رئيس التحرير
عصام كامل

د. نجوى عبد المجيد أستاذة الوراثة: "التوحد" أكثر الأمراض الوراثية المنتشرة في مصر | حوار

الدكتورة نجوى عبد
الدكتورة نجوى عبد المجيد

هناك حالة عدم ثقة بين أصحاب الشركات والعلماء.. ونعمل على تحسين الصورة الذهنية

تعتبر من العلماء الذين حققوا إنجازات عظيمة، وساهموا فى تغيير العالم وتقدم البشرية، إنها العالمة المصرية الدكتورة نجوى عبد المجيد، أستاذ الوراثة البشرية بالمركز القومى للبحوث، التى تحاورها "فيتو" بعدما أحدثت طفرة فى علم الوراثة والطب بعدما أفنت نحو أربعين عاما من عمرها فى البحث العلمى، ودراسة الأمراض الوراثية، وأنتجت أكثر من 100 بحث علمي، بالإضافة إلى حصولها على عدة جوائز دولية، والتى تُمنح للعلماء المتميزين، فإلى نص الحوار:

 

*حصلتِ مؤخرًا على جائزة عبد الحميد شومان للباحثين العرب.. حدثينا عن تلك الجائزة وحيثيات الفوز بها؟
تمنح هذه الجائزة تقديرًا لنتاج علمي متميز يؤدي نشره وتعميمه إلى زيادة المعرفة العلمية والتطبيقية، والإسهام فى حل المشكلات ذات الأولوية محليًّا وإقليميًّا وعالميًّا، ونشر ثقافة البحث العلمى.
وكانت تلك الجائزة فى حقل العلوم الطبية والصحية على مستوى الوطن العربى كله، وكانت منذ شهرين فى نهاية ٢٠٢١.. وفزت بها عن مجمل أبحاثي عن "الجديد فى التعامل مع مرضى التوحد"، وكان هناك ٢٣٠ عالمًا متقدمًا لتلك الجائزة، وكنت أنا المرأة الوحيدة التى تحصل عليها.

*وما الجديد الذى قدمته تلك الأبحاث حول التعامل مع مرضى التوحد؟
كنت مهتمة بمحورين فى مجال التوحد؛ الأول هو البحث عن الأسباب الجينية، والثانى كان دراسة المسببات البيئية للتوحد بهدف تطبيق ما يترتب عليه من تدخلات علاجية وغذائية للمرضى لتعويض نقص عناصر معينة فى جسمهم مثل الجينات المسئولة عن عنصر الحديد وعنصر فيتامين (د).

 

صياغة نانومترية مُثلى لفيتامين (د)

*هل هناك مشروعات ما زالت تحت البحث والدراسة فى موضوع التوحد عند الأطفال يمكن أن تحقق طفرة علمية غير مسبوقة؟
هناك مشروع كبير نعمل عليه الآن لتحضير صياغة نانومترية مُثلى لفيتامين (د)، وذلك بسبب أنه عندما يدخل إلى الجسم يفقد كمية كبيرة منه وتتكسر جزيئاته، ولا يصل كاملا للخلايا.

لذلك ندرس تصنيعه بطريقة النانوتكنولجى حتى يصبح ثابتًا فى جسم الطفل، ويكون له توافر حيوي، وذلك لأن فتامين (د) يتأثر بالضغط البيئى بسهولة جدا، ويتأكسد داخل الجسم ولا يذوب بسهولة فى الماء .
وعندما يؤخذ عن طريق الفم يضيع جزء كبير منه، لذا ستساهم الطريقة الجديدة فى الدور الذى تلعبه المكملات الغذائية للمغذيات الدقيقة فى اضطراب التوحد.


*تم أيضًا تكريمك مؤخرًا من الخارجية الإسبانية لمشاركتك فى مشروع "ميد نايت" الدولى.. حدثينا عن هذا المشروع وسبب تكريمك فيه؟

المشروع يضم 11 عالمًا من تسع دول مختلفة هى: مصر، إسبانيا، اليونان، قبرص، تركيا، لبنان، تونس، فرنسا، وإيطاليا، وكنت أنا الباحثة المصرية الوحيدة المشاركة فى المشروع الذى يهدف لخلق فريق علمى يجمع بين دول البحر المتوسط، حيث تم اختيارى نتيجة لأبحاثى العلمية المنشورة فى الأوساط العلمية. 
ويعد مشروع "ميد نايت" مشروعا توعويا أكثر منه بحثيا فنقوم بالعمل على مواجهة تحديات بعض الأمراض مثل مرض التوحد وتوعية المرأة المصرية بالمخاطر الصحية لزواج الأقارب وانعكاساته على الأمراض العصبية والنفسية

ويعمل المشروع أيضًا على إتاحة أحدث الأبحاث العلمية للباحثين الجدد فى هذا المجال، إلى جانب دعم وتمكين المرأة من خلال عقد الدورات التثقيفية لهن ودورات علمية للأطباء والعاملين فى مجال تدريب أطفال التوحد وغيره من الأمراض الوراثية.

