رئيس التحرير
عصام كامل

احذروا.. إثيوبيا تخفى دمارًا أسفل السد

للأسف إن التهديدات الكارثية التى قد تتعرض لها كل من مصر والسودان نتيجة لاستمرار إثيوبيا فى بناء وملء سد النهضة لم تعد قاصرة على كارثة النقص الحاد فى المياه فحسب، بل تعدته إلى تهديد وجودي ينذر حدوث دمار للدولة السودانية وكوارث فى مصر، بسبب السلامة الإنشائية المعيبة للسد الإثيوبي، والتى أكدت الدراسات بالقطع أنه تحول إلى قنبلة موقوتة تهدد وجود البلدين.

 

فمنذ أيام، خرجت تصريحات مزعجة عن عدد من المسئولين الرسميين، تحدثت جميعها عن وجود عيوب إنشائية  في سد النهضة ترجح إمكانية انهياره، غير أن البعض أخذها على محمل غير جاد، نظرا لعدم ذكر مرجعية تلك العيوب، التى دفعت مصر للتحرك والبدء فى إجراءات جدية لاستيعاب كارثة الكم الهائل من المياه التى قد تندفع فى اتجاه مصر فى حالة انهيار سد النهضة.

 

 

وحتى يعي البعض حقيقة الكارثة المتوقعة، وما دفع المسئولين فى مصر للخروج بتلك التصريحات، فقد انتهى فريق علمى برئاسة العالم المصرى الدكتور هشام العسكري أستاذ الاستشعار عن بعد وعلوم نظم الأرض بجامعة تشامبان الأمريكية، وبمشاركة خبراء من مصر وأمريكا وعدد من الهيئات الدولية، من دراسة علمية منذ أيام، كشفت بما لا يدع مجالا للشك، عن وجود هبوط أرضي بموقع سد النهضة الإثيوبي، بما يؤكد أنه غير آمن على الإطلاق، ويشكل تهديدا وجوديا حقيقيا لكل من مصر والسودان.

 

تعنت إثيوبيا

 

وحتى يعي الجميع حقيقة ما تم، فإن الدراسة قد استهدفت فى الأساس، التركيز على فكرة أمان السد التى بح صوت المفاوضين المصريين والسودانيين من كثرة المطالبة بالتأكد على مدى سلامتها على مدار 10 سنوات، إلا أن الجانب الإثيوبي دأب على التنصل وتعمد إخفاء كل الدراسات الدولية التى تتعلق بهذا الشأن، بل وتجاهل كل الاستفسارات التى تتعلق بقضية الأمان خاصة حالة وصول التخزين للحد المستهدف.

 

وأمام التعنت الإثيوبي المريب، كان لابد من القيام بعملية رصد دقيقة لكل ما يتعلق بأمان جسم السد، واللجوء لاستخدام صور الأقمار الصناعية وتقنيات الاستشعار والأشعة الرادارية، التى تم توجيهها بالفعل من القمر الصناعي الراداري إلى جسم السد، ثم عودتها مرة أخرى إلى القمر لتحليل بياناتها ومعلوماتها بشكل دقيق.

 

وحتى يتم القطع بمدى سلامة جسم السد من عدمه، فقد قام العلماء خلال الدراسة بتحليل 109 صور تم التقاطها لجسم السد عبر الأقمار الصناعية خلال الفترة من ديسمبر عام 2016 إلى يوليو 2021 باستخدام تقنية الأشعة الرادارية، إلا أنها كشفت وللأسف وجود كوارث تخفيها  إثيوبيا أسفل القشرة الأرضية وعلى جسم السد، يستحيل معها إتمام عملية ملء السد الذي تستهدفه أديس أبابا.

 

فقد كشفت تحليل بيانات الصور الردارية، بشكل قاطع عن وجود عدد كبير من الفوالق فى القشرة الأرضية أسفل السد الركامى، وصل أطوال بعضها خلال السنوات الـ 5 الماضية إلى حوالي نصف متر، على الرغم من عدم وصول قطرة مياه واحدة إلى هذا السد، الذي من المفترض أن يتم ملء السد الرئيسى أولا ثم الوصول بالمياه إليه، للوصول إلى حد التخزين المستهدف ب 74 مليار متر مكعب.

 

المرعب فى الأمر، أن الفوالق والتحركات الأرضية التي تم رصدها أسفل السد الركامي، تؤكد جميعها وجود ضغط هائل على الطبقات الأرضية، وأن الوصول بالسعة التخزينية إلى 20 مليار متر مكعب فقط من المياه، ثم وصولها السد الركامي، قد يؤدى إلى كارثة لا يحمد عقباها، أقلها إبادة كاملة لدولة السودان.

 

ولم يتوقف حجم الرعب الذى تخفيه إثيوبيا عند الفوالق الكارثية وتحرك القشرة الأرضية أسفل السد فحسب، حيث كشف تحليل بيانات الصور الرادارية عن وجود إزاحة وتحرك في مناطق مختلفة من السدين الرئيسى والركامي تنذر بوقوع أخطار حقيقية، منها إزاحات رأسية في الجانبين الشرقي والغربي من السد الرئيسى منذ العام 2016.

 

هبوط أرضي

 

كما أكدت تحاليل الصور، أنه عند بدء الملء الأول حدثت إزاحات رأسية غير متجانسة أو متوافقة، إلى جانب هبوط غير متساو في الجانبين الشرقي والغربي، نتج عنها حدوث تصارع بين الجانبين لوجود جانب أكبر من الآخر، وهو ما دفع السلطات الإثيوبية فى الغالب إلى وقف الملء الثاني، والاكتفاء بتخزين 3 مليارات متر مكعب فقط، مع ال 5 مليارات التى تم تخزينها في الملء الأول.

 

 كما أكدت نتائج تحليل الصور الرادارية، عن وجود هبوط غير متناسق في الطرف الغربي للسد الرئيسي، يتراوح بين 10 و90 مم في أعلى السد، نتج عن عملية الملء السريع الذى يفتقر للدراسة وتحليل البيانات، مما أثر فنيا على جسم السد.

كما كشفت الدراسة عن وجود إزاحات رأسية غير متساوية في قطاعات مختلفة بالسدين الرئيسي والمساعد، إلى جانب وجود تدفقات زائدة وغير متساوية أو متناسقة على الإطلاق بالناحيتين الشرقية والغربية لسد.

 

الكارثة، أن صور الأشعة الرادارية التى التقطها الخبراء قد كشفت أيضا عن وجود تحركات بالتربة في محيط سد النهضة، وهو ما يعنى حدوث دمار للدولة السودانية وكوارث فى مصر، فى حالة تنفيذ إثيوبيا ما اعلنه من مستهدف، ولاسيما وأن السد الخرساني لن يستوعب أكثر من 18 مليار متر مكعب من المياه، فى حين خططت إثيوبيا لتخزين الكمية المتبقية في بحيرة بجانب السد الركامي بطول 6 كيلومترات للوصول بالسعة التخزينية إلى 74 مليار متر مكعب.

 

يقينى أن المعلومات الكارثية التى كشفت عنها الدراسة تؤكد أنه أصبح من غير المجدى المطالبة بعودة المفاوضات، فى ظل القطع يقينا بأن إثيوبيا ومعها الشركة المنفذة للسد يسعيان للاضرار بمصر والسودان عن عمد، فى الوقت الذي أصبح استمرار العمل في بناء وملء سد النهضة الإثيوبي بمثابة عملا عدائيا غير محسوب العواقب يستحق الرد، وهو ما يجب أن نعلن به العالم وكافة المنظمات الدولية.. وكفى.

الجريدة الرسمية