رئيس التحرير
عصام كامل

أوكرانيا.. البداية!

أعتقد أن أوكرانيا لن تكون الأولى ضمن سيناريو قادم في محاولة روسيا خليفة الاتحاد السوفييتى السابق استعادة مجد سابق ومكانة مغدور بها بتفتيت أجزائه وتشتيت تحالفاته.. الكل يذكر حدوث الانهيار السوفييتي في نهاية مسلسل "الكارثترويكا" الذى نفذه آخر رئيس للاتحاد السوفييتى ميخائيل جورباتشوف ولعب فيه دور البطولة على الشاشة وكان المؤلف والمخرج يسكن في البيت الأبيض وراء الكاميرا مع أطقم التصوير والترويج  والبروباجندا.. إلخ من متعددى الجنسيات من الدول الغربية وكان الهدف هو إنهاء عصر الاتحاد السوفييتى وتفتيت الكتلة الشرقية  وإنهاء عصر القطبية الثنائية لصالح القطب الأمريكي الأوروبي الغربي..

 

نجح جورباتشوف في تنفيذ المخطط الذى بدأ قبل توليه رئاسة الحزب الشيوعي السوفييتى بين عامي 1985 و1991 بسنوات وكانت الحلقة الأخيرة بعد تولى منصب رئيس الدولة في الاتحاد السوفييتى السابق بين عامي 1988 و1991 رافعا شعار "إعادة البناء أو البريسترويكا" الذى كان في حقيقة الأمر هو "الهدم الشامل والكارثة ترويكا" للكيان الضخم حتى تخلو الساحة للكاوبوى الأمريكى.. وتمثلت حلقات المسلسل إلى تفتيت الاتحاد السوفييتي إلى 15 جمهورية هي: أرمينيا وأذربيجان وروسيا البيضاء وإستونيا وجورجيا وكازاخستان وقيرغيزستان ولاتفيا وليتوانيا ومولدوفا وروسيا  وطاجيكستان وتركمانستان وأوكرانيا وأوزبكستان.

 

وتحت دعاوى الحرية وحريات التعبير والديمقراطية وتقرير المصير والاستقلال وأحلام الثراء والرفاهية وحق الملكية الواسع للأفراد بعيدا عن الملكية العامة للدولة لعناصر الإنتاج.. إلخ من شعارات براقة في ظاهرها، لكن لم يكن الهدف هو الإنسان ولكن الهدف تدمير الكيان من الداخل وتفتيت الكتلة الشرقية خارج الاتحاد السوفييتي التي كانت عماد حلف وارسو وحائط المواجهة الأول في أوروبا الشرقية..

ولو توقف الأمر عند هذا الحد من تطبيق هذه الشعارات لكانت هناك بعض المبررات على صدق التوجه الغربى، لكن ما حدث على أرض الواقع عكس ذلك وبدرجة كبيرة.. كيف؟

تم استبدال العباءة السوفييتية بعباءة أوربية غربية أمريكية بانضمام دول الكتلة الشرقية إلى الاتحاد الأوروبى بدلا من الاتحاد السوفييتي. ثم انضمام دول أوروبا الشرقية إلى حلف الناتو بدلا من حلف وارسو.. ولم يقف الأمر والنكاية عند حد ضم دول الكتلة الشرقية للاتحاد الاوروبى وحلف الناتو لكن إمتد إلى دعوة الجمهوريات السوفيتية المستقلة للحاق بقطار دول الكتلة الشرقية بالانضمام للاتحاد الأوروبي وحلف الناتو

 

البداية

 

البداية كانت بانضمام ألمانيا الشرقية إلى ألمانيا الغربية وبالتالي خرجت  ألمانيا الشرقية للأبد من حلف وارسو 1956-1990 لتنضم إلى الاتحاد الأوروبى من جهة، وحلف الناتو المناوئ للاتحاد السوفييتى القديم وخليفته روسيا الآن.. وتكرر الأمر بالخروج تباعا من حلف وارسو بالانضمام للاتحاد الأوروبى وحلف الناتو من دول الكتلة الشرقية مثل التشيك، وبعد تفتت تشيكوسلوفاكيا إلى جمهوريات صغيرة انضمت كجزء من سلوفاكيا وسلوفينيا سابقًا وكرواتيا والجبل الأسود (جزء من جمهورية يوغوسلافيا الاشتراكية الاتحادية) 1945–1991 (أحد أعمده حركة عدم الانحياز) والمجر وبولندا وبلغاريا ورومانيا وألبانيا.

 

وازداد الكيد بضم بعض جمهوريات الإتحاد السوفييتى السابق مثل إستونيا ولاتفيا وليتوانيا والآن يحاولون ضم أوكرانيا على الحدود الروسية.. يعنى الغرب وأمريكا سيأتيان أمام الباب الروسى وحول حدوده.

 

تم استبدال الفلسفة والفكر السياسي والإقتصادي والإجتماعي.. الإشتراكي بالفلسفة والفكر الغربى الليبرالى، والأخطر هو ربط دول الكتلة الشرقية سابقا بالاقتصاد والقوة العسكرية الغربية في مواجهة روسيا وريثة أو خليفة الإتحاد السوفيى، ومنذ ١٩٩٠ وحتى الآن استطاعت روسيا أن تلملم جراحها ورتبت بيتها من جديد وخرجت لتلعب دورا يتنامى يوما بعد يوم وتكون أحلافا صغيرة هنا وهناك فى بروفات متكررة لحين حدوث البروفة الكبرى.

 

والسؤالان الذان يطرحان نفسهما بقوة الآن هما: كيف ستنتهى هذه المعركة مع العلم أن نتائج هذه المعركة ستكون محور السؤال الثانى وهو هل ستكون أوكرانيا هي البداية لإعادة الاتحاد السوفييتى للوجود مرة ثانية بإعادة الجمهوريات التي خرجت من عباءته إليه من جهة وإعادة حلف وارسو إلى الوجود ولو تحت مسميات وأهداف وأعضاء جدد مثل الصين وإيران وكوريا الشمالية وسوريا.

 

طبعا الاجابة صعبة والتنبؤ أصعب لكن المدخلات الآن وما يحدث على الساحة تشير إلى انتهاء عصر القطب الواحد الذى ولد 1990 وقرب ميلاد عصر الأقطاب المتعددة والذى سيكون للصين فيه دور كبير يتناسب مع قوتها المتنامية 

 

على الهامش

 

إذا كانت الرياضة هدفها إصلاح ما تفسده السياسة،  فكل الإجراءات المتخذة من الهيئات الرياضية ضد روسيا تؤكد أن السياسة والمصالح الغربية هي التي تقود هذه الهيئات.. ومع ذلك لماذا لم نسمع عن معاقبة إسرائيل وقد إلتهمت دولة فلسطين ومازالت تمارس جرائم الحرب والتعذيب والقتل على الفلسطينيين العزل منذ أكثر من 70 عاما تحت مرأى ومسمع العالم كله.

 

 

ألة الإعلام الغربية أكثر من السلاح النووي في التأثير.. كل الأخبار القادمة من حرب روسيا وأكرانيا بتصوير وأقلام الغرب وللدرجة التي بدأوا مرحلة أخرى  بتقليص فضاء الانترنت عبر شركاته الامريكية والغربية أمام وسائل الإعلام الروسية أو المؤيدة له أو حتى المحايدة.. حقا حرية إعلامية انتقائية لابد أن تمر من فلتر البيت الأبيض !!

yousrielsaid@yahoo.com 

الجريدة الرسمية