رئيس التحرير
عصام كامل

صوفية السودان بين السياسة والزوايا.. تأسيس أول حزب صوفي "صريح" في عام 2017.. وكبار الساسة يتوسلون بشيوخ الطرق

الطرق الصوفية، السودان
الطرق الصوفية، السودان

يتبع معظم مسلمي السودان  المذهب السني، وهم في الغالب صوفيون، وهناك تنوع بالطرق الصوفية التي يتبعها المسلمون هناك، وأكبر طريقتين هما طريقة الأنصار والطريقة الختمية.

جماعات عربية كثيرة هاجرت إلى السودان بعد هجرة المسلمين الأوائل إلى أرض الحبشة بقيادة جعفر بن أبي طالب، واستقرت في مناطق البداوة في أواسط السودان، ونشرت معها الثقافة العربية الإسلامية، وازدادت الهجرات العربية إبّان الفتوحات الإسلامية.

وجاء إلى السودان العلماء المسلمون في مرحلة ازدهار الفكر الصوفي، فدخلت البلاد طرق صوفية سنية تجاوز نفوذها السودان ليمتد إلى ما جاوره من أقطار.

السودان بلد التصوف بامتياز، إذ يتسم الإسلام في السودان بصبغة صوفية خاصة، بل إن الحياة اليومية فيه تصبغ بهذا الطابع في الإيمان الفطري بالمشايخ والأولياء الصالحين.

انتشرت الطرق الصوفية في كل أرجاء السودان حتى وصل عددها حسب بعض الباحثين إلى حوالي أربعين طريقة أساسية وفرعية، لعل أشهرها القادرية بفروعها المتعددة والختمية والسمانية والشاذلية والمكاشفية والمجذوبية والإدريسية الأحمدية والرشيدية والتيجانية والإسماعيلية وعدد من الطرق الثانوية.

بلد التصوف                                                                        

ولعل هذا التأثير القوي للطرق الصوفية في الحياة السودانية، جعل مختلف الأنظمة والقوى السياسية حريصة على استثمار قوتها تلك في معاركها السياسية، ما جعل الفرق الصوفية في السودان ليست بعيدة عن الممارسة السياسية، فهي ليست طرقا منعزلة في الزوايا الصوفية، بل إن نشوء الأحزاب السياسية التقليدية في السودان ارتبط بهذا التوزيع ، فانحدر الحزب الاتحادي الديمقراطي عن الطائفة الختمية وانحدر حزب الامة عن طائفة الأنصار.

 

كما كان للحياة العصرية تداخلاتها مع رجالات الفرق الصوفية في السودان، إذ عمل البعض منهم أو أبناؤهم في مؤسسات الدولة وصار البعض منهم مستشارين ووزراء وسفراء.

وبرع البعض الآخر في الحياة الأكاديمية، كما هو الحال مع الشيخ حسن الفاتح قريب الله أحد مشايخ الطريقة السمانية الطيبية، الذي وصل الى درجة الأستاذية في الحياة الأكاديمية، وترك أكثر من مئة مؤلف علمي، والشيخ كمال عمر الذي كان أمينا للشئون السياسية في الاتحاد الاشتراكي في عهد الرئيس السوداني الأسبق جعفر النميري.

ويصف الدكتور حيدر إبراهيم فترة حكم نميري بأنها كانت مثالا للاستخدام السياسي للطرق الصوفية في المعارك السياسية لأنه عجز، من وجهة نظره، عن أن يبني حزبا سياسيا يجمع الناس حوله.

ويضيف أن الطرق الصوفية لا تلعب دورا سياسيا إلا عندما توظف وتستخدم من قبل السياسيين، ويبدو أن ذلك هو ديدن السلطات والساسة الذين تعاقبوا على حكم السودان.

ويرى الدكتور إبراهيم ان هذه السلطات استخدمتهم لمحاربة مجموعة المثقفين الذين ظهروا بعد ثورة عام 1924 ـونادي الخريجين ثم مؤتمر الخريجين، وأنها نجحت في ذلك بل إنه حتى الخريجين والانتلجنسيا السودانية قد وجدوا أنهم لا يستطيعون التعامل مع الجماهير إلا من خلال الطرق الصوفية.

فانقسمت الانتلجنسيا نفسها إلى جزءين، جزء ذهب مع عبد الرحمن المهدي والجزء الآخر مع عثمان الميرغني. ولم يخرج عن ذلك إلا جزء بسيط مع الأحزاب العقائدية إلا أنه لم يؤثر سوى في أوساط محددة من الطلبة والطبقة الوسطى.

