رئيس التحرير
عصام كامل

الجمعة ٢٨ يناير

منذ أحد عشر عاما مضت كان ٢٨ يناير هو يوم جمعة أيضا.. وكان يوما مشهودا في تاريخ مصر.. فقد شهد بداية انتفاضة جماهيرية واسعة أفضت إلى إنهاء نظام مبارك ثم وصول الإخوان إلى الحكم وبعد عام من المعاناة إحتاج إبعادهم عن الحكم انتفاضة جماهيرية جديدة في ٣٠ يونيو.

 

فى بداية يوم الجمعة ٢٨ يناير ٢٠١١ خرجت جموع حاشدة في القاهرة وعدد من  المدن المصرية الأخرى لتحتل الشوارع والميادين، وإنضم الإخوان علنا وبكثافة للمظاهرات والاعتصامات.. وإزاء ذلك انسحبت قوات الشرطة من الشوارع ولم يعد لها وجود فيها، وطلب وزير الداخلية حبيب العادلي في منتصف النهار نزول قوات الجيش، وهو الذى بدأ يحدث بعد مشاورات مع نهاية النهار ومع حلول  المساء بدءا بمنطقة قصر الاتحادية ومنزل مبارك ثم توالى إنتشار قوات الجيش بلا ذخيرة حية فى شوارع القاهرة وعدد من المدن ليستقبلها الناس بالترحاب والتهليل..

 

ولعل ذلك كان سبب تكليف مبارك المجلس الأعلى للقوات المسلحة لإدارة شئون البلاد بعد أن تخلى عن الحكم، رغم أنه قبلها بيوم واحد فوض نائبه عمر سليمان بكل صلاحياته وسافر بعدها لشرم الشيخ.

 

يوم طويل

 

وفى مساء يوم الجمعة ٢٨ يناير تعرضت أقسام ومراكز الشرطة لهجوم من بعض المتظاهرين أدى إلى تدمير وحرق بعضها مع بعض المنشآت التجارية، وهو ما أدى إلى خروج المواطنين ليلا إلى الشوارع لحماية منازلهم من أية هجمات.. بينما تعرضت بعض السجون لهجوم منظم لاقتحامها تبين بعد سنوات إنه كان من تدبير الإخوان وبمشاركة عناصر من حماس وحزب الله، وأسفر ذلك عن فرار قادة الإخوان الذين تم اعتقالهم فجر ذات اليوم من سجن برج العرب، وبعضهم شارك بعدها بأيام قليلة فى مشاورات تمت داخل القصر الجمهورى مع نائب الرئيس الجديد عمر سليمان للخروج من تلك الأزمة!

 

وفي وقت متأخر من الليل خرج مبارك متحدثا للمواطنين في كلمة متلفزة ليعلن أنه يتفهم دوافع الشباب الذى خرج للشوارع  رغم أن تلك الدوافع كانت قد إتسعت لتشمل إسقاط النظام كله وليس مجرد إقالة وزير الداخلية، وقال مبارك أنه طلب من حكومة نظيف تقديم استقالتها، ولم يعلن وقتها عمن إختاره لتشكيل الحكومة الجديدة وهو الفريق أحمد شفيق، فقد أعلن ذلك بعد أن قدمت حكومة نظيف استقالتها فعلا في صباح يوم السبت ٢٩ يناير.. 

 

ورغم أن مبارك ترك أمر إختيار كل الوزراء للفريق شفيق في البداية باستثناء وزير الخارجية أحمد أبوالغيط  ووزير الدفاع المشير طنطاوى الذى رفض بإصرار تولى منصب نائب رئيس الجمهورية، إلا أن مبارك عاد وطلب من الفريق أحمد شفيق  بإلحاح ضم أنس الفقى لحكومته ومعه المهندس رشيد محمد رشيد والدكتور يوسف بطرس غالى أيضا، وقد رفض كل من رشيد محمد رشيد ويوسف بطرس غالى المشاركة في حكومة أحمد شفيق وسارع الأول إلى مغادرة مصر مع أسرته ولم يعد اليها إلا بعد سنوات ولحق به الثانى بعد أن تنحى مبارك عن الحكم. 

 

 

وهكذا كان يوم الجمعة ٢٨ يناير هو من أطول الأيام التى مرت على البلاد.. فيه كانت بداية النهاية لنظام مبارك.. وفيه أيضا قرر الإخوان أن يكونوا هم البديل لحكم مبارك، لإنهم وجدوا في أنفسهم أنهم الجماعة الأكثر قوة وتنظيما من كل القوى الموجودة على الساحة المصرية، سواء كانت تقليدية أو شبابية، ووجدوا أيضا ترحيبا أمريكيا وأوربيا لتوليهم حكم البلاد.   

الجريدة الرسمية