رئيس التحرير
عصام كامل

مؤسسة ساويرس.. حاضنة الإبداع في مصر.. المسابقة الثقافية تحولت إلى رافد مهم لصناعة الثقافة واكتشاف الموهوبين

شعار مؤسسة ساويرس
شعار مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية

عشرون عامًا قد مرَّت على تدشين مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية التى ساهمت فى تشكيل جزء كبير من التمكين الاقتصادى وبالأخص تمكين الفئات الأكثر تهميشًا واحتياجًا، خصوصًا "الشباب والمرأة المعيلة وذوى الإعاقة" وتزويدهم بالمهارات اللازمة لتأهيلهم لسوق العمل أو إنشاء مشروعات صغيرة من خلال جمع بين برامج التدريب والتوظيف والقروض.

كما ساهم اسم "ساويرس" فى التمكين الفكرى من خلال دعم البرامج التعليمية الرائدة وتوفير المنح الدراسية لتعزيز التقدم البشرى، بالإضافة إلى تمكين الأفراد من تحقيق إمكاناتهم الكاملة والمساهمة فى التنمية الاجتماعية والاقتصادية فى مصر.

 

حاضنة إبداع

وساهمت تلك المؤسسة فى تنظيم مسابقة من طراز خاص جدًا "جائزة ساويرس الثقافية" لاختيار أفضل الأعمال الأدبية المتميزة لكبار وشباب الأدباء والكتاب المصريين فى مجالات الرواية، والمجموعات القصصية بهدف تشجيع الإبداع الفنى لديهم وإلقاء الضوء على المواهب الجديدة الواعدة.

وعلى مدى السنوات تطورت المسابقة لتشمل مزيدًا من روافد الإبداع الأدبى والفنى، حيث قام مجلس أمناء الجائزة بإضافة فروع جديدة للمسابقة فى مجالى كتابة السيناريو السينمائى والكتابة المسرحية، وإضافة جائزة جديدة فى مجال النقد الأدبى والتى تم تعديلها هذا العام لتكون جائزة السرديات الأدبية والفنية لكى تتيح المجال للمزيد من الأعمال الإبداعية غير الروائية (non-fiction) وتشمل: (السيرة، السيرة الذاتية، أدب الرحلات، والمدونات التاريخية، والكتابات النقدية) للتقدم للجائزة.


كما تم إطلاق جائزة خاصة للترجمة بهدف الإسهام فى تشجيع التميّز الأدبى المعاصر وتقديم شباب المبدعين إلى القراء خارج حدود المنطقة العربية، من خلال ترجمة الرواية الفائزة بالمركز الأول، فرع شباب الأدباء، إلى اللغة الإنجليزية كجائزة أدبية تضاف إلى الجائزة النقدية.. ومن أجل التشجيع على النهوض والارتقاء بكُتب الأطفال أطلقت المؤسسة فى عام 2021 جائزة جديدة لأفضل كتاب للأطفال تحت سن 12 سنة.

 

150 مشروعا

وذلك ليس كلامًا منسقًا، لكن بالفعل حققت مؤسسة “ساويرس” طلية عشرين عامًا إنجازات تستحق النظر والدراسة بل والإشادة.. فبالأرقام نجد أن إجمالى نسبة الاستثمارات التى قدمتها مؤسسة ساويرس لتنمية المجتمع تخطت حاجز الـ1.3 مليار جنيه بإجمالى 150 مشروعا لـ41558 عدد المستفيدين من 27 محافظة.

وللتعمق أكثر بتلك المؤسسة العملاقة التقت "فيتو" نخبة من كبار المفكرين والأدباء لمعرفة كيف تُدار تلك المؤسسة.. وللسؤال أيضًا عن حقيقة تلك الأرقام ودور ساويرس فى المشهد الاجتماعى الاقتصادى والثقافى المصري.

 

اكتشاف الموهوبين

بداية تحدث لـ"فيتو" الدكتور حسين حمودة، أستاذ الأدب العربى وعضو لجنة تحكيم جائزة ساويرس الثقافية، بأن مؤسسة ساويرس تثبت مع كل دورة نزاهتها وكفاءتها، مؤكدا أنه فى كل دورة يوجد مشاركون أكبر.


