رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

النخبة بين السيد بدير ونجيب محفوظ!

رحل الفنان الكبير السيد بدير في ٣٠ أغسطس عام ١٩٨٦ وبعده بعشرين عاما كامله يرحل في اليوم نفسه أسطورة الرواية العربية نجيب محفوظ.. وبات من المعتاد سنويا أن تحتفل النخبة المصرية بذكري نجيب محفوظ وبشكل متواضع جدا وعلي استحياء يحتفلون بالسيد بدير!

 

 

نجيب محفوظ في تقديرنا وبلا أي مبالغة أو انحياز أهم روائي في العالم في النصف قرن الأخير وهو فيلسوف الرواية العربية بلا منازع ونقول ذلك رغم الاختلاف السياسي مع محفوظ وتوجهاته.. وهو يستحق إحياء ذكراه كل عام ولعشرات السنين القادمة.. لكن في الوقت نفسه يستحق السيد بدير إحتفاءا أكثر مما يجري بكثير.. إذ إننا أيضا وبلا مبالغة أمام أسطورة حقيقية.. قدمت لمصر ولقواها الناعمة ما لم يقدمه أحد.. وربما لن يقدمه أحد..

 شخصية مهمة

 

ليس فقط في رصيد تأليف وإخراج وإعداد إذاعي وتلفزيوني يصل إلى أربعة ألاف عمل ولا فقط رصيد مسرحي يصل إلى أربعمائة مسرحية تأليفا وإخراجا.. لكن أيضا لأنه ساهم في تشكيل وجدان شعبنا وصناعة البسمة بين أفراد الأسرة المصرية.. فالسيد بدير -مثلا- مؤلف سلسلة أفلام إسماعيل يس "في البوليس والطيران والأسطول الخ".. وشارك فى كتابة سيناريو وحوار أفلام "رصيف نمرة ٥" و"سر طاقية الإخفاء" و"رسالة من إمرأة مجهولة" و"بين السما والأرض" و"أنا حرة" و"شباب إمرأة" وعشرات الأفلام الأخري.. 

 

هذا الرجل هو الذي أدار مسرح التليفزيون الذي كبر واستطال حتي تحول إلى أكثر من عشرة فرق كاملة طافت ربوع مصر في الستينيات شكلت وجدان المصريين وقدمت لمصر كل نجوم هذه السنوات وما بعدها وكتابها ومخرجيها حتي كان الرجل -من فرط العمل والجهد والمسئولية التي حملته الدولة إياها- قد حول مكتبة إلى استراحة ليوفر وقت العودة لبيته ولم يتوقف العطاء عن ذلك- وذلك تفاصيله كثيرة جدا - بل قدم للوطن -وهذا لا يقدر بأي ثمن- الشهيد البطل سيد السيد بدير أحد أبطال القوات الجوية في حرب أكتوبر والذي غنت له والدته الفنانة شريفة فاضل أغنية "أم البطل" ومن النادر أن نراه في حوار تلفزيوني أو غيرة يوظف ذلك في أي إتجاه!

 

لم يتوقف عطاء الرجل للوطن عند ذلك -وذلك كثير وكبير- بل قدم لمصر ابنه العالم الفذ سعيد السيد بدير عالم الأقمار الصناعية الشهير الذي استشهد في سبورتنج بالاسكندرية بعد رحيل السيد بدير بأعوام وتشير كل أصابع الاتهام للموساد ولكن كان ذلك علامة كبيرة علي الطريقة التي ربي بها بدير أبناءه!  

 

السيد بدير تاريخ مجيد يستحق التوقف عنده.. وأثره في حياتنا لا  يقل عن محفوظ.. لكن تجد بعض أركان النخبة متعة في الحديث عما يضعها في خانة المثقفين.. متجاهلين أننا أمام ذكري شخصية مهمة ثقفت ووعت أجيال وأجيال!

رحم الله السيد بدير ونجيب محفوظ.  ورزق الله مصرنا بمثلهما وبمن يملأ مكانهما ويؤدي دورهما!

Advertisements
الجريدة الرسمية