رئيس التحرير
عصام كامل

ردة مجتمعية!

يندهش البعض من أن ما كان أمرا عاديا ومألوفا من قبل في حياتنا صار مرفوضا ومستنكرا لدى البعض منا الآن.. ويعج العالم الافتراضي بمقارنات ذات دلالة ومغزى حول حياتنا في عقود سابقة وحياتنا الآن، ابتداء من ملابس المرأة، ومرورا بمستوى الحرية في حياتنا الثقافية والفنية، وحتى علاقة المسلمين والمسيحيين.. وآخر صور الاندهاش هذا يتعلق الآن بردود فعل البعض على إعادة تقديم مسرحية المومس الفاضلة للمفكر الكبير جان بول سارتر..

 

 لأن هذه المسرحية عرضت في الستينات من القرن الماضى ولم تواجه برفض أو استنكار من أحد وقتها، بل على العكس حصدت إشادة من جمهور المسرح في البلد الذي كان يعيش انتعاشا وازدهارا، وهو ما يعتبر ردة ثقافية وحضارية!

غير أننى مندهش من اندهاش هؤلاء.. لأننا نحصد الآن ما زرعناه بأيدينا من قبل في سنوات خلت، وبالتحديد منذ السبعينيات من القرن الماضى حينما رعت الدولة تحت رئاسة الرئيس السادات الجماعات الدينية المتطرفة لتستعين بها على مواجهة التيارات اليسارية والناصرية، وأعاد جماعة الإخوان للحياة مجددا.. 

 

 

فقد منح ذلك فرصة ذهبية لهذه التيارات المتطرفة لاختراق المجتمع وتغيير هويته وثقافته وقيمه، خاصة وأنه اقترن، تحت ضغط الأزمة الاقتصادية، بعملية هجرة واسعة إلى بلدان الخليج التي اغتنت بأموال النفط.. وهذه الهجرة غيرت نمط حياة عدد من أبناء مجتمعنا محاكاة لنمط الحياة في هذه الدول وقتها.

 

وهكذا.. نحن الذين فعلنا ذلك بأنفسنا.. فقد سمحنا للمتطرفين باختراق مجتمعنا وتغيير ثقافته وأسلوب تفكير بعض من أبنائه ومنظومة قيمه.. ولم يحدث ذلك فجأة في يوم وليلة، وإنما حدث على مدى زمنى ليس بالقصير، كان مجتمعنا فيه قد شهد تغييرا سلبيا عميقا.. ولذلك نحن نحتاج لجهد كبير سوف يستغرق وقتا متى نسترد مجتمعنا الذي لا يسوده تطرف أو تعصب.. ويجب أن نبدأ فورا لحماية الأجيال الجديدة فيه.

الجريدة الرسمية