رئيس التحرير
عصام كامل

د. حسين درويش: أنتجنا بالقومى للبحوث 4 أدوية بتكنولوجيا مصرية 100%.. والبحث المركون "على الرف" بلا قيمة ( حوار )

جانب من الحوار -
جانب من الحوار - فيتو

ثقافة تغيير الأطعمة أصبحت ضرورة ملحة ويجب على الناس تقبل البديل 
 

الأزمة الاقتصادية أثرت على جودة البحث العلمى ورفعت أسعار الكيماويات والأجهزة المستخدمة
 

أنتجنا لقاحا ضد إنفلونزا الطيور بفعالية 100% بعد أن كنا نستورد الصيني بفعالية 20% فقط 
 

لدينا برنامج للكشف عن السرقات العلمية.. وباحثونا غير مرتبطين بساعات عمل 
 

نسبة الاقتباس بالأبحاث العلمية يجب ألا تتجاوز 25% للحفاظ على مصداقيتنا
 

الباحث السارق يقضى على مستقبله بغلطة ولافرق بين سارق النقود وسارق الأبحاث
 

عصير القصب يظل على حالته ٥٠ يوما وتم بيعه اختراعه لمستثمر سعودى


 

بعد أربعة شهور فقط من تعيين الدكتور حسين درويش قائما بأعمال رئيس المركز القومى للبحوث للشئون الفنية والإدارية فى 17 أكتوبر 2022  ، تردد اسم المركز وباحثيه أكثر من مرة فى معارض دولية عديدة ومسابقات عالمية كثيرة، بعد تسجيله لمجموعة مبتكرة من براءات الاختراع التى تسهم بشكل أساسى فى خدمة المجتمع وتحقيق استراتيجية الدولة 2030.

وكان درويش يشغل منصب نائب رئيس المركز القومي للبحوث للشئون الفنية منذ نوفمبر عام 2018، وهو حاصل على دكتوراه في الكيمياء عام 1998 من "جامعة عين شمس" في مصر، وماجستير في الاختصاص ذاته عام 1995، وبكالوريوس في الكيمياء عام 1989 من الجامعة ذاتها.

كما شغل منصب أمين الصندوق العام للجان العلمية الدائمة للترقيات ومجلس الجوائز في المركز القومي للبحوث منذ سبتمبر 2018، والمشرف على الحقول الخاصة بشعبة الصناعات الكيماوية والثروة المعدنية منذ عام 2016، وهو أيضا أستاذ زائر بكلية الهندسة في "جامعة عين شمس".

ودرويش عضو في عدد من اللجان الفنية والعلمية بالمركز، منها: لجنة تمويل البحوث منذ عام 2016، ولجنة التنسيق الإعلامي منذ 2017، وهو عضو لجنة الكوارث في المجلس النرويجي للاجئين منذ 2015، وعضو لجنة البحث والتطوير ولجنة الجوائز بالمركز منذ 2010، وعضو نقابة المهن العلمية في مجال الكيمياء منذ عام 1990.

وشغل منصب رئيس وحدة شبكة المختبرات المركزية ومركز الامتياز في "المركز القومي للبحوث" بين 2015 و2018، وأمين صندوق مجلس إدارة المركز بين 2015 و2018، ونائب رئيس لجنة البحث العلمي باتحاد الصناعات المصرية بين 2013 و2016، ورئيس "وحدة الاستشارات والاختبارات الجيوكيميائية والحرارية والمعاملات الهندسية" بين 2010 و2018، والمشرف على مكتب نائب رئيس الشؤون الفنية بين 2017 و2018.
لذا كان لـ "فيتو" هذا الحوار معه.. فإلى نص الحوار:

● ما تقييمك لحجم الاستفادة والتعاون بين المركز القومى للبحوث بعلمائه وباحثيه وبين الوزارات المختلفة والمشروعات القومية؟


نحاول دائمًا أن نكون سابقين بخطوة لمصلحة وخدمة الدولة، وهذا هو الدور الفعلى المطلوب من البحث العلمى الذى دائمًا يكون له نظرة مستقبلية، فعلى سبيل المثال لدينا هنا مركز خاص بالتغيرات المناخية فكرنا فيه وانشأناه منذ سنوات عديدة، واليوم نجد الدولة كلها مهتمة بالتغيرات المناخية وكيفية الحد من آثارها الضارة. وفى COP27 كان مركز التغيرات المناخية بالقومى للبحوث حاضرا بأبحاثه ودراساته الكاملة ونتائجه التى توصل إليها من خلال الأبحاث والتجارب التى تم العمل عليها مسبقا.

