رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

وزير التعليم ضد مستقبل مصر!!

لم يعد الأمر يكفى بإقالة د. طارق شوقى وزير التربية والتعليم كما يطالب الكثيرون، أو الإبقاء عليه حتى ينفذ سياسته كما يروج أنصاره.
فليس الهدف هو الشخص، ولكن الهدف هو التجربة والنتيجة، ومحاسبة المخطئ إن وجد إنه كان عن عمد. المهم هو تقييم هذه التجربة التى بشر بها الوزير وسوق لها باعتبارها الطريق السحرى لإنقاذ وتطوير التعليم في مصر.


للأسف مازال الوزير لا يريد الإعتراف بما ثبتته الأحداث والوقائع والتجارب العملية إنها تسببت ومازالت فى كارثة كبرى، أو قل كوارث كبرى فى مختلف المراحل التعليمية، وتجلت الكارثة الآكبر فى امتحانات الثانوية العامة.. لا يريد أن يعترف الوزير مما حذرنا منه من ضرورة مواجهة الغش الالكترونى الذى ينتشر أمامنا الآن كالوباء، ويخرج الغشاشون لسانهم للجميع صبيحة كل إمتحان الثانوية العامة وخلاله.. وقد يقول قائل: الغش موجود من زمن، وأجيبه ببساطة: الفارق كبير.. الغش العادى حين ترتكبه فئات قليلة على مر العصور، لا يؤثرون كثيرا في النتيجة العامة للإمتحان أو في التنسيق لدخول الجامعات، فضلا عن محلية ومحدودية الأماكن التي تقع فيها فلا تثير الوجع العام الذى يصرخ منه مئات الآلاف من الأسر الآن!

أما الغش الإلكترونى فينتشر كالوباء من أى بقعة ليعم أرجاء الإنترنت ويعلم به الجميع القاصى والدانى فينشر الهم واليأس والإحباط والضحية هم  الذين لا حول لهم ولا قوة من  المجتهدين أو الملتزمين من جهة، ومن جهة ثانية أسرهم الذين أنفقوا ما يملكون في الدروس الخصوصية في توقيت تعطلت فيه المدارس بسبب كورونا، فاصبحت الدروس واجبا وفرضا لكل المواد.

 غش إلكترونى
وتتوالى حلقات المشهد لتزيد المعاناة على من لم يغش في صفحات ومواقع الانترنت والسوشيال ميديا التي وضعت تسعيرة لكل مادة، وخصم خاص لكل المواد- اه والله-، وأسعار أخرى تتفاوت طبقا لميعاد التسريب والحصول على الإمتحان من عصر اليوم السابق للامتحان حتى قبل الامتحان بساعة؟؟

هذا هو الشكل الخفى وفى العلن.. من يتفقد مثلا موقع  التليجرام يجد بعض الصفحات يصل المشتركون فيها إلى أكثر من 250 ألف مشترك يتداولون الأسئلة والإجابات أثناء عقد الامتحان، بالإضافة إلى جمل حوارية للغشاشين حول الإجابات أو التأخير فيها ووصل الأمر إلى إرسال الإجابات مسلسلة على حسب لون نموذج الامتحان الأحمر أو الرمادي!

ووصل الأمر أن يعلن شخص ما إنه قادر على تغيير النتيجة إلكترونيا وينقل الطالب من خانة الراسبين إلى أصحاب ال 98% وكله بحسابه!
كل ده  ثم يخرج علينا الوزير ليعلن ضبط واحد أو إثنين ليكونوا كبش فداء لهؤلاء الآلاف ويصر على قوله إن حالات الغش محدودة! ويستكمل الوزير حلقات المسلسل التعذيبى أو التطفيشى في أسئلة صعبة في الامتحانات أقصد" تعجيزية" بشهادة العديد من المدرسين..

ووصل الأمر أن  يتبارى واضعوا أسئلة الامتحانات مع المدرسين والخبراء فى الإجابة عليها، و"الجدع" يجاوب، والعبقرى قد يجد أكثر من إجابة صحيحة تصلح للإجابة على السؤال الواحد، والكمبيوتر لا يغذى طبعا إلا بإجابة واحدة، وطبعا النتيجة لمن يجيب بالإجابة الأخرى معروفة  -طبعا سيفقد الدرجة!

