رئيس التحرير
عصام كامل

أسعار البنزين على كف عفريت.. ماذا يعني قرار سحب النفط من الاحتياطي الإستراتيجي؟

أمريكا تلجأ للاحتياطي
أمريكا تلجأ للاحتياطي الإستراتيجي للنفط

في استجابة للمطلب الأمريكي، أعلنت مجموعة دول من كبار مستهلكي النفط، بما في ذلك الولايات المتحدة نفسها، خطة منسقة لمعالجة ارتفاع تكاليف الطاقة بالإفراج عن النفط الخام من الاحتياطيات الإستراتيجية لهذه الدول. ويبقى السؤال حاليًّا هو ما إذا كانت هذه الخطة ستنجج في كبح الأسعار، أو تعد مجرد مثبطات للأزمة ينفجر بعده الوضع عالميا برمته وينعكس على الشعوب.

 

يذكر أن فكرة الاحتفاظ باحتياطي إستراتيجي للنفط الأمريكي جاءت رد فعل للصدمة النفطية عقب حرب 1973، التي نتج عنها انقطاع نسبة كبيرة من إمدادات النفط الخام.

 

وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن الحكومة الأمريكية التي أعلنت تحرير 50 مليون برميل، قد تتيح النفط لمقدمي العروض المؤهلين، ومن بينهم شركات النفط الكبرى وشركات التجارة الدولية.

 

رد السعودية وروسيا

من المتوقع أن تتخذ كل من السعودية وروسيا، خطوة جديدة لإيقاف الزيادات الشهرية المخططة في إنتاج النفط.

وقال مندوبون في أوبك إن هذه الخطوة، جاءت لتعويض الإمدادات الجديدة، التي أقرتها بعض الدول بقيادة الولايات المتحدة، لذلك تدرس الرياض وموسكو الآن وقف الزيادة الجماعية الشهرية للمجموعة.

 

وكشف تقرير "وول ستريت جورنال"،، نقلا عن أشخاص مطلعين على المناقشات، بأن الأعضاء الآخرين في مجموعة "أوبك +"، غير مقتنعين بضرورة التوقف المؤقت.

 

وقال المندوبون إن الإمارات، العضو القوي في منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" التي اشتبكت مع السعودية بشأن سياسة أوبك في الماضي، والكويت، تقاوم التوقف.

 

وتتضمن الصفقة، وفق التقرير، خططا لرفع الإنتاج بـ400 ألف برميل يوميا كل شهر حتى العام المقبل.

 

عودة إنتاج النفط

ومن شأن هذه الوتيرة، أن تعود بالإنتاج إلى مستواه قبل وباء كورونا، حيث خفضت المجموعة إنتاجها بشكل حاد في عام 2020 مع تبخر الطلب وسط عمليات الإغلاق التي شملت عدة دول.

 

وتأتي هذه الخطوات، بينما تخطط العديد من البلدان، ولا سيما في أوروبا، في فرض قيود جديدة يمكن أن تقوض النشاط الاقتصادي.

 

والثلاثاء، أكد الرئيس الأمريكى جو بايدن، أن ارتفاع أسعار النفط "يمثل مشكلة" في جميع أنحاء العالم، مشددا على أنه من غير المقبول أن تحدث شركات النفط اختلافا بين أسعار البيع بالجملة والتجزئة.

 

وأضاف أن الإجراءات العالمية المنسقة بشأن احتياطيات النفط ستساعد في التعامل مع نقص الإمدادات، لكن هذه الإجراءات "لن تحل المشكلة بين عشية وضحاها ولكنها ستحدث فرقا".

 

بايدن يضبط السوق

ولم يأمر بايدن باستخدام 50 مليون برميل لتعديل الأسعار فحسب، بل فعل ذلك بالتنسيق مع دول أخرى، ما يشكل بادرة غير مسبوقة فى السوق للسيطرة على الأسعار ومواجهة المنتجين.

 

ويهدد الإفراج عن ملايين براميل النفط بقيادة الولايات المتحدة بمزيد من التدافع في ميزان العرض والطلب" وفق تقرير "وول ستريت جورنال".

 

وترى السعودية أن الخام المفرج عنه قد يؤدي إلى تضخم الإمدادات العالمية ويهدد بخفض الأسعار "وفقا لأشخاص مطلعين" حسبما ذكرت الصحيفة الأمريكية.

