رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

احذروا قطع الأرحام!

الدين المعاملة.. وأحق الناس بحسن المعاملة أو الصحبة هم الأهل؛ الأم، فالأب، فالإخوة، ثم الأقرب فالأقرب.. يقول الله عز وجل: «وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِى الْقُرْبَى».. النبى صلى الله عليه وسلم قرن العبادة التعاملية بالصلاة والزكاة، فحين سأله رجل: «أخبرنى بعمل يُدْخِلُنى الجنَّةَ، ويباعدنى من النار، فقال النبىُ: تعبدُ الله لا تُشْرك به شيئًا، وتقيمُ الصلاةَ وتُؤتى الزكاةَ، وتَصِلُ الرَّحِمَ".


المعاملة الحسنة ترجمة حقيقية لحسن الخلق، وهي ثمرة للتدين الحقيقي، وليس المغشوش الذي يتشدد ويتعالى ويضيق أفقه ويسوء خلقه.. حسن الخلق ترجمة عملية  لتعاليم السماء.. انظروا كيف تعامل النبي الكريم مع رجل تبول في المسجد لتروا أين وصلت رحمته وقدرته على التوجيه والتهذيب دون غضب ولا انفعال..

 

فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن أعرابيا بال في المسجد، فثار إليه الناس ليقعوا به، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "دعوه وأهريقوا على بوله ذنوبًا من ماء -أو سجلا من ماء-؛ فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين". 

 

أولى الناس بحسن المعاملة هم ذوو الأرحام؛ فصلة الرحم أعظم أجرًا وثوابًا بعد الفريضة؛ وهي من العبادات التعاملية يقول عمر بن دينار: ما من خطوةٍ بعد الفريضة أعظم أجرًا من خطوةٍ إلى ذى رحم، ثوابها معجلٌ فى الدنيا، ونعيمٌ مدخرٌ فى الآخرة، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن أعجل الطاعة ثوابًا صلة الرحم».


ورغم أن وسائل التواصل الاجتماعي تعددت وكثرت في زماننا لكن العلاقات الاجتماعية انتكست وتدهورت وتقطعت الأرحام وتراجعت الزيارات الأسرية واكتفى الأبناء برسائل الواتس والاتصال الإلكتروني وغابت الحميمية عن علاقاتنا الاجتماعية وخاصمها الدفء وصار البعيد قريبًا والقريب بعيدًا وكانت صلة الرحم  من أكثر المتضررين من تقدم التكنولوجيا؛ وصار أبناء هذا الجيل يفتقدون التواصل الحقيقي الذي ينبني عليه تماسك المجتمع وقوته.   

 
ولا يدري من يتكاسلون عن زيارة الأهل وخصوصًا الآباء والأمهات أنهم يخسرون كثيرًا ويلحقون بأنفسهم أبلغ الضرر ويغلقون بابًا عظيمًا من أبواب البر والرحمة يقول النبي الكريم: «إِنَّ الرَّحِمَ شَجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ اللَّهُ: مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ» « رواه البخارى». والشَّجْنَةُ هى عروق الشجر المتشابكة، فأى إنسان ما هو إلا حلقة فى سلسلة، وعقدة فى شبكة، فلا ينبغى أن يقطع ما حوله، فهل ننتبه لهذا المعنى النبوي العميق؟!


صلة الرحم تزيد البركة في الرزق والعمر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن سَرَّهُ أنْ يُبْسَطَ له فى رِزْقِهِ، أوْ يُنْسَأَ له فى أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ" وفي المقابل فإن قطع الرَّحمِ يرتبط بالفساد ويوجب العذابِ، يقول الله تعالى:"فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم"..رمضان فرصة حقيقية لاستعادة الأرحام.

 


ختام الكلام: يقول د.مصطفى محمود: إن الإنسـان إذا أسلم سفينة حياته للأهـواء.. مزقت الأهواء شراعه وحطمت مجـدافه.. وأصبحت حياته ألعوبة في يد الموج.. موج الهوى المتلاطم.. كل يوم على حال.. وكل لحظة بمزاج.. وانتكس قانونه فأصبح عقله في خدمة جنونه، وحكمته في خدمة شهوته، وثروته وسيلته إلى دماره.. وهذا حال عالم اليوم.. عالم الأهواء!

Advertisements
الجريدة الرسمية