رئيس التحرير
عصام كامل

الفن وسنينه

لسان حال الفنانين: إن فاتك موسم الرياض؟!

الفن صناعة وسلعة وبالتبعية يكون الفنان سلعة أيضًا، ينطبق عليها قوانين العرض والطلب صعودًا وهبوطًا، ومن ثم فإن الفنان من مختلف فروع الفن، تمثيل، تأليف، إخراج، تلحين، غناء وشعر إلى آخره، له مطلق الحرية في البحث عمن يقدم له أفضل العروض والمغريات من الناحيتين المادية والأدبية من أي جهةٍ كانت وفي أي مكانٍ أو زمانٍ، وهو ما لا يعيبه شيء ولا ينتقص منه..

 

خاصةً في ظل الأوضاع الصعبة جدًا التي نعانيها والعالم أجمع على كافة المستويات.. الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والفنية أيضًا، ومن ثم لم يكن مستغربًا أن نجد معظم الفنانين خاصةً النجوم منهم أصحاب الأجور الخرافية يهرولون إلى المشاركة بأعمال مسرحية سريعة التجهيز وقصيرة العمر مثل وجبات الFast Foods ! أو بحفلات غنائية من نفس النوع،  في مهرجان موسم الرياض الذي تحتضنه العاصمة السعودية حاليًا للموسم الرابع..

 

ويشهد حفلات وأفراح وليالي ملاح ومباريات رياضية ومسابقات وألعاب من كل صنفٍ ونوعٍ وبمشاركة معظم الفنانين العرب، وعدد كبير من نجوم العالم ويمتد لأربعة أشهرٍ كل عامٍ من ديسمبر حتى مارس، ليصبح المهرجان الأكبر والأوحد في العالم من هذه النوعية.


الكل يغني ويمثل ويرقص


موسم الرياض هو مهرجان ترفيهي عالمي يهدف إلى تحويل مدينة الرياض إلى وجهة ترفيهية سياحية عالمية، وفقًا لأهداف برنامج جودة الحياة، أحد برامج رؤية السعودية ٢٠٣٠، وقد حرص المهرجان على استقطاب معظم نجوم الوطن العربي خاصةً المصريين منهم من خلال المسرحيات والحفلات الغنائية، موفرًا لهم كافة الإغراءات المادية من أجور عالية، والفنية من أحدث التقنيات والتجهيزات..

 

فشاهدنا عددً كبيرًا من العروض المسرحية التي تقدم لأيام قلائل لغالبية النجوم، مثل محمد هنيدي بمسرحية سلام مربع، محمد سعد بعرض اللمبي في الجاهلية، هاني رمزي ب أبو العربي، يحيى الفخراني ب الملك لير، أحمد السقا ب سيدتي الجميلة بعد غياب ٢٠ عامًا عن خشبة المسرح، وأخيرًا أحمد حلمي ب مسرحية ميمو التي يرفع الستار عنها بعد يومين ليعود للمسرح بعد ٢٢ عامًا أيضًا..  

 

بجانب العروض المسرحية،  شهد موسم الرياض في نسخه الأربع حتى الآن حفلات غنائية لعدد كبيرمن نجوم الغناء المصري مثل.. تامر حسني وعمرو دياب وتامر عاشور ومحمد حماقي كما قدم محمد رمضان حفلًا هو الآخر، بالإضافة إلى ليلة التريو الغنائية غير المسبوقة، التي شارك في إحيائها ١٢ من كبار نجوم الغناء العربي.. نانسي عجرم، إليسا، أصالة، نجوى كرم، أنغام، لطيفة، نوال الزغبي، صابر الرباعي، وائل كفوري، اصي الحلاني، بهاء سلطان، وليد توفيق والتي أقيمت ليلة رأس السنة الأخيرة بمسرح البوليفارد بالرياض.

أكذوبة سحب البساط 


موسم الرياض له ما له وعليه ما عليه، فلا ننكر أنه أحدث حالة من الانتعاشة الفنية الكبيرة والحراك في أرجاء الوطن العربي، بمشاركة فنانين وصناع فن من مختلف الدول العربية في كافة تخصصات وأفرع الفن، خاصةً والكل يعاني من الركود والجمود على خلفية الأحداث الدقيقة التي يمر بها العالم كله حاليًا. وهو ماساعد على مواجهة هذه الظروف المادية الصعبة وفتح آفاق وفرص جديدة لعدد كبير من الفنانين كانوا لا يجدون متنفسًا لهم في بلادهم.

 

والأمثلة على ذلك كثيرة في سوق الفن المصري، الذي صار مقصورًا على حفنة قليلة جدًا من صناع الفن والفنانين، كما أعاد موسم الرياض عددًا من النجوم إلى خشبة المسرح بعد غياب طويل مثل السقا وحلمي، أما ما يؤخذ عليه هو أن غالبية مسرحياته من النوع الاستهلاكي التجاري سريع التجهيز.. 

 

هدفه الترفيه فقط دون تقديم رسالة أو مضمون هادف، مسرح سياحي بالدرجة الأولى كما أن اختيار منتجي هذه العروض والفنانين المشاركين فيها يخضع في أحيان كثيرة للعلاقات الشخصية، ولاعتبارات أخرى بعيدة عن الفن والجودة وهو ما ينطبق أيضًا على الحفلات الغنائية التي ظلت معظمها مقتصرة على فئة ضيقة من المطربين؟!


أخيرًا يخطئ من يعتقد أن مهرجان موسم الرياض رغم كل زخمه وضخامته، سحب أو سيسحب البساط والريادة من القاهرة عاصمة الفن العربي وقبلته منذ أكثر من ٨٠ عامًا، لأن هذا البساط وهذه الريادة الفنية صنعها نجوم الفن المصري بإبداعاتهم وابتكاراتهم وأفكارهم عبر هذا التاريخ الممتد من خلال مجموعة من عمالقة الفن في السينما والمسرح والتليفزيون من كتاب ومخرجين لا يتسع المجال لحصرهم عبر أجيال متعاقبة..

 

فكان لهم تأثير كبيرعلى الحركة الفنية والفنانين في كل الدول العربية، وهذه الذخيرة الكبرى التي مازالت تعطي وتبدع حتي هذه اللحظة لم ولن تتوافر للأشقاء لا من ناحية الكم أو الكيف ولن تصنعها أبدًا الأموال مهما بلغت؟! فاطمأنوا، البساط لا يمكن سحبه والريادة في آمان!. ولكن ليس معنى هذا الارتكان إلى التاريخ بل هو دعوة لمزيد من الاجتهاد والإبداع والتطور والحرص على تقديم الفن الهادف الخلاق.

الجريدة الرسمية