والطلاب أصحاب المصلحة الحقيقية في لجان الامتحانات يبكون أو يغيبون عن الوعى أو يموتون او ينتحرون –مش مهم- فهذا هو الهدف!  وفى النهاية من ينجو من الطلاب يغرق مع طول أسئلة الامتحانات إلى جانب صعوبتها وعدم تناسبها مع الوقت المخصص يختارون نظرية "حادى بادى" فى إجابات البابل شيت..

أسئلة مشروعة لوزير التعليم
هل هذا هو تطوير التعليم الذى بشر به وزير التربية والتعليم وما زال؟!
هل هذا هو المقصود من نقل التعليم من مرحلة الحفظ والتلقين إلى الفهم والتحليل كما يروج الوزير؟! والأمر مرشح للتكرار في السنوات القادمة وفى مختلف المراحل التعليمية إذا استمرت التجربة دون مناقشة موضوعية من قبل خبراء لا علاقة لهم بالوزير..

خبراء يقدمون لنا تجارب التعليم الناجحة في الغرب والشرق من اليابان إلى ماليزيا وسنغافورة إلى فرنسا وألمانيا وبريطانيا.. ألخ، فنحن لن نخترع العجلة وبشرط أن نوفر كل العوامل المصاحبة للمناهج وطرق الامتحانات، فلن يتم ذلك بدون تدريب مستمر للمدرس وتوفير بنية تكنولوجية تحتية.. إلخ من عوامل.

الكل مع تطوير التعليم يا سيادة الوزير لكن ما يحدث الآن على أرض الواقع هو دعوة صريحة وعلنية لتطفيش أولادنا من التعليم بعد أن سادت نظرية التعليم الجديدة على يد الوزير: "التعليم تعذيب وإحباط وتطفيش ويأس وموت وانتحار"..
 
ويحدث هذا فى وقت سادت فيه قيم" الفهلوة والتهليب" والثروات التى تجىء عن طريق مهن غير علمية أو ثقافية، وفى ظل تحول الأمر عند الملايين من القامات العلمية والثقافية والوطنية إلى رموز الرياضة أو الراقصات أو بلطجية سوق الفن.. على فكرة الخاسر الأكبر هو الوطن ومستقبله وليس الطلاب وأولياء أمورهم فحسب..

فهل الهدف ندخل مستقبل بدون علماء ومتعلمين وطبقة وسطى تصارع الآن على البقاء؟! والسؤال الذي أتوجه به بصراحة ما الهدف من أفكار الوزير التي جعل بها أولادنا فئران تجارب لها؟! هل حقا يريد الوزير تطوير التعليم أم جاء بسياسة تنتهى إلى غلق المدارس بـ"الضبة والمفتاح"؟!

هل جاء الوزير بأفكاره ليقدم لنا جيلا واعيا للمرحلة الجامعية أم يهدف  لفتح الباب على مصراعيه للمعاهد والجامعات الخاصة بعد تدنى المجاميع المتوقع لمن استطاع العبور من النفق المظلم للثانوية العامة؟!
هل جاء الوزير لجعل مستقبل مصر مظلما حين نطفئ مشاعل العلم والتعليم بعد أن تؤدى هذه السياسات إلى هذه النتيجة؟! وهل ستؤدى سياساته لنهضة مصر حيث تتقدم الأمم بالعلم والبحث العلمى وهو يبور الأرض ويقتل النبت في مهده بأفكاره فيما يزعم تطوير التعليم؟!

ومثالا إضافيا لتوضيح هذه الفكرة بعيدا عن الأسباب السابق ذكرها،  نظرة سطحية على عدد الطلاب المتقدمين للشعبة الأدبية والشعبة العلمية بفرعيها العلوم والرياضيات تعطى بعد آخر، فأعداد الطلاب المتقدمين هذا العام للثانوية العامة بلغت ٦٤٩ ألف طالب و٣٨٧ منهم ٢٩٢ ألف و٨٥٢ في الشعبة العلمى علوم، و١٠٠ ألف ١٦٩ طالبا وطالبة في شعبة علمى رياضيات، و٢٥٦ ألف طالب ٣٦٦ في الشعبة الأدبية. هذه النسبة الكبيرة التي هربت للأدبى بسبب هذه السياسة هل تفيد التقدم الذى نحلم به لمصر والذى يعتمد على العلم والبحث العلمى!

yousrielsaid@yahoo.com

Advertisements
الجريدة الرسمية