رئيس التحرير
عصام كامل

الذكر داوء القلوب وشفاء الصدور

ذكر الله تعالى به تتزكى النفس وتصفو الروح، ويطمئن القلب وتنشرح النفس ويتسع الصدر ويقام به العبد في حضرة القرب. والذاكر مذكور من الله تعالى ومن ذكره الله عز وجل لا يشقى أبدا. وهو أحب الأعمال إلى الله تعالى فبه تزكي النفس وتسمو الروح وتحلق وتسبح في ملكوت أصلها في حضرة ربها عز وجل ويطمئن القلب لقوله تعالى، "أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ"، هذا والذاكر لله تعالى مذكور منه عز وجل حيث يقول سبحانه "فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ"، ويقول جل ثناؤه: "يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا".

Advertisements

 

وفي الحديث القدسي يقول تبارك في علاه: "أنا حبيب من ذكرني، أنا جليس من ذكرني، أنا أنيس من ذكرني، من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ عندي خير من ملأه"، ويقول سبحانه: "أنا مع عبدي ما تحركت شفتاه بذكري"، ويقول جل جلاله: "من شغله ذكري عن مسألتي، أي عن الطلب والدعاء، أعطيته أفضل ما أعطي السائلين "..

 

 وجاء في هدي النبي الكريم صلى الله عليه وعلى آله أنه قال لصحابته رضي الله عنهم: "ألا أدلكم على خير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الورق والذهب والفضة، أي الإنفاق في سبيل الله، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربون أعناقهم ويضربون أعناقكم، أي خير من الجهاد في سبيل الله، قالوا، بلى يارسول الله، قال، ذكر الله".

 

هذا ولقد كان من فضل الله تعالى علينا أن أكرمنا بأتم الرسلات وأكملها وخصنا بأشرف الرسل والأنبياء الهادي البشير السراج المنير سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والذي شرع لنا لكل وقت وحال وساعة ذكرا، تتداوى به النفس من عللها ويطهر القلب من العلائق والأغبار وتسمو به الروح وتتصل ببارئها سبحانه وتعالى فأمرنا بالإستغفار وجعله تطهيرًا للقلب مما علق به من أثر الآثام والمعاصي.. 

 

فهو بمثابة صنفرة ربانية تجلي القلب وتزيل الران الذي علق به على أثر المعاصي والسيئات، وجعل الصلاة على حبيبه عليه الصلاة والسلام وعلى آله الأطهار مصدرا لنور للقلب، ومفتاحا لكل خير وعطاء وجعل كلمة التوحيد هدما للذنوب وتخليصا للقلب من العلائق والأغيار ومفتاحا للأرزاق ولأبواب السماء، ووسيلة للمغفرة والغفران.. يقول صلى الله علبه وعلى آله وسلم: "أكثروا من لا إله إلا الله فإنها تهدم الذنوب هدما".

أنواع الذكر

وجعل التسبيح والتحميد والتكبير وقول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم غرسا للعبد في الجنة وانشراحا لصدره في الدنيا، وجعل قراءة القرآن مخزونا للحسنات وشفيعا للعبد يوم القيامة والأَجل من ذلك أنه قارئه يكلم الله ومستمعه يكلمه الله كما جاء في الحديث، وهكذا لكل شيء ذكر، هذا بالإضافة إلى أن في الذكر آيات للتحصين وآيات للشفاء وآيات للحفظ وآيات لتيسير الرزق وآيات لإزالة الهم وكشف الغم، وآيات للسلامة من فتن الدنيا ومحن الآخرة..

 

هذا والذكر على ثلاث. "ذكر العامة وذكر الخاصة وذكر خاصة الخاصة من أهل ولاية الله تعالى". فذكر العامة باللسان وذكر الخاصة بالجوارح" أي بحفظ الجوارح من معصية الله ووضع كل جارحة حيث أرادها الله عز وجل وحيث نهى" مع ذكر العقل بالنظر والتفكر والتدبر والتأمل في آيات الله تعالى في الكون.

 

هذا وأما عن ذكر خاصة الخاصة من أهل الإيمان ذكر يسمى بذكر الجنان، وهو ذكر كل ذرة وخلجة وملكة من الإنسان وهو ما يقيم الذاكر في حال الفناء والغيبة الكاملة والإستغراق بالكلية في المذكور سبحانه وتعالى.

 

هذا ومن معطيات وثمار الذكر وأثره على نفس الذاكر يقام العبد في السعادة الحقة التي يفتقدها معظم الناس والتي تعني هدوء النفس.. وإطمئان القلب.. وراحة البال.. وإنشرح الصدر.

 

 

ومعلوم أن هذا الفضل وتلك النفحات والرحمات الإلهية لعباد الله تعالى المقبلين عليه عز وجل والمشتغلين بطاعته وذكره، ولا حظ للمدبرين والمعرضين والغافلين في هذا الفضل العظيم، هذا ومن ليس له ورد من الذكر فهو الغافل والمقطوع عن الله تعالى، ولنتذكر قول الهادي البشير السراج المنير عليه الصلاة والسلام: "مثل الذاكر بين الغافلين كمثل الحي بين الأموات"، أعانني الله وإياكم على طاعته وذكره سبحانه ونسأله عزوجل أن يرزقنا الإعانة والتوفيق والقبول.

الجريدة الرسمية