رئيس التحرير
عصام كامل

السلطان حسن بن الناصر، الحاكم الشاب الذي تآمر عليه المماليك وأجهضوا دولته

مسجد السلطان حسن،
مسجد السلطان حسن، فيتو

السلطان حسن بن الناصر محمد قلاوون، تولى في مثل هذا اليوم من عام 1347 عرش مصر وحتى عام 1351 م كسلطان للدولة المملوكية بمصر والشام والحجاز واليمن والعراق وأفريقية. 

 

نشأة السلطان حسن بن الناصر محمد قلاوون

 

السلطان حسن بن الناصر هو الابن الثامن من أبناء الناصر محمد بن قلاوون، تولى الحكم بعد أخيه المظفر زين الدين حاجي بن الناصر محمد، وتولى بعده الحكم أخيه الناصر بدر الدين للمرة الثانية.

 

ولد  السلطان حسن بن الناصر محمد قلاوون سنة 735هـ/1334م ونشأ في بيت ملك وسلطان؛ فأبوه السلطان الناصر محمد بن قلاوون صاحب أزهى فترات الدولة المملوكية التي بلغت فيها الدولة ذروة قوتها ومجدها.

 

وشاء الله أن يشهد الوليد الصغير ست سنوات من سني حكم أبيه الزاهر، فقد توفي سنة (741هـ/1340م)، وخلفه ستة من أبنائه لا يكاد يستقر أحدهم على الملك حتى يعزل أو يقتل ويتولى آخر حتى جاء الدور على حسن بن الناصر فتولى السلطنة في ديسمبر 1347م صبيا لا يملك من الأمر شيئا، قليل الخبرة والتجارب، فقيرًا في القدرة على مواجهة الأمراء والكبار وتصريف الأمور.

 

 محاصرة المماليك للحاكم الشاب 

 

كان يدبر الأمر الأميران منجك وأخوه بيبغا أرس، السلطان حسن بن الناصر كالمحجور عليه.. عاجزا عن التصرف، وشاءت الأقدار أن تشهد السنة الثانية من حكمه ظهور الوباء الذي اشتد بمصر وفتك بمئات الألوف.

 

ويذكر المؤرخون أنه كان يموت بمصر ما بين عشرة آلاف إلى خمسة عشر ألفا في اليوم الواحد، وحفرت الحفائر وألقيت فيها الموتى؛ فكانت الحفرة يدفن فيها ثلاثون أو أربعون شخصا، وعانى الناس من الضرائب والإتاوات التي فرضها عليهم الأميران الغاشمان؛ فاجتمع على الناس شدتان: شدة الموت، وشدة الجباية.

 

وفي سنة 1350م أعلن القضاة أن السلطان قد بلغ سن الرشد، وأصبح أهلا لممارسة شئون الحكم دون وصاية من أحد أو تدخل من أمير، وما كاد يمسك بيده مقاليد الأمور حتى قبض على الأميرين وصادر أملاكهما.

 

كان هذا نذيرا لباقي الأمراء الذين خافوا من ازدياد سلطانه واشتداد قبضته على الحكم، فسارعوا إلى التخلص منه قبل أن يتخلص هو منهم، وكانوا أسرع منه حركة فخلعوه عن العرش في  11 من أغسطس 1351م، وبايعوا أخاه الملك صلاح الدين بن محمد بن قلاوون وكان فتى لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره.

 

الولاية الثانية للسلطان حسن

 

لم يكن حظ السلطان الجديد أسعد حالا من أخيه السلطان حسن، فكان مقيد التصرف لا يبرم أمرا أو يصدر حكما، وتجمعت السلطة في يد الأميرين صرغتمش وشيخون، وحين حاول أحد الأمراء الاستعانة بالسلطان لخلعهما والقبض عليهما سارعا إلى القبض على السلطان وإعادة أخيه الناصر حسن إلى الحكم مرة أخرى عام1354م. 

 

ولما تولى الحكم ظل على حاله مغلوبا على أمره، لا يملك من السلطنة إلا اسمها، لا يباشر الحكم ولا يقدر على ممارسته في ظل طغيان الأميرين صرغتمش وشيخون؛ فلما قتل ثانيهما سنة 1357م انفرد الآخر بالحكم وعظم أمره واستطال في الدولة، وازدادت ثروته وكثر مماليكه، وغرّه حاله فتطلع إلى السلطنة، وعزم على انتزاعها من السلطان المغلوب على أمره.

 

 ولما ذهبت الأنباء إلى السلطان وكان قد صهرته التجارب، فكان أسبق من غريمه، ونجح في القبض عليه وسجنه، وأصبح سلطانا بلا منازع، وصفا له الجو لأول مرة، وتحررت قراراته من القيد والمراقبة، وباشر شئون الدولة بنفسه دون تدخل من أحد.

 

ولكن ذلك لم يدم طويلة؛ إذ نازعه الأمر مملوكه الأمير يلبغا العمري الذي نجح في القبض على السلطان وقتله في 17 من مارس 1361، وكانت مدة ملكه في سلطنته الثانية 6 سنوات وسبعة أشهر.

 

مسجد السلطان حسن

 

أنشأه السلطان حسن، وهو يعد من أكثر آثار القاهرة تناسقًا وانسجامًا، ويمثل مرحلة نضوج العمارة المملوكيّة، إذ تم ترميم وإصلاح المسجد من قبل لجنة حفظ الآثار المصرية عام 1915م. 

 

 

بدأ البناء في سنة 1356 ميلادية واكتمل بعدها بسبع سنوات في 1363، قتل السلطان قبل أنتهاء البناء ولم يعثر على جثمانه، ولم يدفن في الضريح الذي بناه في المسجد خصيصا بل دفن فيه ولداه فيما بعد.

الجريدة الرسمية