ويتحدث عن ما يسميه بصوفية (الأفندية)، حيث دخل عدد من المثقفين الحديثين والموظفين والأكاديميين في سياق الطرق الصوفية لتحقيق مصالح خاصة، ويضرب مثلا بالطريقة البرهانية التي كانت تضم كبار الموظفين، ولذلك كان يتم تحقيق مصالح مشتركة من خلال تداخل الأخوية الصوفية مع بيروقراطية الدولة.

ويخلص الدكتور حيدر إبراهيم إلى انه إزاء الانشطارات والتي عاشتها الطرق الصوفية وتوزيعها الاقليمي، وتوزع استخداماتها بين اتجاهات سياسية متعددة، فإن دورها سيقتصر على الجانب الثقافي والاقتصادي ولن تلعب دورا سياسيا مهما في المرحلة القادمة

ولا يزال معظم السودانيين والسودانيات، بمَن فيهم المتعلّمون، يؤمنون بشيوخ الطرق الصوفية ويطلبون عونهم ومساعدتهم في إنجاز أعمالهم وقضاء حاجاتهم، وبين هؤلاء رؤساء ووزراء وقادة أحزاب سياسية، أشهرهم الرئيسان السابقان جعفر النميري وعمر البشير.

خريطة الصوفية

تنشط في السودان أكثر من 40 طريقة صوفيّة، أشهرها: القادريّة، الختميّة، المهديّة، التيجانيّة، والسمانيّة، وتنتشر على امتداد البلاد وتتداخل مع جغرافيا دول الجوار، فتمتد إلى مصر شمالًا، وشرقًا إلى إرتيريا وإثيوبيا وغربًا إلى تشاد والنيجر ونيجيريا.

ولكل طريقة مركز ثقل جماهيري في منطقة معيّنة، فالطريقتان السمانيّة والقادرية العركيّة تنتشران في وسط السودان وحول العاصمة الخرطوم، بينما يتركز أتباع التيجانية في إقليمي دارفور غربي السودان، وكردفان في الجنوب الأوسط، أما الختميِّة التي تحظى بأكبر عدد من المريدين فتنتشر شرقي البلاد وشمالها ومركزها مدينة الخرطوم بحري وضواحيها.

أيضًا، هنالك طرق صوفيّة أخرى مؤثرة في الحياة السياسية والاجتماعية والدينية وأهمها البرهانيّة والتسعينيّة والدِندراويّة والإدريسيّة والعزميّة، ولها أتباع متفرقون على امتداد السودان.

ولا توجد إحصاءات دقيقة حول عدد أتباع هذه الطرق ومُريديها، لكنّهم على الأرجّح يُمثّلون نحو 80% من إجمالي عدد السكان في البلاد البالغ 40 مليون نسمة.

أول حزب صوفي سوداني

وشهدّ عام 2017 تأسيس أول حزب صوفي سوداني صريح، برئاسة عبد الجبار الشيخ بلال، شيخ الطريقة السمانية الطيبيّة، بيد أن أكبر حزبيين سياسيين سودانيين يستندان إلى قاعدة شعبية صوفية هما "الأمة القومي" و"الاتحادي الديمقراطي".

فـ"الأمة" الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق الصادق المهدي، حفيد محمد أحمد المهدي مؤسس الدولة المهدية في السودان (1885- 1899)، يستند على طائفة "الأنصار"، كما أن قوام القاعدة الجماهيرية للحزب الاتحادي الديمقراطي هو الطريقة الختميِّة التي أسسّها محمد عثمان الميرغني عام 1817، وتنتمي إليها عائلة رئيس مجلس السيادة الحالي عبد الفتاح البرهان. وكلتا الطائفتين صوفيتا الجذور.

وظلت الصوفية تسبغ الحياة الاجتماعية والسياسية في السودان بنوع من التسامح والزهد وتقبّل الآخر والوسطية في الطرح، وإعلاء قيمة أدب الخلاف والاختلاف، إلى أنْ ظهرت التيارات السلفية والإخوانية لتنازعها الساحة وتُحدّث فيها خلخلة وإرباك شديدين.

