رئيس التحرير
عصام كامل

هكذا تحدّث الإمام

دائما ما أتابع أحاديث فضيلة الإمام الأكبر، وخطبه في المناسبات الدينية والمحافل الدولية، وعادة ما تستوقفني هذه الأحاديث التي أشعر معها بالعظمة والرقي؛ إذ تنبئ عن فهم دقيق وتحليل عميق للواقع المعاصر. والمتابع لأحاديث فضيلته سيرى فيها الواقعية بكل صورها، فهي تقدم عرضًا واضحًا لكل ما تعانيه المجتمعات من مشاكل وصراعات، مشفوعًا بحلولٍ جَادَّةٍ سهلة التناول والتنفيذ، ولا يقتصر خطابه على شعب أو جنس بعينه، بل يخاطب جنسيات مختلفة وشعوبًا تتمايز فيما بينها بعادات موروثة وتقاليد عتيقة، ناهيك عن الاتجاهات والتيارات المتغلغلة داخل تلك الشعوب، ومع كل هذا التنوع والتباين تصل الرسالة للجميع. إنها عبقرية الإمام..

 

الكل يُجمع على روعة خطاب الإمام الأكبر وأصالته الفكرية والعلمية، والمنطق العقلي الذي لا يكاد يفارق حتى أدق القضايا والإشكاليات، والكثير ستصله مضامين الرسالة، بصرف النظر عن توجهاتهم وآرائهم واختلافهم أو اتفاقهم معها، هكذا هي أحاديث الإمام تمس القلوب، وتخاطب الضمير الإنساني لإيجاد عالم أفضل، وإنسانية أرقى. وتجده في طيات خطاباته يحمل على عاتقه هموم هذه الأمة بكل فئاتها، شبابًا وشيوخًا ونساءً وأطفالًا، مؤكدًا في كل خطاب على وحدة الجميع تحت مبدأ المساواة والتراحم والعدل.

 

هكذا تحدّث الإمام

 

الجميع ينتظر كلمة شيخ الإسلام، بماذا سيخرج عليهم هذه المرة، فالتجديد في تناول القضايا أصبح السمة المميزة في كل خطاب، البعض يريد أن يحلل، أو ينقد، أو يدعم، أو أن يعمل نظره فيما وراء الكلمات. أما وإن سألتني كيف أجد حديث الإمام؟ فسأقول لك بالطبع كامرأة سأبحث في مضامين الرسالة عما يُطمئنني عن أحوال النساء في عصرنا، فكيف يُنصفنا الله وتظلمنا العادات والتقاليد، وفي حديث الإمام وجدت ضالتي وهو معلنٌ للجميع براءة الشرع من انتقاص النساء، بل وتكريم الله ورسوله إياهن، ثم يأتي اجتهاده الفقهي؛ ليسقط كل الشبهات حول قضايا المرأة، وتزول جميع الافتراءات على عدم تجديد الخطاب الديني، ولنجد انتصارًا كبيرًا لقضايا المرأة وللفقه على حد سواء، لا يقبل أدنى شك في أن لُبَّ المشكلة هو في التطبيق الواعي والالتزام بما شرع الله.

 

ومن أكثر الأحاديث التي قرت عيني بها، حين أهلّ علينا في شهر رمضان المبارك، الماضي ليعلنها واضحة جليّة للجميع وبكل قوة قائلًا: "إن كثيرًامن القضايا خضعت للتوصيف الشرعي والاجتهاد الفقهي في أروقة الأزهر الشريف، والتي كان للمرأة نصيب الأسد من مكاسبها. ومنها: أنه لا يحق للولي منع تزويج المرأة بكفء ترضاه دون سبب مقبول، وللمرأة أن تحدد لها نصيبًا من ثروة زوجها إذا أسهمت في تنميتها، والسفر دون محرم متى كان آمنا، والطلاق التعسفي بغير سبب حرام وجريمة أخلاقية، ولا وجود لبيت الطاعة في الإسلام، ويجوز لها شرعا أن تتقلد كافة الوظائف التي تناسبها، وأنه لا يجوز الالتفاف حول حقها هذا لمصادرة أو وضع العقبات أو التعقيدات الإدارية ممن يستكبرون أن تجلس المرأة إلى جوارهم، ويجوز للمرأة تولي الوظائف العليا والقضاء والإفتاء".

 

هذا الحديث وجد فرحة كبيرة، وارتياحًا بين الأوساط المجتمعية، لتصفه إحدى المدافعات عن حقوق النساء ومديرة المركز المصري لحقوق المرأة بقولها: إن الحديث بمثابة "عيدية العيد للنساء" من فضيلة الإمام الأكبر.

وتتوالى هدايا الإمام لنصرة النساء والحصول على حقوقهن مادية كانت، أو معنوية وذلك بتفعيل فتوى "الكد والسعاية" والتي حظيت هي الأخرى بالقبول والارتياح، بل والتأكيد على منهجية واضحة لا تقبل التشكيك أو المزايدة.

 

 

وبجانب هذا الاجتهاد نراه القدوة للجميع، في تمكين النساء من تَبوُّء المكانة اللائقة بهن، فالنساء في عهده تقلدن المناصب العليا، وتصدرن الإفتاء، وتلاقي النساء العاملات معاملة لائقة لا يحق نقل أو تغيير عملهن بدون إذن منهن، فمن يجرأ على إهانة النساء في حضرة الإمام؟!! وما نراه من رعاية للأرامل وأبنائهن، وإشراف على بيت الزكاة لصيانة المعيلات والعجائز، بالإضافة إلى المواقف الداعمة للنساء في جرائم التحرش وتزويج القاصرات، والكثير الكثير مما لا يسع المقام ذكره.

 هكذا الإمام الأكبر متحدثًا ومُنصفًا ومُطبِّقًا.

الجريدة الرسمية