رئيس التحرير
عصام كامل

حقيقة اعتذار بوتين لإسرائيل بعد تصريحات لافروف

فلاديمير بوتين
فلاديمير بوتين

في لعبة السياسة تدور الأحداث في كل الاتجاهات حتى المتناقضة منها في فن ممارسة السياسة هو فن استخدام الممكن؛ غير أن مزاعم اعتذار فلاديمير بوتين من دولة الاحتلال الإسرائيلي وقبول رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت الاعتذار بسبب تصريحات لوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف حول أصول زعيم النازية أدولف هتلر يعد واحدًا من الأحداث التي تستحق التوقف أمامها كثيرًا خاصة وأن الكرملين لم يصدر أي تأكيد للاعتذار المزعوم.

 

فلاديمير بوتين

وبحسب «الميادين» أصدر الكرملين بيانًا نفي فيه ما أوردته رئاسة وزراء الاحتلال الإسرائيلي بشأن اعتذار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين على عكس التقارير الاسرائيلي التي تؤكد اعتذار بوتين.

 

بينما قال المتحدث الرئاسي الروسي، دميتري بيسكوف، تعليقًا على ذلك، إنّ «الحديث الذي جرى بين قائدي البلدين كان تمامًا كما ورد في بيان الكرملين».

 

فليس من السهل اعتذار سيد الكرملين وأحد أقوى الزعماء في العالم من إسرائيل فبوتين الذي يحارب الغرب داخل أوكرانيا غير مبال بالعقوبات مشهرًا السلاح النووي في وجه العالم يقف على أعتاب دولة الاحتلال الإسرائيلي باعتذار في مكالمة هاتفية (هل هذا ممكن)؟

 

وبدأت أزمة الاعتذار المزعوم بعد الخلاف حول تصريحات سيرجي لافروف التي انتُقدت باعتبارها معادية للسامية، والذي أعلن من خلالها أن الزعيم النازي الشهير أدولف هتلر ذو أصول يهودية في كلمات تحمل معنى مبطنًا عن رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي ما تسبب في ردود فعل غاضبة من قبل المنظمات اليهودية؛ إلى أن أتى الاعتذار المزعوم من رئيس الكرملين فلاديمير بوتين، بحسب بيان إسرائيلي.. واعتذار من بوتين يعتبر غير عادي تمامًا ولم يصدر الكرملين بداية أي تأكيد لمثل هذا الاعتذار.


حيث أعلنت رئاسة الوزراء الإسرائيلية أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قدّم خلال مكالمة هاتفية مع رئيس وزراء إسرائيل نفتالي بينيت أمس الخميس (الخامس من مايو 2022) اعتذاره عن التصريح الذي أدلى به وزير خارجيته سيرجي لافروف وقال فيه إنّ لأدولف هتلر «دمًا يهوديًا».

 

مزاعم اعتذار بوتين 

وقالت رئاسة الوزراء في بيان إنّ «رئيس الوزراء قبِل اعتذار الرئيس بوتين عن تصريح لافروف وشكره على توضيح موقفه بشأن الشعب اليهودي وذكرى المحرقة».

 

واعتذار من بوتين يعتبر غير عادي تمامًا ولم يصدر الكرملين بداية أي تأكيد لمثل هذا الاعتذار، وخلافًا لبيان رئاسة الوزراء الإسرائيلية فإن البيان الذي أصدره الكرملين بشأن المكالمة الهاتفية الخميس خلا من أي إشارة إلى أي اعتذار قدّمه بوتين لبينيت.

 

وفي بيانه اكتفى الكرملين بالقول إنّ الزعيمين شدّدا خصوصًا على أهمية التاسع من مايو، اليوم الذي تحيي فيه موسكو الذكرى السنوية لانتصارها على النازية والذي سيتيح هذا العام «تكريم ذكرى كل ضحايا الحرب العالمية الثانية بمن فيهم ضحايا المحرقة».

 

وقيل أيضا إن الرئيس الروسي أكد في المكالمة الهاتفية على العلاقات الودية بين بلاده وإسرائيل؛ وكان موضوع المكالمة هو أيضًا المعارك في أوكرانيا.