وصول الإخوان من مصر

فبعد وصول طلائع الإخوان المسلمين من مصر إلى السودان، بقيادة جمال الدين السنهوري، عام 1949، وظهور جماعة أنصار المحمدية قبلها، عام 1939، بدأ صوت تكفير الجماعات الصوفية وشيوخها وأتباعها يعلو تدريجيًا، إلى أن بلغ ذروته بعد أن أقنع حسن الترابي، زعيم الإخوان المسلمين في السودان (1932-2016) الرئيس الأسبق جعفر النميري (1930-2009) بتطبيق الشريعة الإسلامية في السودان (1983). في تلك المرحلة، وبالتحديد عام 1985، أُعدم محمود محمد طه، زعيم حركة الإخوان الجمهوريين ذات الخلفيّة الصوفية، بتهمة الرّدة عن الإسلام 1985.

انقلاب الترابي-البشير على الحكومة

وبعد انقلاب الترابي-البشير على الحكومة الديمقراطية، عام 1989، أصبحت البلاد مسرحًا لنشاط السلفيين والجهاديين القادمين من كل أصقاع العالم، من أفغانستان وباكستان ودول الاتحاد السوفياتي المُسلمة بعد تفككه، والمطرودين من بلدانهم العربية، من أجل إقامة دولة الخلافة الإسلامية في السودان وقد احتضنهم جماعة الإخوان المسلمين ووفرت لهم بيئة مثالية لنشر أفكارهم وسط المجتمع المتصوِّف ولمصادرته إيديولوجيًا.

من هنا، بدأت المواجهات بين السلفيين والمتصوفة، لكنّها لم تكن عنيفة في معظم الأوقات، خاصة من جانب الطرق الصوفيّة التي ظلّت تحافظ على سلوكها المتسم بالحلم وضبط النفس وحفظ اللسان، إزاء التكفريين الجُدد، مفوتةً عليهم الفرصة لخلق بيئة عنيفة ودموية.

 

دور ثوري

وعن دور الصوفية الحديث في الحياة العامة، فقد أسهمت  الطرق الصوفية بشكل كبير ومؤثر وفعال في انتصار الثورة السودانية ودفعت بشبابها وشيبها إلى اعتصام القيادة العامة الذي أطاح بنظام البشير.

ومثال لذلك، نقل عدد من شيوخ الطرق الصوفية كأبناء الشيخ البرعي وأبناء الشيخ قريب الله وأبناء الشيخ الصايم ديمه (الصائم دائمًا) وغيرهم، حلقات الذكر الدوريِّة إلى ساحة الاعتصام إبان الثورة، في مشاهد تضامنية مع الثوار الشباب، إيمانًا منهم بمبادئها ومطالبها، وقد أوت مساجدهم ومنازلهم جموع الثوار الذين احتموا بها من بطش الأجهزة الأمنية ووحشيتها".

جماعة أنصار المسلمين

جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان، المعروفة أيضًا باسم تنظيم القاعدة في بلاد ما وراء الساحل، هي منظمة إسلامية جهادية مقرها في شمال شرق نيجيريا. 

نشأت كجزء من بوكو حرام، لكنها أصبحت مستقلة رسميًا في عام 2012. وعلى الرغم من ذلك، واصلت العمل مع فصائل بوكو حرام بشكل وثيق مع بعضهم البعض. أوقفت الجماعة أنشطتها تقريبًا في عام 2015. ومنذ ذلك الحين أصبح الأنصار في سبات عميق على الرغم من أن أعضائه يواصلون نشر الدعاية لقضيتهم. بايعت الجماعة تنظيم قاعدة الجهاد ببلاد المغرب الإسلامي عام 2020.

 

وتم تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية محظورة من قبل الولايات المتحدة، ونيوزيلندا، والمملكة المتحدة.

 

الإخوان المسلمين

جماعة إسلامية سودانية، أسست في السودان في أربعينيات القرن العشرين وتعد امتدادًا فكريا لجماعة الإخوان المسلمين التي أسسها حسن البنا في مصر، ومراقبها العام الحالي هو سيف الدين أرباب، خرجت من هذه الحركة عدة تنظيمات استقلت عنها تنظيميًا أبرزها الجبهة الإسلامية القومية بقيادة حسن الترابي بينما ظل الإخوان المسلمون تنظيم الحبر يوسف نور الدايم (هكذا كان يميزهم الناس) يحملون اسمهم بعيدا عن الجبهة، وخاضوا باسم (الإخوان المسلمون) انتخابات 1986 (ولم يفز منهم أحد).

النشأة

في عام 1949م جاء وفد من جماعة الإخوان من مصر إلى السودان وعقد كثيرًا من الاجتماعات لشرح فكرهم وأيديولوجيتهم بقيادة جمال الدين السنهوري. 

