رئيس التحرير
عصام كامل

المحكمة التأديبية العليا:

حيثيات براءة مدير عام الشئون القانونية بجامعة دمياط

جامعة دمياط
جامعة دمياط

أصدرت المحكمة التأديبية العليا بمجلس الدولة في القضية رقم 50 لسنة 63 قضائية عليا  ببراءة عادل حامد عبد الفتاح أحمد، مدير عام الشئون القانونية بجامعة دمياط، بعد ثبوت خلو الأوراق مما يفيد تغاضيه عن ضمانة قانونية مقررة للشاكي المذكور، أو تغافله عمدا بسوء طوية عن دليل بالأوراق قد يُسفِر عن تغيير وجه رأيه، مما يبرئ ساحته مما نُسب إليه.


وقالت المحكمة عبر أسباب حكمها إن الثابت بالأوراق، ومن التحقيق رقم 48 لسنة2018 الذي أجراه المحال مع الشاكي، وبغض النظر عما انتهى إليه، ودون خوض المحكمة في نتائجه من قريب أو بعيد وبعد تمحيصه عن بصر لا يخالجه التقييم لما أثمر عنه في حق الشاكي المذكور، فقد تبين أن التحقيقات استوفت ما يتعين فيها من ضمانات، وتمت مواجهة الشاكي المذكور بما هو منسوب إليه دون تغييب لأي من عناصر الواقعة المتهم بها، وانصَبَّت التحقيقات على استجلاء حقيقة ما ثارت به الشبهات حوله حسبما تبين من سياقها والأقوال التي سردت فيها والمعاينات التي أجريت بشأنها، ومُكِّنَ الشاكي من الدفاع عن نفسه والتوقيع على أوراق التحقيق كذلك.

 

وانتهت التحقيقات إلى ثبوت المخالفة في جانب الشاكي والتوصية بإحالته لمجلس التأديب في ضوء ما هو معلوم بالضرورة من أن إبداء الرأي أو الأخذ به في مسألة فنية خلافية سواء أصاب الحقيقة أم أخفقها لا يستوجب المساءلة التأديبية، ما مادام كان هذا الرأي على قدر اجتهاد من أدلى به، وبعد عرضه الوقائع بحالتها الحقيقية بدقة ووضوح، عن غير هوى أو غرض، فلا يؤثم إذا أعمل فكره وتقديره في مجال مسألة قانونية طالما كان ما ترتب عليه من فعل أو مسلك لا يعد شذوذا في منطق التفسير القانوني ويُمكن تَبَنِّيه كوجهة نظر حتى وإن كانت غير راجحة بداءة عند الموازنة والمقارنة والترجيح.

 

الضمانات القانونية

وتبين من الأوراق إجراء التحقيقات بشأنها على نحو مستوف للضمانات القانونية بغض النظر عما انتهت إليه من نتائج رُعيت فيها الأصول القانونية والفنية للتحقيقات، وإذ تبين للمحال أن الشاكي ليس أمين عهدة تلك الأجهزة، فقد وصَّف المنسوب إليه بأنه سرقة وليس استيلاءً، فلا محاجة على مسلك المحال أو تثريب عليه بشأن ما انتهى إليه من رأي قانوني، إذ هو محض رأي لا يترتب عليه في ذاته أثرا قانونيا ما لم يحظ بتبنيه من قِبَل السلطة المختصة.

 

وإذ انحصر رأيه في التوصية بإحالة الشاكي المذكور لمجلس التأديب المختص، فإن هذا الرأي في ذاته يرفع عن كاهله عبء إثبات عدم خروجه عن الإطار القانوني للتحقيق، وإلا ما أوصى بإحالة الشاكي المذكور إلى مجلس التأديب الذي تنعقد أمامه المحاكمة كاملة مطروحة فيها التحقيقات برمتها، منعقد بين يدي هذا المجلس تقييمها والوقوف على مدى كفايتها لتبرئة أو إدانة المعروض أمره على سند يقيني لا محل للتشكيك فيه أو دحضه إلا ببرهان دامغ.

 

وبمناسبة تصدي المحال للتحقيقات، وفي معرض تقييم الخسائر المادية المترتبة على واقعة السرقة المنسوبة للشاكي، فقد سَأَل مدير إدارة الشئون الهندسية بالكلية المذكورة عن قيمة تلك الأجهزة، والذي قرر بأنه تم شراء تلك الأجهزة بمبلغ مقداره عشرة آلاف جنيه، وهو ما اتخذه المحال سندا للتوصية بإلزام الشاكي بسداد قيمة الأجهزة الخمسة المنوه عنها على أساس قيمة عشرة آلاف جنيه للجهاز الواحد مضافة إليها قيمة 10% كمصروفات إدارية، ومن ثم فقد ثبت قطعا أن المحال قد استند إلى تقييمٍ من مختصٍ لقيمة تلك الأجهزة، ولم يوصِ بما أوصى به في نتيجة التحقيقات بإرادة منفردة أو تقييم مستقل لقيمة كل جهاز دون سند من واقع، مما ينفي عنه الادعاء بخروجه على مقتضى الواجب الوظيفي.

 

نتيجة التحقيقات

وبشأن ما نُسب للمحال من أنه لم يتخذ الإجراءات القانونية اللازمة لإبلاغ الجهات المعنية لإعمال شئونها في الواقعة، فهو اتهام لم يسانده شيء من الوقائع المشار إليها سلفا، بل أنه يناقضها، ذلك أن إحالة الأمر للتحقيق قد جاءت من الأصل من تلك الجهات المعنية التي كان يتعين على المحال إخطارها حال تكشفت له أي مخالفات لم تتصل بعلمها، فلم يعد هناك محل للقول بواجب يقع عليه بإخطار من كلفه بإجراء التحقيقات بالوقائع محلها، وإلا عُد قولا مخالفا لمنطق الأمور وطبائعها.

 

والثابت يقينا بالأوراق أن المحال قد عرض نتيجة التحقيقات على عميد الكلية المختص، ليتولى هذا الأخير بدوره عرض الأمر على رئيس الجامعة لاتخاذ ما يراه بوصفة السلطة المختصة، ومن ثم فإنه لا تقصير ينسب للمحال أو خروج على مقتضى واجبه الوظيفي، لا سيما وأن القول بأخذه بالجزاء عن رأيه القانوني في تلك التحقيقات التي أجراها، وما خالطها من إجراءات وآراء قانونية إنما يخالف ما تعين أن يُحفَظ من استقلال لأعضاء الإدارات القانونية في ممارسة اختصاصهم الفني على النحو المقرر بالمادة السادسة من قانون الإدارات القانونية.

 

كما خلت الأوراق كافة مما يصم المحال بأنه اتبع في عمله غرضا أو هوى في سبيل صدور قرار رئيس الجامعة محل عمله بوقف الشاكي المذكور عن العمل أو إحالته لمجلس التأديب المختص، وخلت الأوراق كذلك مما يفيد تغاضيه عن ضمانة قانونية مقررة للشاكي المذكور، أو تغافله عمدا بسوء طوية عن دليل بالأوراق قد يُسفِر عن تغيير وجه رأيه، مما يبرئ ساحته مما نُسب إليه، ولهـذه الأسباب قضت المحكمة ببراءة المحال عادل حامد عبد الفتاح أحمد، مما نُسب إليه.

الجريدة الرسمية