 

كما أعلنت الصين اليوم، أنها ستستخدم مخزونها النفطي في مسعى لخفض أسعار النفط، لتسير بذلك على خطى مبادرة بايدن.

 

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، تشاو ليجيان، إن "الصين، بالنظر إلى احتياجاتها وظروفها الحالية، ستسحب من مخزونها الوطني من النفط الخام وستتخذ إجراءات ضرورية أخرى للحفاظ على استقرار السوق".

 

ولم يحدد تشاو، موعد عملية السحب هذه، أو كمية النفط التي تنوي بكين ضخها في السوق.

 

فى هذا الصدد ذكرت وكالة "بلومبرج" أن الرئيس بايدن، تحدث عن المبادرة الأسبوع الماضي مع نظيره الصيني، خلال أول اجتماع لهما عبر الفيديو.

 

الأزمة في نقاط 

ولخصت وكالة "بلومبرج" فى تقرير سابق لها تداعيات القرار ومدى تأثيره في المواطن العادي نقلًا عن مؤسسة FDD في واشنطن وجاءت كالتالي. 

 

إدارة بايدن طالبت دول "أوبك" بزيادة الإنتاج، بهدف التخفيف من معاناة الناس حول العالم الناتجة من ارتفاع البنزين، وركز على أن انخفاض أسعار البنزين مهم للنمو الاقتصادي العالمي، قوبل الطلب بالرفض. 

 

خطوة بايدن من المرجح أن تؤدي إلى انخفاض مستمر قصير الأمد في أسعار النفط، لكنه لن يحدث أي تأثير في مسار أسعار النفط على المدى المتوسط ​​والطويل. نحن نعلم هذا من عدة عقود من الخبرة أن إصدارات الاحتياطي البترولي الاستراتيجي لا تؤثر على الأسعار على المدى القصير جدًّا.

 

قد يجعل هذا القرار الناس أكثر سعادة قليلا للذهاب إلى عطلة نهاية الأسبوع الطويلة لعيد الشكر، لكنها لن تؤدي إلى تغيير ذي مغزى. 

 

الخطوة خطيرة لأن الغرض من الاحتياطي النفط الاستراتيجي هو توفير البترول عندما يكون هناك انقطاع كبير في الإمدادات، وهو ما يمكن أن يحدث في المستقبل، كما حدث خلال إعصار إيدا.

 

الرئيس بايدن قد يعلن عن حظر تصدير النفط الخام، إذا كان الأمر كذلك، فسيؤدي ذلك إلى نتائج عكسية وسيمنع الشركات والمستثمرين من العودة إلى إنتاج النفط في الولايات المتحدة، وقد يناقش أيضا احتمالات عودة زيادة المعروض من النفط الإيراني إلى السوق العالمية.

 

أخيرا، الحل الحقيقي الوحيد هو تحديد الشروط لعودة إنتاج النفط الأمريكي، عودت منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) وروسيا إلى مستويات ما قبل وباء كورونا.

 

الحل السحري

فى ذات السياق، أشار خبير الطاقة بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية الأمريكى، بن كاهيل، إلى أن لجوء الرئيس بايدن إلى خيار طرح احتياطيات النفط الاستراتيجي الأمريكي في الأسواق بوصفه وسيلة للخروج من أزمة أسعار النفط المرتفعة حاليا ليس بالضرورة حلا سحريا.

 

وأضاف الخبير الأمريكي، "أنه ليست حلًّا رائعًا سريعًا لضبط الأسواق على المدى القصير، وفي الواقع قد يزيد انخفاض الاحتياطيات الإستراتيجية المخاوف بشأن انخفاض المخزون الذي يوفر عادة حاجزًا أمام أي كوارث مستقبلية".

وصعدت أسعار النفط اليوم الأربعاء، مواصلة مكاسبها من اليوم السابق، إذ استمرت شكوك المستثمرين بشأن فاعلية التحرك الذي تقوده الولايات المتحدة للسحب من احتياطيات النفط الإستراتيجية، في وقت حولوا فيه تركيزهم إلى الخطوة المقبلة لمنتجي النفط.

الجريدة الرسمية