وفي أبريل 1949م ظهر أول فرع للإخوان في السودان، خلال دراسة الطلاب السودانيين في مصر، وتعرف الكثير منهم على أيديولوجيا الإخوان وجاؤوا لنقلها إلى السودان.

 وخلال الأربعينيات بدأ نشاط مجموعات الإخوان داخل الجامعات السودانية وكان الطلاب الجامعيون هم الداعم لأكبر للحركة. في خطوة لتوحيد المجموعات تحت منظمة واحدة أقيم مؤتمر عام 1954م من مجموعات مختلفة ممثلة للإخوان لها نفس الفكر، وصوت المؤتمر على إنشاء منظمة موحدة تتبنى أفكار حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين. وكان أول انشقاق للذين رفضوا الاسم بقيادة أبابكر كرار.

وجود الإخوان السياسي في السودان

 

الحزب الاشتراكي الإسلامي 1949 - 1954: 

هو مجهود طلابي بحت (طلاب جامعة الخرطوم بابكر عبد الله كرار وميرغني النصري وغيرهم)، قام نتيجة لردة فعل ضد موجة الشيوعية والإلحاد بالجامعة، ولم يكن لهم ارتباط مباشر بجماعة الإخوان المسلمين ولكنهم تأثروا بفكرهم ومنهجهم عن الطريق التواصل مهم وعن طريق الكتيبات والمجلات الصادرة عنهم من مصر.

ترأس د. حسن الترابي الإخوان لفترة من الزمان.. تغير اسم المنظمة في عهده أكثر من مرة بسبب تعرض حركات الإخوان المسلمين حول العالم إلى الهجوم والقمع من الأنظمة، وللابتعاد عن المشاكل، وهذه هي مراحل تغير الاسم:

 

- جبهة الميثاق الإسلامي: 

هو تحالف إسلامي بين الإخوان المسلمين والسلفيين والطريقة التجانية الصوفية، وتكون هذا التحالف لخوض انتخابات 1968، هذا التحالف لم يلغ اسم الإخوان المسلمين بل كانوا جزءا منه.

 وكان يقود المكتب التنفيذي حينها محمد صالح عمر وزير الثروة الحيوانية.

 

-  جبهة الميثاق الإسلامي أو الإخوان 1969 - 1979: 

في العام 1969 تم انتخاب د. حسن الترابي أمينا عاما لجماعة الإخوان المسلمين. 

وخرجت قلة من الجماعة رافضة هذا الانتخاب منهم محمد صالح عمر والشيخ محمد مدنى سبال والشيخ جعفر الشيخ إدريس والشيخ محمد عبد الله برات الذي كان يكفر د. الترابي ويدعو الناس لعدم الصلاة خلفه والشيخ علي جاويش (لم يكن الشيخ صادق معهم)، كانوا بعد ذلك النواة لجماعة الإخوان الحالية بعدها انضم إليهم الشيخ صادق ود. الحبر في عام 1979 فقد أجل انقلاب الرئيس النميرى 25/5/1969 بمساعدة الشيوعيين والقوميين العرب وإعلان الانشقاق الثاني في الجماعة.

 بعد محاولة عسكرية انقلابية قام بها العميد محمد نور سعد سنة 1976 مدعومًا من ليبيا (غزو مسلح)، وكان الغزاة الذين تدربوا عسكريا في ليبيا من أعضاء التنظيمات الكبرى في السودان؛ (حزب الأمة (الصادق المهدي) "الحزب الاتحادي الديموقراطي"، "الإخوان المسلمون" (الترابي).

 استشعر الرئيس نميري خطورة تلك الأحزاب فعقد في السنة التالية ما عرف باسم “المصالحة الوطنية”، فدخلت هذه الأحزاب معه الحكم.

 وقام الترابي ـ وقتها ـ بحل تنظيم الإخوان (لأن النميري لم يكن يعترف بالأحزاب)، وقد حلها الترابي فعليا؛ مما جعل الجماعة تظل تحمل اسم الإخوان المسلمين تتمسك به، ولم تدخل جماعة الإخوان (صادق عبد الله عبد الماجد) الحكم مع نميري.

