رئيس التحرير
عصام كامل

تقريرامريكي رسمى: استعباد السود مستمر!

تواجه الولايات المتحدة العالم بوجهين، ولاتزال تعتقد أن العالم يراها بوجه واحد. الوجه الواحد خير أو شر يلقى احترام الناس عادة، أما المنافق فله وجهان ويتضاعف احتقار الناس له. نصبت نفسها مدافعا عن حقوق الإنسان وحرية التعبير وكرامة البشر، وهى أكبر قاتل في التاريخ الإنساني. بعيدا عن قضية حرية التعبير التى قتلتها إسرائيل علي مرأي ومسمع من العالم، وتمنع أمريكا المحكمة الجنائية الدولية من النظر في قضية الشهيدة شيرين أبو عاقلة، نتعرض للتقرير الذي صدر أمس في كاليفورنيا، كبرى وأهم الولايات الأمريكية. 

 

التقرير يؤرخ ويدين السياسات العنصرية الممنهجة طيلة قرن ونصف القرن ضد الأمريكيين الأفارقة. التعبير الأخير بديل مظهرى يستخدمونه بدلا من لفظ السود. ولفظ السود ذاته استخدموه ليغسلوا لفظا كريها مقيتا هو الزنوج. يقع التقرير الذي انفردت به شبكة الأخبار الأمريكية NBC NEWS، في ١٣فصلا، ٥٠٠ صفحة، يقطع في سطوره بأن الأمريكيين من أصول أفريقية عانوا أجيالا بعد أجيال من الاسترقاق وسوء المعاملة والتعالي. والابعاد والوظائف الدنيا، وأن هذه المعاناة كانت سياسات ممنهجة نشطة متعمدة بل وقرارات قضائية، على مستوى الولاية وعلي المستوى القومي.


يأتى التقرير وسط حالة من الجدل العام في الولايات المتحدة لبحث التعويضات المناسبة عما تعرض له السود من مظالم ولا يزالون يتعرضون. الجدل الدائر في أمريكا هذه الأيام يعكس بالضبط نوع السياسات الظالمة التى اضطهدت المواطنين الأمريكيين الذين جلبوا عبيدا من أفريقيا ليخدموا في حقول القطن بالجنوب الأمريكي ثم يحررهم ابراهام لينكولن بحرب أهلية طاحنة، ثم يستعبدهم السلوك العام، بالإقصاء وبالعزل وبالتنمر وبالتحرش وبالفصل العنصرى، ثم يحصلون علي قدر يسير من الحرية المدنية بعد ثورة مارتن لوثر كنج فيما سمى وقتها بثورة الضمير الأمريكي. 

 

لكن من غير العقل التغاضي بحال عن مسلسل قتل السود في المدارس والكنائس ومحال البقالة، وعلى الأرصفة، والتوحش البوليسي في التعامل مع أي أسود، ولا تزال ركبة الشرطي الأبيض جاثمة على عنق الأمريكي الأسود جورج فلويد حتى لفظ أنفاسه خنقا، ووقتها ثارت الدنيا وبدأت أكبر حملة مناهضة للعنصرية تحت اسم Black Lives Matter وتضم ٢٠ مليون أمريكي في المتوسط.


في الشهور الأخيرة يمكن رصد مشاعر متصاعدة ضد الأجانب من غير البيض، ونمو حركات يمينية قومية شديدة التطرف فضلا عن الخطاب الأبيض المحرض.. يحذر من أن البيض من أصل أوروبي سيصيرون أقلية، مع التكاثر الشديد للملونين، بالهجرة إلي أمريكا أو بالإنجاب الوفير!
 

هؤلاء نسوا أنهم أصلا مهاجرون، وأن الحضارة الامريكية أساسا هى مجموع العقول البشرية من شتى الأجناس. تتفاعل هذه المشاعر والرؤي مع الخطاب العنصرى التحريضى لتخلق حالة من الصراع المجتمعي الداخلي، آخر ما ينتظره الذاهل جوزيف بايدن.. ولعل هذا يفسر حزنه بعد جريمة مدرس روب الابتدائية بتكساس، وقتل ٢١طفلا ومعلما على يد شاب أبيض عنصرى.. قال بايدن: تعبت وزهقت!
 

 

تقرير ولاية كاليفورنيا يحمل الصفة الرسمية، ويضع الولايات المتحدة أمام مرآة فاضحة، ويلزمها باطباق فمها عندما تصدعنا بنشيد سقيم ممجوج إسمه حقوق الإنسان.. احترم مواطنيك أولا ثم الزم الصمت ودع العالم في حاله فما زرعتم غير الدم!

الجريدة الرسمية