رئيس التحرير
عصام كامل

كنا واحد

وقت اندلاع فتيلة ثورة 1919 كان هناك صورة شهيرة تجمع القمص سرجيوس سرجيوس خطيب الثورة حين ذاك مع أحد الشيوخ الأفاضل والذي كان معه ليقودوا الثورة معًا، وبعدها في ثورة يناير عام 2011 وجدنا المسلمين يصلون في ميدان التحرير تحت حماية الأقباط الذين شكلوا سورًا بشريًا ليحميهم أثناء أدائهم لفروض صلواتهم.


وبين تلك الوقائع كانت هناك مواقف عديدة تثبت ترابط عنصري الأمة دون تمييز أو تفرقة ملموسة، بل أنني كنت أسمع من كبار السن حينما أجلس معهم، كيف كانت مصر أيضًا واحدة في الأعياد والمناسبات، وكيف كان يتشارك الجميع في ليلة عيد الغطاس المجيد في صعيد مصر على ضفاف النيل ليأكلوا سويًا القصب والقلقاس وينيرون قناديل البرتقال ويشكلوها سويًا.


لكني لا أعرف ما الذي تغير الآن وجعل بعض القلوب مليئة بالقسوة وعدم الإحساس بآلام الآخرين وإدراكها أن الحزن لا يخص شخصًا بعينه، بل يخصنا ككل، لأن في نهاية المطاف الحزن يتعلق ببلدنا الحبيبة مصر وليس لأتباع دين واحد أو مجموعة معينة من الناس.


أتذكر حينما دعى الصحفي الكبير الأستاذ مصطفى أمين للإحتفال بعيد الحب المصري في 4 نوفمبر، دعاه حينما وجد جنازة تمر لم يكن فيها سوى النعش وثلاثة أشخاص فقط حوله ليودعوا الميت إلى مثواه الأخير، وكأنه رسالة مهمة للحب ولقبول الآخر، حتى وإن كان مختلفًا معنا في الفكر أو الديانة أو أي شيء، فقط لأنه إنسان يستحق الحب والإحترام.


ربما نختلف دينيًا، نختلف عقائديًا أو سياسيًا، أو حتى نختلف في الفكر أحيانًا كسمة عن التنوع والإختلاف، ولكننا نتحد في نهاية المطاف كوننا بشر وكوننا مصريين متشابهين تمامًا، تجمعنا أرض واحدة وحلم واحد ووطن نحلم برفعته سويًا.

 


فقبل أن تسخر من حزن بعض الأقباط في حوادثهم أو حزنهم، إسال نفسك سؤالًا بسيطًا، هل هذا سيشعرك بالنصر أو الإنتصار أو سيقلل من حجم مصابهم؟، وإذا كانت الأجابة نعم فعليك أن تراجع إنسانيتك وتقوى صلتك بدينك، أما إن كانت لا، فتذكر أنه إذا  كان الكلام من فضة أحيانًا فالصمت يكون من ذهب طوال الوقت.
Twitter: @PaulaWagih

الجريدة الرسمية