رئيس التحرير
عصام كامل

ليز تراس الصهيونية أم ٤٤ يوم!!

في محاولة حمقاء لزيادة شعبيتها وتقديم عربون للوبي الصهيوني فاجأت ليز تراس العالم بصهيونيتها بعد ساعات من توليها رئاسة الوزرارة البريطانية، ولكنها فشلت في تحقيق ما وعدت به فكان ولابد أن تستقيل بعد ٤٤ يوما من ولايتها، وإلا ضاع حزب المحافظين، لأنها أضعف من هذا المنصب الحساس في هذا التوقيت، وذلك بعد يوم واحد من إقالة وزير المالية كواسي كوارتنج، الذي كان ضحية الضغوط على الحكومة من أعضاء حزب المحافظين في البرلمان عقب طرح الميزانية المصغرة، وكادت أن تدمر سمعة الاقتصاد البريطاني. وكان قرار الإقالة محاولة من  ليز تراس للحفاظ على حكومتها ومنصبها ذلك أنه من الواضح أنها حرب اليمين المتشدد واليسار الليبرالي..

 

اليمين المتشدد في كل البلدان يميل إلى بوتين والكتل اليمينية هي من تقود تظاهرات غلاء المعيشة في أوروبا. والضحايا حتى الآن: رئيس الوزراء الإيطالي ثم بوريس جونسون في بريطانيا ثم خليفته ليز تراس، والشهر القادم الحزب الديموقراطى الأمريكي والدور على شولتز ألمانيا وماكرون فرنسا. وهكذا تتساقط دول الاتحاد الأوروبي تباعا مثل أوراق الشجر في الخريف ليصبح هذا الشتاء مريرا وحاسما على أوروبا وأمريكا والعالم في ظل أزمة طاقة تنذر بشتاء قاس يشهد المزيد من الانهيارات السياسية بعد انقطاع الحبل السرى بين روسيا وأوروبا الذى كان يمدهم بالطاقة والحياة.

قرارات اقتصادية صعبة 

 

وكان من المتوقع منذ التحالف الغربي ضد روسيا أن تنهار حكومات الحلفاء واحدة تلو الأخرى وأن الأحزاب الكبرى الحاكمة مثل الحزب الديموقراطي الأمريكي ستسقط في أي انتخابات مقبلة الاستحقاقات لآن الأزمة منذ بدايتها هدفها سياسي إستراتيجي لتغيير المعادلة وموازين القوى وقدر لها أن تبدأ وتبدو عسكرية على الأراضي الأوكرانية وهى التفاصيل التى غرق فيها المحللون بينما بوتين عينه على أهداف أخرى بعيدة، ولم يدخل الحرب العسكرية بعد فالأزمة ليست عسكرية ولكنها محاولة جادة لإعادة التوازن العالمي وصياغة علاقات دولية جديدة بعيدا عن معادلات ما بعد الحرب الثانية عام ١٩٤٥.

 

وكانت بريطانيا قد مرت بنفس الأوضاع بعد الحرب  العالمية الثانية وكانت القروض الأمريكية وخطة مارشال هي التي منعت الاقتصاد البريطاني من الانهيار ومؤخرا أصدر مركز الأبحاث الاقتصادية والتجارية ومقره لندن تقريرا في وقت سابق، حذر من أن البلاد تخاطر بمواجهة أكبر انخفاض في مستويات المعيشة منذ الخمسينيات. وتسارع التضخم السنوي في بريطانيا إلى 9%، وهو أعلى معدل منذ 40 عاما..

 

حيث يقدر بنك إنجلترا أن التضخم سيتجاوز 10% بنهاية العام الحالي بسبب عواقب الأزمة في أوكرانيا وكورونا وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وكان وزير الخزانة قد اعترف بأن حكومة بلاده ارتكبت أخطاء عندما أعلنت في الشهر الماضي عن تخفيضات ضريبية دون توفير مصادر للتمويل. 

وقال إنه يجب الآن اتخاذ قرارات اقتصادية صعبة للغاية للخروج من الأزمة.

 

 

وفي خضم أزمة غلاء المعيشة التي يعاني فيها ملايين البريطانيين من التضخم، سيعود حزب المحافظين إلى انتخابات داخلية بحثا عن قائد جديد له سيكون الخامس في ست سنوات. استقال تحت وطأة عدد من الفضائح بينما دعا زعيم حزب العمال البريطاني كير ستارمر، إلى إجراء انتخابات عامة قائلا بعد 12 عاما من فشل حزب المحافظين، يستحق الشعب البريطاني أفضل بكثير من دوامة الفوضى هذه 

 

وقد تختلف مع بريطانيا في كثير من أمورها وسياستها تجاهنا ولكن لابد من الإعتراف أنها نموذج عملي للديمقراطية والشفافية وحكم الشعب ونزاهة صناديق الانتخابات والاعتراف بالخطأ دون مكابرة أو تبرير أو تحميلها للآخرين.

الجريدة الرسمية