رئيس التحرير
عصام كامل

الخرباوي: تسييس الدين يزيد الصراعات الطائفية بالمجتمع

احتجاجات التيارات
احتجاجات التيارات الدينية

لا تكسب المجتمعات من تسييس الدين أبدًا، بل على العكس، لا تجني إلا الصراعات والطائفية والتمييز، واختراع الأزمات ‏والمشكلات بين نسيج المجتمع الواحد، وبدلًا من التركيز على المواطنة وكيفية توفير حالة من المساواة بين الجميع، تصبح المزايدة ‏على صحيح الدين وخاصة بين التيارات المتطرفة هي السمة الأسمى.‏


تتصاعد المنافسة على التدين الشكلي بين أفراد المجتمع، كما تتزايد أيضا محاكم التفتيش للناس على مظاهرهم وقراراتهم ‏الخاصة، ويستغل هذه الحالة بعض ضعاف النفوس لفرض آرائهم على المجتمع، وهو ما يعتبره بعض الخبراء تشوه أصابهم بسبب ‏جرعة تديين المجتمع التي أسس لها التيارات الدينية.  ‏


الفطرة السليمة ‏

قال ثروت الخرباوي الكاتب والباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، إن تسييس الدين جعل كل شيء مُلتبسًا في حياتنا، مؤكدا أن ‏التيارات الدينية شوهت فطرة الناس السليمة التي ‏خلقهم الله عليها.‏


أضاف الخرباوي: تسييس الدين جعل هذا يسأل عن حُكم تهنئة الأقباط بأعيادهم، فيردون ‏بالتحريم، وهذا يسأل عن حُكم إلقاء ‏السلام على غير المسلمين، فيردون بالتحريم، وهذا يسأل عن حكم السفر لتلقي العلم في ‏أوروبا، فيردون بالتحريم، وحُكم أكل ‏الخُشاف وشرب المياه الغازية وشرب الماء بوضعية وقوف الشارب والتبول واقفًا في ‏المراحيض الحديثة فيردون بالتحريم.‏


أضاف: الحب على سبيل المثال من فطرة الناس التي خلقهم الله عليها، ولم تستمر ‏الخلائق فى الحياة إلا بسبب حب الرجل للمرأة ‏وحب المرأة للرجل، وسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام أحب زوجته خديجة، رضى الله عنها، حبًا ملك عليه فؤاده، وبكى عليها يوم ‏موتها.‏


استكمل: نعرف كلنا أن الرسول أحب زوجته عائشة أم المؤمنين، رضى الله عنها، والفقيه الأعظم «ابن حزم الأندلسى» كتب ‏كتابًا ‏شهيرًا هو «طوق الحمامة»، ومع وقار ابن حزم وعفته والتزامه إلا أنه أفاض فى كتابه فى الحديث عن عاطفة الحب. ‏


تابع: احتوى كتابه على أخبار وقصص المحبين والعشاق وأشعارهم، وتعرض للحب فى كتابه من منظور نفسي ‏ومشاعري، ‏وتحدث عن الحب من أول نظرة، ودرجات الحب بدءًا من الحب للشغف للصبوة للعشق للهيام، وتناول ابن حزم أحوال ‏المحبين ‏من إدمان النظر للمحبوب، والاضطراب عن رؤية المحبوب، والتعريض بالقول لتوصيل معانى الحب لمن يُحب، ‏والمراسلة ‏الصريحة بين المحبين.‏


الحلال والحرام ‏

استكمل: ليس معنى هذا أن الدعوة إلى الحرام، فالحلال بيِّن والحرام بيَّن، والتعدي على الأعراض بحجة الحب والعشق والهيام ‏لا ‏مكان له عند أصحاب الفطرة السليمة.

اختتم الخرباوي مؤكدًا أنه من الخطأ تسييس الدين لأن الإسلام ترك لنا مساحة كبيرة جدًا في حياتنا نتحرك فيها كما نشاء، ولم ‏يضع لنا ضوابط إلا في أقل ‏القليل، فالله لم يخلقنا لنكون آلات ينبغي أن تتحرك حركة واحدة في وقت واحد بطريقة واحدة، ولكنه ‏تركنا لفطرتنا ولم يُحرم ‏علينا إلا ما أورده في الكتب السماوية حصرًا، ولكن كهنة الأديان أضافوا من المُحَرمات ما تعجز الجبالُ ‏عن حَمْله.‏ 

الجريدة الرسمية