وتابع حمودة: فأنا أتصور أن مؤسسة ساويرس تقوم بأدوار اجتماعية وثقافية مهمة، وفيما يخص جائزة ساويرس التى شهدت 17 دورة نعرف جميعًا أنها أصبحت جائزة كبرى ومهمة من الجوائز الثقافية والأدبية، وهى تشهد تناميًا متزايدًا كل عام، من خلال أعداد الأعمال التى تُقدم إليها، وأيضا من خلال استحداث فروع جديدة لها بين فترة وأخرى.. كما حدث فى الدورة الأخيرة من إدراج فئة جوائز جديدة، وهى تلك التى تختص بأدب الأطفال.


واختتم "حسين حمودة" بطلب ورجاء خاص من خلال “فيتو” إلى آل ساويرس أن يتم إدراج فئة جديدة قائلًا: ربما التفكير بعد هذا الازدهار فى فروع أدبية أو فكرية أو ثقافية أخرى تُضاف إلى الفروع القائمة فى الجائزة، ومن ذلك الفروع التى يمكن أن ترتبط بالدراسات التاريخية أو ترتبط بعلم الاجتماع وما إلى ذك... كما أن بعض الأنواع الأدبية أصبحت تشهد تفريعات متميزة يمكن الاهتمام بها وإلقاء المزيد من الضوء عليها، ومنها: القصة الوامضة وهى القصة القصيرة جدًا، والنتاج فى هذا النوع الجديد أصبح مطلبًا خاصًا، وربما يستحق تخصيص جائزة خاصة له.


مؤسسة ثقافية 

وذهب بنا الكاتب والشاعر الكبير إبراهيم داود ليكشف كيف تُدار «مؤسسة ساويرس» من الداخل نسبة لكونه من أبرز الأعضاء الأمناء بالمؤسسة، وأيضا الفائز بجائزة أفضل مجموعة قصصية لعام 2013.. قائلا: إن مؤسسة ساويرس تقدم دورا حيويا فى مجال الثقافة، فى حين أن هناك العديد من المؤسسات تتجاهل ذلك، وبعض المؤسسات الثقافية لا تتسم بالذكاء الكافى مثل مؤسسة ساويرس، مؤكدًا أن الاستثمار فى الثقافة استثمار أساسى.


وأضاف إبراهيم داود: "أن المؤسسة اهتمت بالشباب وهذا شيء جيدا، لأن المؤسسة فهمت أن العواجيز مر زمنهم والآن هو زمن الشباب، ولكن الأهم الآن من كل ذلك الاستمرارية فى العمل والمحافظة على المصداقية والأمانة فى اختيار لجان التحكيم والفائزين".


واختتم: هذا كل ما نرجوه ونأمله من مؤسسات المجتمع المدنى المصرية ورجال الأعمال.. وسعيد بأن يتم الاحتفاء بشكل سنوى بمختلف صنوف الفنون والآداب، ولكن من الأفضل أن يتم إدراج الشعر العامى والفصحى جانبًا إلى جانب الجوائز الثقافية، وأن لا تكون بجائزة منفصلة وهى جائزة أحمد فؤاد نجم.. فالمواهب الشعرية الشابة كثيرة للغاية، ففن الشعر من أكثر الفنون ازدهارًا بالمجتمع المصرى، ويجب النظرة له بشكل أكثر عمقًا واحترامًا.. بالإضافة إلى ضرورة أن يتم تدوير وتجديد دائم ومستمر فى أعضاء لجان التحكيم حتى لا تُكرر الأسماء بصورة خاطئة.. فمصر مليئة بالكفاءات الثقافية التى تستطيع تحمل تلك المسئولية والاختيار حتى لا يُعاب على مستقبل تلك المؤسسة الثقافية العريقة".


