار الحرب يكفاهم حناجرهم / و200 مليون منى عنها في أنهار الدم تسبح.

شدة وتزول وسبحان رب معين.. ماذا قال بيرم التونسي عن نهر النيل قبل 100 عام

لجأ بيرم إلى الرمز والتهكم 

كان بيرم التونسى ينال من خصومه فيلجأ إلى الرمز، ويتهكم، وخير دليل على ذلك الرمزية فى زجل "البامية السلطانى" و"القرع الملوكى" الذى أقام الملك فؤاد وأقعده، حين نظم فى جريدة المسلة أزجالا تطعن فى شرف الملك فيقول:البت ماشية من زمان تتمخطر.. والغفلة زارعة فى الديوان قرع أخضر / ياراكب الفيتون وقلبك حامى.. اسبق ع القبة وسوق قدامى / تلقى العروس زى محمل شامى.. وابوها يشبه فى الشوارب عنتر. 

حبسه بسجن الحضرة 

ووصل به الأمر أن كتب فى أزجاله عن حجرات نوم الملوك الخاصة لينقل فضائحهم ويكشف الفساد  الملكى فقال: "الوزة من قبل الفرح مدبوحة.. والعطفة من قبل النظام مفتوحة / ولما جت تتجوز المفضوحة.. قلت اسكتوا خللى البنات تتستر، وألقي القبض عليه بسبب قصيدته الملكية، وأودع سجن الحضرة بالإسكندرية، وصدر الأمر بنفيه خارج البلاد الى تونس، وبكى وهو على ظهر الباخرة المتجهة إلى بلده تونس، فقد ترك الأهل والأحباب.. كما ترك وراءه فى مصر زوجتين وطفلا.

بعد ضياع نقوده، ترك بيرم التونسى تونس تحت اسم مستعار إلى فرنسا، وعاش متسكعا فى مدينة ليون، وتمكن عن طريق القنصل الإنجليزى فى فرنسا من الحصول على تأشيرة دخول إلى مصر، ودخل مصر متنكرا إلا أنه عاد إلى الكتابة الرمزية فى مجلة الشباب، وأحست السراى بوجوده واغتاظ الملك فؤاد، وأعلن عن طرده من مصر، فعاد إلى فرنسا، وكان يراسل من غربته الصحف المصرية بأزجاله وأشعاره العامية تحت عنوان "السيد ومراته فى باريس"، ولم تدفع له الصحف المصرية مقابلا ماديا فأوقف التعاون معها.

بيرم التونسي.. سليط اللسان الذي طعن في شرف الملك فؤاد بقصيدة "القرع السلطاني"

جمعية المؤلفين والملحنين تعقد مؤتمرا صحفيا عن تراث أم كلثوم، السبت

في مثل هذا اليوم، رحيل فتحية ابنة الملك فؤاد، مأساة أميرة قتلها زوجها بالرصاص

ولأنه كان مكتوبا على جواز سفر بيرم التونسى "ممنوع من العمل"، فعمل بالواسطة فى شركات للصابون والمنظفات والمواد الكيميائية لكن رائحة الكلور أصابت صدره بالأمراض، ليعود بعدها إلى مصر لا يملك قوت يومه.

بيان فاروق للقبض على بيرم 

ونشرت الصحف عام 1938 بيانا من وزارة الداخلية أذاعته محطة العاصمة قالت فيه: بيانا إلى أقسام البوليس، تطلب من رجال البوليس البحث عن المدعو محمود بيرم التونسي، الزجال المعروف الذى تمكن من دخول المملكة خلسة منذ أسابيع، ولما علم بيرم بالبيان كان الملك فاروق قد تولى العرش، فكتب بيرم قصيدة يصالح بها الملك الجديد الذى شكك فى نسبه فى إحدى قصائده من قبل فكتب يقول: يا فرحتى ياهنايا.. حضرت فى عيد جلوسه / وكل قصدى ومنايا.. افرش له خدى يدوسه / واشيل تراب السرايا.. من تحت رجله وابوسه.

كامل الشناوى يتوسط لدى القصر 

وكتب بيرم التونسى إلى كامل الشناوى للتوسط له للعفو عنه، واتصل كامل بالفنان سليمان نجيب وكان قريبا للقصر، وذهبا معا إلى أحمد حسنين باشا رئيس الديوان، طالبين تدخله لكنه خشي من الملك، إلا أنه طلب من رئيس الوزراء محمد محمود باشا عدم التعرض لبيرم ولا القبض عليه وعدم ملاحقته.

قصيدة دولة الإخوانجية 

وفي أوائل عام 1954 وبعد محاكمة المتهمين بمحاولة اغتيال جمال عبد الناصر في حادث المنشية، كتب قصيدة يهاجم فيها جماعة الإخوان بعنوان «دولة الإخوانجية»، قال فيها: كفاية يا مصر لو يبقى الهضيبى.. وأعوانه على عرش الإمارة / وسيد قطب، يعطوه المعارف.. وسيد فرغل ياخد التجارة / وعودة يعودوه ضرب المدافع.. وسى عبد الحكيم عابدين سفارة/  وكل جهاز تتعين عليه عمد في كل قرية وحارة / محافظ مصر خريج الدباغة.. وتحته وكيل خريج التجارة /  ويقنى الكمسارى أكبرها عزبة.. ويقنى السمكرى أضخم عمارة / وتخلص مصر من عيلة الدخاخنى، إلى عيلة الخوانكى أو شرارة/  ويومها تحلق الإخوان ذقونها..ويترص الحشيش ملو السيجارة /  وحياتك لا إيد اللص تقطع... ولا تبطل مواخير الدعارة.

القلب يعشق كل جميل كانت الختام 

عاش بيرم التونسى فى مصر زاهدا أواخر أيامه،  وحج إلى بيت الله، واتخذ طريق التصوف فخرجت منه رائعته: "القلب يعشق كل جميل"، التي غنتها أم كلثوم، ومنحته الحكومة الجنسية المصرية قبل رحيله متأثرا بالربو بعام واحد.
 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.