رئيس التحرير
عصام كامل

ما تزال الفرصة قائمة.. فلا تضيعوها!!

ها هو  شهر رمضان قد انتصف، مضت أيامه الفضيلة سريعة وما أكثر ما تمر الأيام الجميلة مسرعة.. لكن الفرصة ما تزال سانحة للتعويض والعطاء؛ فما أعظم أن تفرج عن الناس كربة أو ضيقًا، بقضاء حوائج المحتاجين والإحساس بمتاعب الفقراء والمرضى؛ فالعبرة بثمرة الصيام وما تتركه من أثر حسن في المعاملات بين الناس وليس من الأخلاق من نراه من صياح وانفلات ومزاحمة وتشاحن على أسبقية المرور في الشوارع قبيل اندفاع مدفع الإفطار.. 

 

وليس من الصيام ما نراه من جرائم قتل يشيب لها الولدان؛ ولا ما تعرضه بعض المسلسلات من مشاهد عنف وعري وخدش للحياء وترك القضايا المهمة والأولويات الواجبة فرمضان شهر الانتصار على النفس والشيطان والهوى ومراجعة النفس وهو فرصة لإصلاح العلاقات التي أفسدناها طيلة العام وهو فرصة للتراحم وصلة الأرحام، فما جعلت العبادات إلا للتقوى وتهذِيب النفوس وترقية الأخلاق وتماسك المجتمعات وتقوية العلاقات.


ومن التقوى أن تتحسن الأخلاق والمعاملات ويزداد التكافل وتتوثق العلاقات وتتصل الأرحام.. لا أن نغرق في القطيعة والملذات ومشاهدة برامج ومسلسلات لا تبني قيمة ولا تصلح خلقًا ولا تخلق وعيًا حقيقيًا إلا ما رحم ربي!
قضاء حوائج الناس على اختلافهم من أنفع الأعمال وأحبها إلى الله.. 


السعادة الحقيقية

والبر شيء هيّنٌ؛ وجهٌ بشوش وكلامٌ هينٌ، والبر مفهوم جامع لكل خير؛ ومنه مواساة الناس في أتراحهم وأحزانهم وإصلاح ذات البين وصلة الأرحام والرحمة بالمسكين والضعيف والرفق بالمريض من البر، وتسهيل مصالح العباد وقضاؤها في يسر ودون منٍّ أو أذى.


وليست السعادة كما يعتقد بعضنا أن تأخذ فقط ما تحبه في هذه الدنيا.. بل السعادة الحقيقية هي التى تترك راحة في النفس وطمأنينة في القلب ولذة في الروح وصفاءً وتصالحًا مع الحياة واكتفاءً واستغناءً.. فهل جربت مثلاُ لذة أن تعطي وترى ابتسامة على وجه محتاج ساعدته أو مكروب فرجت عنه كربته أو معسر يسرت له أمره أو طالب مصلحة قضيتها له دون أن تؤذي مشاعره، أو تمنّ عليه.. في العطاء لذة لن يدركها إلا من تجرد من الأنانية والتملك والاستهلاك.. السعادة الحقيقية في الاستغناء والاكتفاء.

 

ما أعظم أن تمد يد العون للآخرين ولاسيما المحتاجون فذلك باب واسع لرضا الله ومحبة الخلق.. فخير الناس أنفعهم للناس.. وما كثرت المشاكل وقلّت البركة في الوقت والمال والولد إلا لانشغال كل فرد بنفسه وتكالبنا على الدنيا دون اكتراث بأوجاع الفقراء ومتاعب المحتاجين.. وما أكثرهم اليوم..


ما بقي في رمضان لا يحتمل التقصير ولا التقتير؛ فبادر بالإنفاق بما تستطيع؛ فقد شرع الله زكاة الفطر طُهرة للصائم من اللغو، والرفث، وطعمة للمساكين؛ وهي فريضة على كل مسلم ومسلمة صغيرًا كان أو كبيرًا ما دام يملك ما يزيد عن حاجته وحاجة من يعوله في يوم العيد.. وهي تدريب عملي على العطاء؛ كلٌ يعطي على قدر طاقته؛ المهم أن تعطي وتتجرد من نوازع الشح والبخل.

 


إن حوائج الناس كثيرة  ومتنوعة لا تقتصر على الجوانب المادية فحسب، بل تشمل الأمور الحسية والمعنوية أيضًا ومنها النفع بالعلم وإسداء النصح واستثمار العلاقات والجاه والشفعة الحسنة في خدمة الناس وتمكينهم من نيل حقوقهم الطبيعية في الصحة والعلاج والوعي والتعليم والعمل وغيرها من أبواب البر.
أما الامتناع عن مساعدة الآخرين فهو خيانة للإنسانية وخطيئة لا تغتفر وبخل لا يليق بأصحاب النفوس الكريمة وأنانية لا يرجى من صاحبها خيرًا.. فالله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه.

الجريدة الرسمية