رئيس التحرير
عصام كامل

الله يراقبنى !

توقفت كثيرا أمام عبارة وردت في كلام مدير مستشفى سرطان الأطفال لإحدى الفضائيات وهو يشرح الأزمة التى تتعرض لها تلك المستشفى الآن وتهددها بالتوقف عن العمل وإغلاق أبوابها بعد انخفاض التبرعات التى تجمعها.. 

 

فهو قال إن الله يراقب ما تفعله إدارة المستشفى بهذه التبرعات وذلك لتأكيد أنه يتم إنفاق هذه التبرعات فى الغرض الذى جمعت من أجله وهو علاج الأطفال المصابين بالسرطان مجانا.. هذه العبارة صارت تقال وتردد الآن من قبل بعض المسئولين، وبدا أنها تبرر التقليل من شأن رقابة البشر على بعضهم البعض كما تقضى مبادئ الحوكمة! 


إن كل أتباع الديانات حتى غير السماوية يعتقدون أن الله الذى يؤمنون به يراقبهم وسوف يحاسبهم على أعمالهم ويعاقبهم على أخطائهم.. ومع ذلك فإن هذا لم يمنع أن يخترع البشر نظما للرقابة البشرية على بعضهم البعض ليضمنوا سلامة أعمالهم وصيانة الأموال العامة وحمايتها من الاستيلاء عليها.. 

 

بل إنهم حينما قاموا بتأسيس الدول اهتموا بأن تكون هناك رقابة شعبية على الحكومات والسلطات التنفيذية فيها.. لذلك ليس مقبولا ومستساغا أن يأتى أحد الآن ليروج للاستغناء عن رقابة البشر مادام هناك رقابة إلهية!


أنا هنا لا أتحدث عن أزمة مستشفى أثير ومازال يثار حولها الكثير من الكلام خاصة حول التبرعات التى تجمعها وتعانى الآن من نقص هذه التبرعات، وإنما أتحدث عن أهمية وضرورة الرقابة على الأعمال في بلادى، صغر منها وما كبر.. 

 

وأنبه إلى أن رقابة الله لنا جميعا نحن البشر لا يجب أن يستخدمها أحد مبررا لتقليل شأن الرقابة البشرية على الأعمال داخل الدولة إبتدا من أعمال قمة السلطة التنفيذية وحتى أصغر مدير فيها، وأيضًا أعمال وأنشطة منظمات المجتمع المدنى.. 

 

 

فهذه الرقابة ليست فقط وقاية للحماية من الفساد وإنما هى تضمن لنا حسن الأداء وصحة السياسات والقرارات، فضلا عن سلامة إنفاق الأموال العامة.. وهذا ما أرشدنا له الله عز وجل.  

الجريدة الرسمية