رئيس التحرير
عصام كامل

صلوات الله تعالى عليه

يقول عز وجل (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) صدق الله العظيم.. عزيزي القارئ كنا قد تحدثنا في مقالات سابقة تحت عنوان (في أنوار الصلوات) عن خصوصية النداء الإلهي والأمر الرباني للمؤمنين بالصلاة على النبي وقلنا أن بالقرآن الكريم ستة وثمانون نداء من الله لعباده المؤمنين تحمل أوامر ونواهي وتحذير وتوجيه وإرشاد ونصح  وبيان أمر وإرشاد من الله سبحانه وتعالى للمؤمنين. تربية وتخليق لهم حتى يكمل إيمانهم وتصح عبادتهم له تعالى..

 

وقلنا أن كل النداءات الإلهية. يأتي الأمر مباشرة بعد ياء النداء ولفظ الإشارة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا).. فيما عدا هذه الآية الكريمة.  فقد كان هناك إخبار وتنبيه من الله عز وجل سابق للأمر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهذا الإخبار فيه بيان  عن عظيم فضل ورفعة قدر النبي ومكانته ومنزلته عند ربه تعالى. 

 

فقبل أن يأمرنا سبحانه وتعالى بأن نصلي على النبي. أخبرنا تبارك في علاه بأنه وهو الإله الخالق قد بدأ بذاته بالصلاة على النبي وعطف الملائكة الكرام عليه عز وجل في الصلاة على النبي. فقال تعالى في مطلع الآية الكريمة (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) ثم جاء الأمر بعد ذلك لعباده المؤمنين بقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) 

 

الصلاة على النبي

 

هذا والصلاة على النبي نوعين. صلاة معلمة أخبرنا بها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله وعلمنا إياها وهي الصلاة المسماة بالصلاة الإبراهيمية التي نصلي بها في صلاتنا. والنوع الثاني صلوات الفتوحات الربانية وهي من مشكاة العلوم والمعارف اللدنية التي يفيض بها الحق سبحانه على قلوب أهل محبته وولايته. ومن هنا وعلى أثر ذلك  تعددت صيغ الصلوات على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله وتنوعت فمنها.. 

 

الصلاة الإبراهيمية التي يصلي بها المسلمون في صلاتهم فما من مصلي إلا يصلي بها. وهي ( اللهم صلي على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا  إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم.  وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين. إنك حميد مجيد). وهي صلاة عامة يصلي بها جميع المؤمنين. وهناك الصلاة الأمية وهي التي يقال فيها ( اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم ) وهي صلاة عامة أيضا.. 

 

هذا والصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله منها الصلاة العددية المشار فيها إلى عدد وإن كان العدد فيها غير معلوم للمصلي. مثل (اللهم صل  وسلم وبارك على سيدنا محمد عدد ما كان. وعدد ما يكون وعدد الحركات والسكون). ومنها الصلوات النورانية وهي صلوات أشرق بها الحق عز وجل على قلوب أهل محبته وأولياءه وخاصته وألهمهم إياها بعدما فتح على قلوبهم وأنار بصائرهم وأشهدهم أنوار الحقيقة المحمدية. وهي التي أشرنا إليها من قبل. ولكل ولي وعارف بالله  فتحه وإشراقاته الخاصة الممنوحة له من الله تعالى. 

 

ومن هنا تعددت صيغ صلواتهم رضي الله تعالى عنهم وهي على قدر مشاهداتهم ومعرفتهم.. إلا أنها كلها تدور حول الحقيقة المحمدية والنور الأسبق الذي فتق الله تعالى به رتق عالم الغيب وعوالم الخلق  وإلى أسبقية هذا النور وأولويته في عالم الخلق والوجود والظهور. وإلى أنه هو الأصل في المدد والإمداد الإلهي لجميع عوالم الخلق فهو معين الرحمة الإلهية لقوله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ). وأنه عين الإمداد وهو المنوط به كل شئ والواسطة بين العباد وربهم عز وجل. بالإضافة إلى أنه صلى الله عليه وسلم وعلى آله هو مناط النور الذاتي ومحل سريان سر الله تعالى الساري في كل الكائنات. 

 

 

هذا ومن العارفين بالله من أشار إلى أن النور المحمدي الذاتي هو نفحة الرحمن التي نفخها الله سبحانه وتعالى في جسد أبو البشر أبينا آدم عليه السلام وعلى أثرها وهبه الله تعالى الحياة وكان مستحق للتكريم بسجود الملائكة. ومؤهلا لتلقي علوم الأسماء كلها.. 

الخلاصة تعددت وتنوعت  صيغ الصلوات على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله منها صلاة المسلمين وعامة أهل الإيمان. ومنها صلوات خاصة أهل الإيمان من أهل ولاية الله والمعرفة به تعالى وهم الذين خصهم الله تعالى بالعلوم اللدنية..

الجريدة الرسمية