رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

صحة بوتين

صحة الرئيس أو أي حاكم هي شأن عام محلي وإقليمي ودولي، وفي الديمقراطيات عادة تبادر مؤسسات الحكم إلى الإعلان عن الحالة الصحية للحاكم، نزلة برد، أو نزلة عناية مركزة. ويحرص الحكام في الغالب على الظهور موفورى الصحة مشدودي القامة مرفوعي الرأس، أقدامهم ثابتة. الرئيس السيسي يمشى بخطوات واثقة. الرئيس الامريكي بايدن له خطوات قصيرة عجوز متحسبة، نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل السابق خطواته برميلية، أي تتحرك الكتلة الجذعية كلها.. ولم يحدث أن تابع الغرب صحة رئيس كما يتابعون الآن صحة عدوهم اللدود فلاديمير بوتين..

 

لا يخلو موقع أو مجلة من تلك الأخبار، آخرها نيوزويك، ونيويورك بوست، نقلا عن موقع روسي مستقل اسمة proekt -وترجمته عن الروسية مشروع- كلها تقارير تتحدث ولا تقطع بدليل، بأن بوتين مريض بسرطان الدم ومريض بالغدة الدرقية، ومريض بمرض الشلل الرعاش، ومريض بخلل عقلي، واضطرابات في الذاكرة، وأنه تعرض لمحاولة اغتيال في مارس الماضي، وانه كان يمسك بحافة الطاولة امساك المريض المهتز أن يقع، في فيديو لقائه بوزير الدفاع شويجو.. وإنه اختفى طيلة ابريل الماضي لأنه يعالج من السرطان رغم أن لقاءه بوزير دفاعه كان في إبريل، وأنه محاط بثلاثة عشر طبيبا في مختلف التخصصات طول الوقت!


وكل هذه الأمراض مجتمعة أصابت بها المخابرات الامريكية الثلاثة جسد وعقل الرئيس الروسي. مخابرات وزارة الدفاع. المخابرات الوطنية، وبالطبع المخابرات الأم CIA، فضلاعن جنرال أمريكي متقاعد في سلاح الجو الأمريكي، أضف إليهم تقارير بعث بها جاسوس روسي يعمل لحساب المخابرات البريطانية.. يدعي كريستوفر ستيل.

توهم يريح العقل


جنرال سلاح الجو الأمريكي المتقاعد حذر مما نسميه التمنى! Wishful thinking، خلق حالة من التوهم تريح العقل مفارقة للواقع، فالغرب يتمنى ان يكون بوتين مريض مرضا خطيرا يفضي إلى موته.. دون أن تكون هناك معلومات طبية قاطعة محددة تحت ايدي أجهزة المخابرات المعادية لموسكو. الوسيلة الوحيدة للقطع بأن الرئيس بوتين مريض بالسرطان أن يحصل الغرب علي التحاليل الطبية الخاصة به. وهذا مستحيل.


ارتفعت وتيرة الأخبار حول تردى صحة بوتين مع بدء العملية العسكرية الخاصة لروسيا في أوكرانيا، وكان الأوكران هم أول من بدأ حرب إمراض بوتين، وسرعان ما دعمتها ولاتزال مخابرات أمريكا ومخابرات بريطانيا ومعهما كندا. لو راجعنا تربص الغرب بالتاريخ المرضي أو الصحي لبوتين، سنرصد البداية في أكتوبر عام ٢٠١٢، حيث بثت تقارير عن حادث سقوط طائرة شراعية على متنها بوتين.. وأنه محتاج جراحة عاجلة في فقرات الظهر وصححت موسكو الخبر بأنه حادث رياضي اعتيادي لا يذكر. 

 

وفي الفترة من ٢٠١٦ الى ٢٠١٧، نشر الغرب تقارير عن وجود خمسة أطباء متخصصين يحيطون ببوتن أينما ذهب، وسرعان ما رفعوا الرقم الى ١٣ متخصصا في الجراحة وفي الأعصاب وفي الفيروسات. ووفقا للموقع الروسي المستقل ذات proekt، الذي تنقل عنه المواقع الامريكية فإن اجتماعات بوتين الرسمية، من يوم ٢٥ نوفمبر إلى ١ديسمبر، كانت كلها مسجلة سلفا، وفى الفترة ذاتها سجل ١٢ طبيبا اخصائيا دخولهم الى مستشفي sochi بالقرب من مقر اقامة بوتين في المنتجع الشهير.. 

 

وكان من بينهم اطباؤه الخصوصيون واخصائيون في إعادة التأهيل البدني وجراحو أعصاب. وفي عام ٢٠١٧ ذكرت proekt أن بوتين إختفى اسبوعا من ٨ أغسطس إلى ١٦ اغسطس ومعه جراح أورام، وأن هناك ورما بالغدة الدرقية.. ولا يزال المسلسل الغربي مستمرا.. يتمنون موته.. ولكن السؤال الجوهرى: فراغ السلطة الذي سيقع بعد زوال بوتين بالحقيقة المرضية أو بالتزوير الغربي، أليس خطيرا علي الغرب ذاته وعلي رؤيته الصحيحة للأحداث؟

 


يدفع العالم كله اليوم الثمن الفادح للتدخل الأمريكي الأوروبي في أوكرانيا وتدجيجها بالسلاح.. لاستفزاز الدولة الروسية.. وما ترتب علي ذلك من دمار مالي واقتصادي شامل.. ومع ذلك تستمر الألة الإعلامية الغربية في الكذب.. فهل يقدم الغرب الأدلة النهائية على صدق دعاواه؟

Advertisements
الجريدة الرسمية