 

- الجبهة الإسلامية القومية 1986 - 1989: 

شكل الدكتور حسن عبد الله الترابي الجبهة الإسلامية القومية: (لم يكن كثير من الناس يفرقون فعليا بين الإخوان وبين حسن الترابي وفريقه لأن الترابي كان المراقب العام لفترة مهمة، وكان أغلب تنظيم الجبهة فعليا من الإخوان المسلمين).. الترابي صار الأمين العام للجبهة لتصبح حزبًا إسلاميًا عصريًا، وظل الإخوان تنظيم الحبر يوسف نور الدايم (هكذا كان يميزهم الناس) يحملون اسمهم بعيدا عن الجبهة، وخاضوا باسم (الإخوان المسلمون) انتخابات 1986 (ولم يفز منهم أحد).. بجانب الأحزاب الأخرى بما فيها الجبهة الإسلامية القومية.

جبهة الترابي

 الجبهة التي أسسها الترابي 1986 دعمت حق المرأة في التصويت والترشح، وكانت أهداف الترابي الرئيسية (التي يقول بها) هي أسلمة المجتمع وتأسيس حكم الشريعة الإسلامية في السودان. (الجبهة الإسلامية) اخترقت البرلمان والحكومة والجيش والمنظمات المحلية والإقليمية ومنظمات رعاية المرأة والشباب. 

وقد قامت أيضًا بإنشاء منظمات الرعاية الخاصة بهم مثل شباب البناء ورائدات النهضة، كما أقاموا الحملات التعليمية لأسلمة المجتمع من خلال الدولة. 

وفي نفس الوقت قاموا بالسيطرة على مؤسسات إسلامية خيرية من أجل الترويج لأفكارهم والتي أدت لنشر أفكارهم في المجتمع (فقد استفادوا من مشاركتهم للرئيس النميرى 1979 حتى 1985 في التمكين الاقتصادي والاجتماعي).

كما أخذت الجبهة الإسلامية، المنفصلة عن الإخوان، المواقع الإدارة في البنوك الإسلامية الناشئة في السودان، وأصبحوا موظفين وإداريين فيها وأصبحت الممول الأساسي لمشاريعهم ليصبحوا قوة أثرت على سياسة وقانون ودولة ومجتمع السودان.. ففازت 51 مقعد في البرلمان السودان وحلت في المركز الثالث بعد حزبي الأمة والإتحادى الديمقراطي ولكن د. الترابي لم يفز في هذه المرة أيضا.

 

 حدث انشقاق آخر في صفوف "الإخوان المسلمون" في في العام 1991م حيث تم انتخاب الشيخ سليمان أبو نارو رئيسا لجماعة الإخوان، إلا أن الكثيرين ظلوا مع قيادات الإخوان التقليدية (صادق عبد الله عبد الماجد)؛ الذي أيدته أيضا الجماعة العالمية والمرشد العام؛ بعد أكثر من 10 سنوات قامت جماعة أبو نارو بحل نفسها وتغيير اسمها إلى جماعة الاعتصام بالكتاب والسنة، ولا يزال الشيخ الصادق عبد الله عبد الماجد مراقبا عاما للإخوان.

السيطرة على السلطة وحكم البشير

 حل الترابي الجبهة الإسلامية القومية بعد انقلاب 1989 المسمى بثورة الإنقاذ..ليتسنى له الانفراد الكامل بالسلطة.. ولكن تبين له بعد ذلك الخطأ الفادح الذي قام به.. خاصة في المعركة التي قادها ضد الرئيس البشير في العام 1999.

حزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقا (1994 - 2019): عندما كانت الأوضاع السياسية مضطربة في السودان استطاعت الجبهة الإسلامية، المنفصلة عن الإخوان، بقيادة عمر حسن البشير، السيطرة على مقاليد الحكم في السودان بانقلاب 1989 المسمى ثورة الإنقاذ التي جاءت بإسلاميين للحكم.

 ومن ثم تحول الاسم من الجبهة الإسلامية إلى حزب المؤتمر الوطني الذي اعتبر وعاء يضم جميع الطوائف والأديان السودانية، وتجدر الإشارة إلى أن الترابي سجن من قبل البشير، بعد أن أبعده من موقع القرار فكون حزبا معارضا للحكومة باسم (المؤتمر الشعبي)، كما تنازل الإسلاميون الحاكمون من المؤتمر الوطني عن كثير من أفكارهم بعد اتفاقية نيفاشا للسلام عام 2005م التي ألغت حكم الشريعة في الجنوب وسمحت بالتعاملات الربوية هناك وأفسحت المجال للحريات المدنية بالبلاد.

الجريدة الرسمية