 

وذكّر الرئيس الروسي وفقا للبيان، بأن 40 % من اليهود الذين قتلوا في معسكرات الإبادة وجراء العمليات العقابية النازية، كانوا من مواطني الاتحاد السوفياتي، وطلب من بينيت نقل تمنياته بموفور الصحة والرفاه إلى المحاربين القدامى في الحرب العالمية الثانية المقيمين في إسرائيل.

 

تصريحات لافروف

وبدأت الازمة بعدما أثارت تصريحات لافروف غضبًا في إسرائيل ودول أخرى في مقابلة عبر التلفزيون الإيطالي حول الحرب في أوكرانيا، والتي بثت يوم الأحد الماضي. والتي برر فيها وزير خارجية موسكو الهجوم على أوكرانيا المجاورة بـ "نزع النازية" المزعوم، على الرغم من أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هو من أصل يهودي.

 

وقال لافروف إن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يرد على هذه الحجة بالقول كيف يمكن للنازية أن تكون موجودة (في أوكرانيا) إذا كان هو نفسه يهوديا. يمكن أن أكون مخطئا لكن هتلر نفسه كان «دم يهودي يسري في عروقه».

 

وأدلى لافروف بهذه التصريحات لمحطة «ميدياست» الإيطاليّة ثم نشرت على موقع وزارة الخارجية الروسية.

 

وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد الإثنين الماضي إن «تصريحات الوزير لافروف فاضحة ولا تُغتفر وخطأ تاريخي مروّع» وأعلن أنه استدعى السفير الروسي لدى الدولة العبرية للحصول على توضيحات.

 

وردًّا على تصريح لافروف أيضًا، أدان بينيت استخدام محرقة اليهود في الحرب العالمية الثانية بما وصفها «أداة سياسية»، وقال في بيان نشره مكتبه «لا حرب في عصرنا تشبه الهولوكوست أو يمكن مقارنتها بالهولوكوست».

 

مشددًا على أنّ «استخدام إبادة اليهود كأداة سياسية يجب أن يتوقف فورًا».

 

وسائل إعلام عبرية 

وكانت وسائل إعلام عبرية، كشفت أن إسرائيل تعتزم طرد سفير روسيا أناتولي فيكتوروف، بعد تصريحات وصفتها بالمسيئة من جانب موسكو.


لتحذر روسيا إسرائيل من اتخاذ موقف «غير متوازن» قبيل خطاب الرئيس الأوكراني في الكنيست، لرغبتها في السعي إلى السير على خط رفيع بين موسكو وكييف.

 

وقالت روسيا: «إن الكثير من الدعم المقدم لأوكرانيا قد يؤدي إلى فقدان إسرائيل قدرتها على التوسط في الصراع، بحسب ما أوردته القناة 12 العبرية».

 

اجتماع مع رئيس الكنيست

وكشفت القناة العبرية أن السفير الروسي لدى إسرائيل أناتولي فيكتوروف نقل التحذير من موسكو خلال اجتماع مع رئيس الكنيست ميكي ليفي قبل خطاب مباشر بالفيديو للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى المشرعين الإسرائيليين.

 

وأشارت القناة في تقريرها، الذي سلطت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» الضوء عليه، إلى أن فيكتوروف طلب من ليفي السماح للمشرعين الروس بإطلاع نظرائهم الإسرائيليين قبل خطاب زيلينسكي، وهو طلب لم يوافق عليه ليفي على ما يبدو.

 

وذكرت القناة أنه خلال الاجتماع ”المتوتر“، حذر فيكتوروف إسرائيل أيضًا من أن «الوسيط يجب أن يكون حريصًا حتى لا يصبح غير متوازن».

علم أحمر

وذكر تقرير القناة أن روسيا «لوحت بعلم أحمر» بوجه إسرائيل، وطالبتها بعدم اتخاذ خطوات إضافية قد تعرض للخطر مكانتها كوسيط موثوق به «محايد» بين روسيا وأوكرانيا.

 

وبين التحذير الروسي والاعتذار المزعوم تدور الحرب في أوروبا داخل كييف بالعمليات العسكرية وخارجها بالعمليات الدبلوماسية والسياسية التي لا تخلو من الخداع الإستراتيجي والكذب إذا تطلب الأمر. 

الجريدة الرسمية