رئيس التحرير
عصام كامل

حصاد الدم الفلسطيني

لم تنته بعد حرب ابادة الشعب الفلسطيني على يد القوات الإسرائيلية بالسلاح الأمريكي والدعم الألماني البريطاني الفرنسي، رغم الجهود المصرية القطرية المدعومة، للمفارقة، من البيت الأبيض.. لم تنته لأن اليومين الأولين من الهدنة شهدا تنمرا إسرائيليا. ومراوغات متواصلة، سواء في أعمار المفرج عنهم أو عنهن، وسواء في أعداد الشاحنات الواجب السماح بوصولها إلى شمال قطاع غزة، حيث الأرض المحروقة حقا وواقعا.. 


ومن المرجح استمرار التعنت الاسرائيلي، مع استمرار الجهود المصرية المضنية، وربما تنجح مصر في مد الهدنة إن اكتملت الأيام الأربعة، ويبقي أن نتوقف لرصد حصاد الـ48 يوما من حرب الابادة، سواء استأنفت اسرائيل القتل أو استنامت للهدنة ورأت فيها طوق نجاة يحفظ بعض كرامتها أمام الرأي العام الاسرائيلي الذي بات يعرف أن جيشه بكل عدده وعتاده وشراسته، لم يحقق أيا من أهداف الحرب في غزة.

Advertisements


لقد استشهد من الشعب الفلسطيني في حرب الإبادة حتى الآن ما يزيد على الستة عشر ألف شهيدا، وأصيب ستة وثلاثون الفا، وتحت ركام البنايات والبيوت أعداد خارج الحصر، ودمرت نصف مباني غزة، بيوتا وابراجا وعمارات ومستشفيات ومؤسسات ومدارس ومراكز اتصال.. دمار كامل شامل.. كان الهدف هو حرق القطاع كاملا بأهله وعمارته.. 


نعم الخسائر المدنية هائلة ومخيفة ومروعة بكل مقاييس الإدانة الانسانية لمن عنده ذرة ضمير، لكن ما حققته القضية الفلسطينية وتحققه، من إعادة تعريف، وإعادة توصيف، يستحق كل نقطة دم زكية سالت على الأرض المنكوبة. 

الوجه النازي لإسرائيل

ماتت القضية الفلسطينية تقريبا خلال العشر سنوات الماضية، ماتت بفعل الربيع العبري الامريكي لاسقاط الدول الوطنية وهدم الجيوش العربية وتفكيكها، وانكفأت كل دولة عربية تحصن حدودها، وعروشها، أو تلعق جراحها، أو تسترد سيادتها من العملاء والخونة من الإخوان والإرهاب.. 

 

وفي ظلال الفوضى العارمة وضياع ليبيا وسوريا والعراق والسودان وتونس.. وكانت مصر علي طريق منحدر لولا رعاية الله ثم الشعب والجيش والشرطة والقضاء، فلم تسقط ولن تسقط ابدا.. في ظلال مسرح الفوضي العارمة اطمأنت اسرائيل إلى وجودها قوية وحيدة في الاقليم، فانفردت بالشعب الفلسطيني وما تبقي من أرضه في الضفة الغربية، وتشكلت حكومة الإرهاب الديني العنصري التى يرأسها أبو الكذب منذ الخليقة، نتنياهو!


كان مشهد القتل والاعتقال اليومي للشباب، وللأطفال في الضفة قد صار مألوفا، لا يتوقف قلم عنده بالتنبيه والاستياء حتى، ولا توقفت كاميرا الاعلام العالمي لتستنكر، فالمشهد متكرر، وإسرائيل تتوسع في الاستيطان حتى توشك علي التهام الضفة الغربية.. 


بعد السابع من أكتوبر الفلسطيني، ومع الألف ومائة مجزرة اسرائيلية، ومع جثث الأطفال تنهشها الكلاب الجوعي في غزة والقبور الجماعية لمئات والأف الأطفال والنساء، عرفت لندن وواشنطن وباريس ومدريد وروما مليونيات تهتف بإسم فلسطين، وتدعو إلى تحرير فلسطين.. الشوارع والميادين في أوروبا وفي أمريكا امتلأت بمئات الالوف، فقد انكشف الوجه النازي لإسرائيل.

 


كسبت القضية الفلسطينية ما لم تكسبه في حياتها قط من تعاطف ومن فهم، وانقلبت شعوب علي حكوماتها، وبرلمانات علي قادة ورؤساء، ويرتفع العلم الفلسطيني في كل تلك الدول، ونقولها بحق إن مظاهرات الغرب دعما لفلسطين، أكبر وأكثر من مظاهرات العرب دعما للقضية.. في القلب من هذا كله يستحق الأداء المصرى وقفة وإشادة ونرفع القبعة تقديرا لحسن إدارة أزمة حريق دولي مشتعل.. 

الجريدة الرسمية