● كيف يواجه المركز الفيروسات الجديدة التى انتشرت مؤخرا مثل فيروس «ماربورج» على سبيل المثال؟


كما قلت مسبقا المركز دائمًا يكون سبَّاقا بخطوة، فلدينا مركز تميز للفيروسات، وهو المركز الذى أنتج لقاح إنفلونزا الطيور المعتمد فى مصر، وساعد فى عدم انتشار هذا الوباء بين الطيور
فبعد أن كنا نستورد لقاحا صينيا بفعالية 20% فقط ضد إنفلونزا الطيور، أنتجنا اللقاح الخاص بنا بفعالية 100% وتم إنتاجه بالتعاون مع المصل واللقاح وقضى نهائيا على إنفلونزا الطيور، فبمجرد ظهور أي فيروس جديد يمكن أن يشكل خطورة علينا نبدأ فى فصل الفيروس معمليا وإجراء التجارب عليه لإيجاد لقاح أو علاج له.

● مهمة الباحث هى إيجاد حلول للمشكلات التى تواجه المجتمع، وفي أحيان كثيرة تقف عوائق وصعوبات أمام تطبيق الأبحاث على أرض الواقع، فهل يسبب هذا إحباطا للباحثين؟


دور الباحث ينتهى عند المعمل، أما خروج البحث وتطبيقه هذا أمر آخر يتعلق بأوراق وتعاقدات ومستثمرين وخلافه ليس لها علاقة بالبحث العلمى، لكن مهمة الباحث الأساسية تتمثل فى المحاولات المستمرة فى التجارب وإيجاد الحلول.


وحتى الخطأ يتم الاستفادة منه فيما بعد بحيث لا نتبع نفس الخطوات التى أدت إليه مسبقا واتباع خطوات أخرى جديدة، وبالتالى الأخطاء والسلبيات فى البحث العلمى تصبح نقاطا إيجابية مفيدة للباحثين الآخرين حتى لا يسلكوا نفس الطريق.

● كيف أثرت الأزمة الاقتصادية على جودة البحث المنتج؟


بوجه عام البحث العلمى قادر على مواجهة المشكلات المختلفة، فمن الناحية البحثية نحن ننتظر وجود عقبة حتى نعمل على حلها، أما من الناحية الفنية، فقد أثرت بالتأكيد الأزمة الاقتصادية ليس على جودة البحث لكن على ارتفاع أسعار الكيماويات والأجهزة المستخدمة، وهذا يمثل عائقا لكننا دائمًا نبحث عن البدائل.


فخلال فترة جائحة كورونا كنا نستورد كواشف الحرارة من الخارج، وعندما تم وقف الاستيراد استطاع الباحثون بمركز تميز الفيروسات إنتاج كواشف جديدة تحل محل المستورد وتعمل بنفس الكفاءة، وبالفعل تم اعتمادها فى وزارة الصحة، لذا عند وجود عقبة نحن نحولها إلى أمر إيجابى، وهكذا فى بحوث الصناعة إذا واجهتنا أي مشكلة نقوم بإسنادها إلى باحث آخر يتم دعمه ماديا لإيجاد حل لها خلال فترة وجيزة.

● البحث العلمى يقوم دائمًا على الابتكار وبيئة عمل ناجحة، فكيف يحقق المركز القومى للبحوث هذه المعادلة؟


الروتين موجود فى كل مكان، لكننا فى المركز القومى للبحوث نحاول أن نتخطاه دائمًا، فلا نسير على السطر لكننا نحاول تيسير كل السبل للوصول إلى الهدف الأهم، وهو مصلحة الوطن، فكثيرا ما نختصر الوقت الذى يتطلب عمل ٥ أو ٦ أيام إلى يوم أو يومين.


والباحثون هنا غير مرتبطين بساعات عمل وحضور وانصراف، فخلال جائحة كورونا كان الباحثون مقيمين 24 ساعة فى المركز، وتم عمل استراحات مجهزة بالكامل لإقامتها، للوصول فى نهاية إلى لقاح كورونا، فبمجرد أن تظهر المشكلة يتم تسخير كافة الجهود للعمل على حلها.

 

● يوجد فى المركز نحو ستة آلاف باحث، جميعهم وظيفتهم الأساسية إنتاج الأبحاث، فكيف يتم إدارة هذا الكم من الأبحاث والتأكد من جودته؟


الباحثون بالفعل مهمتهم إنتاج الأبحاث وهذه الأبحاث يتم نشرها فى مجلات ودوريات علمية مرموقة، والأبحاث الجيدة منها يتم رصدها فى "سكوبس" وهى قاعدة بيانات دولية تحتوى على ملخصات ومراجع من مقالات منشورة فى مجلات أكاديمية محكمة.