شجرة وطنية تُثمر فن وثقافة

ذلك وأثنت الكاتبة والشاعرة الدكتورة فاطمة ناعوت على مؤسسة ساويرس الثقافية قائلة: لا أحد يستطيع أن ينكر الجهد المجتمعى والثقافى الذى تقوم به عائلة ساويرس بداية من الآباء والأبناء.. فـ«آل ساويرس» وارثو حُب مصر وعشقها بصدق عن آبائهم.. فهو حب حقيقى متأصل لهذه البلد، لهذا ليس غريبًا أن يتفرع هذا الجهد ليحوى على ثمرات إبداع وتنمية وإعانة كثيرة، كمثل الشجرة التى تُطرح ثمارًا كثيرة فعائلة ساويرس هى شجرة مواطنة تطرح كل ما هو يُعين مصر على كل شيء؛ منها مهرجانات فنية ومنها جوائز أدبية تشجع على عطاء معرفى أكبر وأضخم كل عام.

أيضا مؤسسات خيرية اطلعت عليها بنفسى ورأيت أن عائلة ساويرس تتكفل بالكامل فى مصاريف بعض الطلبة وبالأخص المكفوفين وذوى الهمم وتتكفل بمصاريف المنح الدراسية الخاصة بهم.


وتابعت “فاطمة ناعوت” حديثها لـ«فيتو» قائلة: فالحقيقة أن لو حبيت أن أجمع جهود آل ساويرس لمصر هيكون من العسير جدًا أن يفى بحقهم، فأنا أتكلم بمنتهى الحياد عن تلك الأسرة وطنية بجدارة وبصدق.. فعلى الرغم من تعرضهم المستمر إلى الإهانات إلا أنها ما زالت تقدم المزيد من العطاء دون تمييز دينى أو طبقى ودون توقف.. رغم أنهم يستطيعون بأموالهم شراء جزيرة والعيش عليها ملوكًا إلا أنهم هنا يحاولون إصلاح ما يمكن إصلاحه.. فما يحرك تلك العائلة العريقة هو حب مصر فقط، وهو شيء رفيع.


وطالبت “ناعوت” من آل ساويرس من خلال “فيتو”: أتمنى المزيد الرعاية الاجتماعية بفئة المسنين بمصر فهم قاعدة عريضة لا يمكن حصرها داخل المجتمع المصرى وللأسف الاهتمام بهم ضئيل للغاية، فحين تجد مكانا آدميًا يُعامل المسنين برفق واهتمام سيكون هذا المكان بأسعار وتكاليف لا تُصدق.. وحين تجد توفر كثير فى أماكن دور المسنين في مختلف محافظات مصر بأسعار مقبولة فستجدها تقدم خدمة رديئة لتلك الفئة الضعيفة.. كما أرجو مزيدًا من الاهتمام لمصابى التوحد، فمثلًا أنا ابنى مُصاب "توحد".. وأرجو أننا حين نتحدث عن مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية مستقبلًا أن يكون قد تم إدراج مصابى التوحد وغيرهم من ذوى الأمراض النفسية المعقدة داخل تلك المؤسسات فهى مؤسسات تقوى على فعل ذلك بكل تأكيد.


دعم المشهد الثقافى العربى

فيما كشف الكاتب والشاعر الأسوانى القدير أحمد أبو خنيجر كواليس فوزه بجائزة ساويرس الثقافة مرتين الأولى جائزة ساويرس للرواية للكتاب الشباب عام 2006 عن روايته "العمة أخت الرجال" والثانية أيضًا حصد المركز الأول لأفضل مجموعة قصصية عن «مشاهد عابرة لرجل وحيد» وتبلغ قيمتها 100 ألف جنيه. وقال الوردانى لـ“فيتو”: شكلت الجائزة منذ انطلاقها قاعدة مثالية لإثراء الحياة الثقافية فى مصر من خلال تتويج العديد من التجارب الإبداعية الحقيقية، كما استطاعت أن تحقق مكانة بارزة بين الجوائز العربية والمحلية.


واستطرد “أبو خنيجر”: حيث تعد من أهم أدوار مسابقة ساويرس الثقافية هى دعم المشهد الثقافى المصرى نسبة لكونها تهتم جيدًا بأن تختار لجان التحكيم بعناية قصوى، حيث تتألف من نخبة من الأدباء والكتاب والسينمائيين والمسرحيين والنقاد وأساتذة الدراما فى مصر مما يُشعر الفائز بالاستحقاق الحقيقى على إنجازه الفكرى والمعرفي".

 

نقلًا عن العدد الورقي…

الجريدة الرسمية