رئيس التحرير
عصام كامل

هل يبدع المتشائمون؟!

هل رأيتم متشائمًا حقق نجاحًا في حياته.. هل رأيتم متشائمًا ينتج أو يبدع أو يقبل على الحياة؟!
إذا الجواب بالنفي، وهو كذلك بالقطع.. فلا مفر من التفاؤل.. إذا أردنا مواطنًا صالحًا يبني ويعمر وينسج علاقات ناجحة في محيطه!
 

فمن ثمرات التفاؤل أن تتصالح النفوس مع نفسها ومع من حولها، تمضي بقوة وهمة وثبات ويقين وسكينة نحو مرادها، فالمتفائل ينتظر الفرج قبل النظر إلى المصيبة، ويعلم أن اليسر يصحب العسر، وأن الفرج مع الكرب، وأن النصر مع الصبر، وأن مع العسر يسرا.. وتراه دائما يغلّب الأمل على اليأس، والتفاؤل على التشاؤم، والرجاء على القنوط، ويرى قرب الفرج كقرب ضوء النهار آخر الليل.


وليس لنا عذر إذا ما أغرقنا في التشاؤم؛ فكل إنسان بيده أن يصنع لنفسه ولغيره السعادة بكلمة طيبة وابتسامة صافية وحسن ظن فيما عند الله إذا ما أخذنا بالأسباب وتوقعنا الخير في المستقبل، وآمنا بالقضاء والقدر مع قلب راضٍ بالقضاء، قانع بالعطاء، منسجم ومتجاوب مع سنن رب الأرض والسماء.. كل ذلك يجعل النفس متفائلة برحمته، مطمئنة إلى قدره، راضية بقضائه وعطائه فلا ترى في الحياة إلا كل خير، وتعمل للخير.


جمال الحياة لا يراه إلا المتفائلون؛ فالحياة من دون تفاؤل كلوحة دون ألوان وروض بغير زهور.. فغيّر نظرتك إليها أيها الإنسان لتجعل حاضرك واحة من السعادة واجعل من مستقبلك حديقة من الأمل ومن ماضيك بئرًا للنسيان ومخزنًا للتجارب.. كن جميلًا ترى الجود جميلًا فإن كل إناء ينضح بما فيه.

الرضا وحسن التوكل


الرزق مكفول ضمنه الله لكل خلقه؛ فلماذا عبوسك وشقاؤك.. يقول تعالى: "وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ".. ولا يبقى لك إلا أن تتفاءل فإن ربك الله من أسمائه الوهاب الرزاق الفتاح العليم الغفار التواب العفو الرءوف الرحيم، ومن أسمائه أيضًا الحكم العدل اللطيف الخبير الشكور الودود الولي الحميد الحسيب الرقيب القريب المجيب.


ومن صفات ربك أن يسبغ النعم ويرفع النقم ويزيل الهم ويكشف الغم ويريح القلب ويسمع النداء ويجيب الدعاء وهو سبحانه أعدل من حكم وَأَنْصَرُ مَنِ ابْتُغِيَ، وَأَرْأَفُ مَنْ مَلَكَ، وَأَجْوَدُ مَنْ سُئِلَ، وَأَوْسَعُ مَنْ أَعْطَى.. 

 

إن مسنا الضر أو ضاقت بنا السبل وأعيتنا الحيل فلن يخيب لنا في ربنا أمل. الله طيب قلوبنا وهو سبحانه يحنو على آلامنا.. قولوا لمن يشكو الأسى للناس: لا.. تَشْكُ الأسَى إلا لِرَبِّ الناسِ.. فتفاءل لتريح قلبك ونفسك.


من أعظم صفات المتفائلين أنهم يحسنون الظن برب العالمين، فمن أحسن ظنه بربه نال أعلى درجات التفاؤل، ووفقه الله لكل خير، وألهمه الحكمة، وكما قال الله في الحديث القدسي: "أنا عند ظن عبدي بي".


تفاءل فقد كان نبيك سيد المتفائلين، بل كان المعلم الأول لغرس الأمل في النفوس ولو في أشد الأزمات، كان متفائلا في أمره كله، في ترحاله وحله، وفي حربه وسلمه.. ففي الهجرة حاصره المشركون في الغار فما كان منه إلا أن قال لأبي بكر: "لا تحزن إن الله معنا"، "ما ظنك باثنين الله ثالثهما".

 


نبينا كان يتفاءل بالكلمة الطيبة والإسم الحسن والهيئة الحسنة ويقول: "ويعجبني الفأل" حتى في المرض كان يتفاءل، وكانت حياته صلى الله عليه وسلم تمضي بين الصبر والشكر؛ وهما جناحا الرضا وحسن التوكل.. فهل ما زلت عزيزي القاؤيء تتساءل: لماذا عليك أن تتفاءل؟!
وللحديث بقية إن شاء الله.

Advertisements

الجريدة الرسمية