وبناء عليه يتم رصد الأبحاث المنشورة لكل باحث فى سكوبس، ويتم مكافأته عليها، وفى نفس السياق إذا تم عمل بحث خرج بنتائج غير مسبوقة فيتم تسجيله براءة اختراع بدلا من نشره، وهذا يكون ذا قيمة أعلى، لأن براءة الاختراع يتم تحويلها إلى منتج تطبيقى فيما بعد.

● ما تقييمك لحجم الأبحاث التى تم تحويلها لمنتجات على أرض الواقع؟


أحد مؤشرات جودة البحث هو إمكانية تطبيقه فى المجتمع وتحويله لمنتج يكون له عائد أو مردود لتعويض الإنفاق الذى تم على هذا البحث، فهذا هو البحث العلمى الناجح، لكن البحث العلمى المركون على الرف ليس له قيمة، وبالفعل هناك أكثر من منتج بحثى تم تطبيقه، لكنه ليس بالقدر الذى نتمناه.


فنحن لدينا هنا معرض للمنتجات البحثية القابلة للتطبيق، يتم زيارته من قبل رجال الأعمال والمستثمرين لمعرفة الجديد الذى يمكنهم صناعته وتطبيقه، وبالفعل تم تطبيق عدد من براءات الاختراع منها على سبيل المثال عصير قصب يظل على حالته لمدة تتجاوز ٥٠ يوما دون أن يتحول لونه إلى اللون الأسود وتم بيعه لمستثمر سعودى قام بتعبئته فى علب تشبه "الكانز" ويبيعه فى السوبر ماركت.

● تزامنا مع الأزمة الاقتصادية تم طرح بدائل عديدة للأطعمة، لكن لدى الناس تخوفات من التغيير، فكيف يواجه البحث العلمى ذلك؟


ثقافة التغيير أصبحت ضرورة ملحة فى الوقت الراهن، فيجب على الناس تقبل البديل لأن الأساس أو الأصل غير متوفر، فالناس يكون لديهم رفاهية الاختيار عندما يكون الأصل متوفر، لكن إذا كنا نستورد الأصل وأصبحنا غير قادرين على توفيره، فنحن مجبرون على تجربة البديل وتقبله، ورب ضارة نافعة لأن هذه الأزمة ستظهر معدن البحث العلمى الحقيقى الذى يعمل جاهدا لخدمة المجتمع لابتكار منتجات بديلة جديدة تُغنينا عن الاستيراد.

● ما دور المركز القومى للبحوث فى توطين وتطوير صناعة الدواء فى مصر؟


- هذا بالفعل مانعمل عليه منذ فترة، فقمنا بعمل تحالفات عديدة مع أكاديمية البحث العلمى، وكليات الصيدلة، وجهات بحثية وجامعية أخرى متعددة، وتم اتحاد كل هذه الجهات فى تحالف واحد يعمل على توفير مدخلات ومستلزمات الأدوية من خلال إنتاج المادة الفعالة للدواء بتكنولوجيا مصرية 100%، وبالفعل هذا التحالف نجح فى إنتاج مستلزمات ومدخلات نحو أربعة أدوية، وجارٍ تسجيل براءة الاختراع الخاصة بهم.

● السرقات العلمية كارثة تهدد البحث العلمى، فكيف يتم تجنب ذلك داخل المركز القومى للبحوث؟


- الأبحاث كلها يتم نشرها فى مجلات ودوريات علمية محكمة لها أساليبها المتعددة فى الكشف عن السرقات والاقتباس العلمى، ولدينا هنا أيضًا برنامج للكشف عن السرقات البحثية وتحديد نسبة الاقتباس التى يجب ألا تتجاوز 25% للحفاظ على مصداقيتنا تجنبا لأى مشكلات.


والسرقات العلمية فى مصر وخارج مصر هى جريمة يعاقب عليها القانون، وبمجرد اكتشافها يتم تحويل الباحث إلى مجلس تأديب ويُمنع من النشر تماما ويوضع فى القائمة السوداء للمجلات العلمية حتى لا يتم التعامل معه مرة أخرى، فالباحث السارق يقضى على نفسه بغلطة، فليس هناك فرق بين سارق النقود وسارق الأبحاث، والبحث المسروق يكون وصمة عار على الباحث أمام العالم أجمع.

 

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"

الجريدة الرسمية