رئيس التحرير
عصام كامل

الدين المعاملة

من المعلوم أن ديننا الحنيف يدور حول ثلاثة محاور وهي (العقائد والعبادات والمعاملات) والأصل في العقائد الإيمان بوجود الله تعالى ووحدانيته سبحانه والإيمان بملائكته ورسله وكتبه ورسالته التي أنزلها سبحانه وتعالى والإيمان بالقضاء والقدر واليوم الآخر الذي يجمع الحق عز وجل فيه العباد للفصل والحساب.

والغاية من العقائد صحة الإيمان والتوحيد وإخلاص العبادات لله تعالى. هذا والعبادات هي التكاليف الشرعية التي كلف الله تعالى بها عباده المؤمنين وهي تدور حول الأوامر والنواهي والأحكام والحدود التي شرعها الحق عز وجل وأمر بها سبحانه. والغاية منها واستقامة حركة الإنسان في الأرض حتى يؤدي دوره المنوط باستخلافه في الأرض والذي يتمثل في ثلاثة أمور وهي: عمارة الأرض وإثراء الحياة عليها.. وإقامة العدل الإلهي عليها.. ونشر الرحمة بين ربوعها..

العبادات والمعاملات

 

والعبادات في الحقيقة ليست بغاية في حد ذاتها بل هي وسيلة أساسية لا مناص عنها تؤدي إلى الغاية وهي محبة الإله الخالق سبحانه وتعالى وفتح باب المعرفة به والقرب منه.. وهذا موضوع سوف أفرد له مقال خاص..

هذا وأما عن المحور الثالت من المحاور التي يدور حولها دين الإسلام وهو المعاملات. هو المحور الذي يتمثل فيه خلاصة الدين إذ أن كل المعاملات في الإسلام عبادات. ولقد أشار الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله إلى ذلك بقوله (الدين المعاملة). أي  حسن وطيب المعاملة مع كل العوالم والكائنات التي تعيش معنا على هذا الكوكب. مع بني الإنسان البشر بإختلاف عقائدهم وأشكالهم ومن الإسلام إحترام عقيدة الغير وعدم عداءه والإعتداء عليه بسبب إختلافه معنا في العقيدة..

فإسلامنا يأمرنا بالإحسان لكل الناس وخاصة أهل الكتاب. يقول تعالى: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا). ويقول عز وجل آمرا للمؤمنين: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ). ويقول الهادي البشير السراج المنير صلى الله عليه وسلم وعلى آله: (صل من قطعك وأعطي من حرمك واعفو عمن ظلمك).

جبر الخاطر

 

هذا وكما ذكرت أن كل المعاملات التي حث عليها الإسلام وأمر بها كل عبادات يثاب عليها المسلم ويُرجى. حسن المعاملة وطيب العشرة بين الأزواج عبادة. حسن تربية الأبناء عبادة. صلة الأرحام عباده. بر الوالدين والإحسان إليهما عبادة. توقير الكبير وإحترامه ورحمة الصغيرعبادة. حسن معاملة الجار عبادة.

العطف على الأرملة واليتيم والمسكين والفقيرعبادة. إطعام الطعام وكسوة العريان عبادة. الإصلاح بين الناس عبادة. وإغاثة الملهوف ومد يد العون للمحتاج عبادة. بل من أجل وأعظم العبادات لقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله: (ثلاثة يخاطبهم الله عز وجل على منابر من النور. مشبع الجوعان ومُكسي العريان ودليل المحتاج). وفي رواية: (ومغيث الملهوف).

هذا وهناك من العبادات ما قد يغيب عن بعض الناس حوت من الفضل والعطاء الإلهي الكثير والكثير منها جبر الخاطر. وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم وعلى آله أنه قال:  (ما عبد الله تعالى بشئ أحب إليه من بعد الفرائض من جبر الخاطر).. هذا وحتى دقائق الأعمال التي لا نجعل لها وزن. اعدها الإسلام من العبادات. منها: إماطة الأذي عن الطريق. تبسمك في وجه أخيك المسلم وإدخالك السرورعلى قلبه.. 
 

 

أحبتي.. إن ديننا الحنيف حوى كل المكارم والفضائل والمحاسن والقيم الإنسانية النبيلة. فأين نحن من أخلاق وقيم ديننا الحنيف؟ لقد إبتعدنا كثيرا بعدما إعتلت قلوبنا بحب الدنيا وتحكمت فينا الأنوات والأهواء.. فهل آن الأوان للرجوع إلى هدي سيد الأنام عليه الصلاة والسلام.

الجريدة الرسمية