 

مرض هشاشة كروموسوم x

*ما أكثر الأمراض الوراثية انتشارا فى مصر؟
يعتبر مرض التوحد والنشاط الزائد من أكثر الأمراض الوراثية المنتشرة فى مصر، خاصة مرض هشاشة كروموسوم x الذى لم يكن يعرفه بعض الأطباء، فبدأنا ننشر معلومات عنه.
وعندما قمنا بإحصائية عنه وجدنا أنه يمثل نسبة وجود عالية فى مصر عنه فى البلاد الأوروبية

ووجدنا أن زواج الأقارب يزيد من انتشاره وفرص حدوثه، وكانت كثير من الأسر تخلط بينه وبين مرض التوحد لتشابهم الكبير فى الأعراض لكن وجدنا أن مرض التوحد هو مرض وراثى بيئى يجب أن تتوفر فيه ظروف بيئية معينة ليظهر، على عكس مرض هشاشة كروموسوم x الذى يعتبر مرضًا وراثيًّا فقط وينتقل من جيل إلى جيل.

 

*حصلت على جائزة الدولة التقديرية عام 2017 فى العلوم المتقدمة التى تخدم العلوم الطبية.. كيف كان شعورك بعد الفوز بها؟
كان هذا التكريم نوعًا من المكافأة التى يحصل عليها الباحث بعد مشوار من الإنتاج العلمى بصعوباته وإسهاماته لخدمة البشرية، فحصلت على تلك الجائزة بعد العديد من الدراسات حول الأمراض الجينية وكيف يمكن التقليل من آثارها السلبية على الطفل والأسرة.

 

جائزة لوريال واليونيسكو

*كنتِ أيضًا أول عالمة عربية تفوز بجائزة لوريال واليونيسكو عام ٢٠٠٢، ومنذ ذلك الحين لم تحصل عليها أي امرأة عربية أخرى، فما سبب حصولك على تلك الجائزة؟ وهل بات الحصول على الجوائز الدولية أمر صعب المنال؟

كانت تلك الجائزة عن مجمل أبحاثى عن الأطفال ذوى الاضطرابات الجينية وخاصة أطفال التوحد.
فكنت أنزل ميدانيا للبحث عنهم ودراسة حالاتهم والعمل على إيجاد حلول لمشكلاتهم، وكانت أبحاثى لا ترتبط بشكل عميق بالعلاج الدوائى لكن كانت تقدم حلولا للعناصر والمكملات الغذائية التى تعوض العناصر المفقودة لدى هؤلاء الأطفال.

والحصول على الجوائز الدولية ليس بالأمر الصعب على الباحث المحب لعمله والمتفانى لخدمة بلده، خاصة أن هذه كانت هى المشاركة الأولى لى بأبحاثى لنيل جائزة دولية خارج مصر.

 

براءات اختراع

*توجد براءات اختراع مسجلة باسمك فى أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا.. حدثينا عنها؟

هذه من الأمور التى افخر بها جدا، فقد صممت مشروب لبنى خاص لأطفال التوحد منزوع منه عناصر معينة يمكن أن تسبب لهم بعض المشكلات ومضاف إليه عناصر أخرى تعوض العناصر المفقودة لديهم، وهناك منتج آخر لكن لم نحصل على الموافقة عليه بعد وهو منتج طبيعى يحتوى على بكتيريا المدعمات الحيوية للبروبايوتيك.

*متى يمكننا أن نرى تلك المنتجات متاحة فى الأسواق ليستفيد منها المجتمع بشكل عام؟

هذا أمر صعب، فهناك حالة من عدم الثقة بين أصحاب الشركات والعلماء لكننا نعمل على تحسين تلك الصورة الذهنية، وبالفعل لقد حصلنا على طلبات لإنتاج المنتج اللبنى ولكن من شركات عربية وليست مصرية لكننا نتمنى أن يخرج المنتج فى مصر ويستفيد منه المجتمع المصرى أكثر من غيره.

 

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"…

الجريدة الرسمية