رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

سفينة النجاة!

في ظل ما تحياه المجتمعات الرأسمالية من حالة وهن أخلاقي وفرط لسيطرة المادة ونزوع أفرادها نحو التحيز لذواتهم بصورة أنانية ونرجسية.. وفي ظل ما نعيشه من موجات غلاء وتضخم، بعضها مستورد، وبعضها من صنع أيدينا وجشع بعضنا وضعف الرقابة على الأسواق..

 

فإن أكثر ما يحتاجه مجتمعنا في هذه الأيام الصعبة هو تعميق التكافل الاجتماعي وتعزيز التراحم، والعطف على المساكين، والرحمة بالضعفاء.. فأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على إنسان محتاج، أو تكشف عنه كربة، أو تطرد عنه جوعًا، أو تقضي عنه دينا.. وما أكثر المدينين والمعسرين في زماننا!


ما استحق أن يولد من عاش لنفسه فقط، وكيف ترضى لنفسك أيها الميسور أن تتنعم بما لذ وطاب، وحولك جائعون أو مرضى لا يجدون ما يسد رمقهم أو يشفي علتهم.. ألا تعلم أن إطعام الجائعين مقدم حتى على الأمن، وكلاهما –أي الطعام والأمن- مما لا تستقيم الحياة بدونه.. يقول الله تعالى "الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ".. 

التكافل الاجتماعي

فتفقدوا جيرانكم وأرحامكم وأقاربكم وأصدقاءكم ومن عرفتم ومن لم تعرفوا، وأعطوا مما أفاء الله عليكم ومما تأكلون وتطعمون أهليكم؛ فإن "في كل كبد رطبة أجر"، وهذه وصية الرسول الكريم: "يا أبا ذر إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك"، وفي الحديث "ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به.. ويقول أيضًا:"اتقوا النار ولو بشق تمرة"..فلا تستحى من إعطاء القليل فالحرمان أقل وأصعب.


إطعام الفقراء في هذه الأيام الصعبة واجب إنساني  يمنع البلاء عن المجتمعات ويقوى روابطها وتماسكها ويشيع الأمن بين أفرادها، وهو قربى إلى الله، فما كثر الفقراء وما جاعوا إلا ببخل الأغنياء وشحهم وتراجع دورهم الاجتماعي ؛ ولو أن كل ميسور في حي أو قرية أو مدينة تحرى أحوال فقرائها ومد لهم يد العون لعالجنا كثيرًا من خلل منظومتنا الاجتماعية وارتفع منسوب الأمل عند الناس.


الشعور بمعاناة الفقير والمسكين وذوي الحاجة نعمة كبرى تجلب الخير للمجتمع وتمنع عنه الأحقاد والضغائن ولهذا شرع الله الصيام؛ ليشعر الغني بمعاناة الفقير، وإطعام الطعام يجلب الحب ومرضاة الرب وهو باب عظيم من أبواب نيل الثواب والقرب من الله -عز وجل- في الحديث يقول الله -عز وجل-: "يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني. قال: يا رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال: "أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي".


إطعام الطعام رمزية للتكافل الاجتماعي بمعناه الواسع وليس أدل على أهميته من قول النبي الكريم: "وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام.

 


وفي المقابل فإن منع الطعام عن مستحقه أو عدم الحض عليه ذنب يستوجب العقاب، وهو شأن من لا يؤمن بيوم الدين بل شأن المكذبين بيوم الجزاء والحساب: (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ) [الماعون:  1- 3].. فإختر لنفسك ما شئت.

Advertisements
الجريدة الرسمية