رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا أمرنا الله بالوفاء بالعهود وما أنواعها ؟

الوفاء بالعهد
الوفاء بالعهد
يُعرف الوفاء بالعهد على أن تنفيذ العهود، وعدم النكوص بها، ويتوقف العهد على إبرام عقد، أو إعطاء عهد، ويكون واجب الشخص تجاه ذلك العقد احترامه، والالتزام بالعهد؛ وذلك لأنَّ الوفاء بالعهود أساس كرامة الإنسان وسعادته، فالوفاء بالعهد صفة من صفات العظماء، وإحدى الصفات ومكارم الأخلاق التي أمر بها الله تعالى، وأمر بها الرسول المصطفى صلّى الله عليه وسلّم.


أنواع العهود 
العهود التي بين الله وبين العباد يوجد مجموعة من العهود بين الله وعباده، ويجب الالتزام بها، وهي على النحو الآتي:
معرفة الإنسان بحقيقة أنَّ الله خالقه، ولا رب غيره و عبادة الله وحده لا شريك له، والّا يُشرَك به والإيمان الفطري بوجود الله سبحانه وتعالى و نشر العلم بين الناس، وتوضيحه وبيان أهدافه وركائزه و الالتزام بالدين الإسلاميّ الحنيف، واتباع شرع الله، والاقتداء بسنة النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم و الجهاد في سبيل الله تعالى، حيث إنَّ الله أعدَّ لعباده المجاهدين الفوز العظيم بالجنة. 

العهود التي بين العباد 
العهود التي بين العباد يجب الوفاء بالعهود التي تكون بين العباد، وهي على النحو الآتي : التزام المسلم بالعهد الذي بينه وبين غيره من العباد، والالتزام يكون في العهود الشفهيّة أو المكتوبة و عدم نقض العهود والأيمان و الالتزام بعقود الزواج، وهي أحق العهود التي يجب الالتزام بها، حيث جاء في الحديث النبويّ: (إنَّ أحقَّ الشُّروطِ أن توفوا بِهِ ما استحللتُمْ بِهِ الفروجَ)  تكافؤ المسلمون فيما بينهم في مُختلف الأمور و تربية الأببناء تربية حسنة، والإحسان في معاملتهم. حفظ حقوق الجيرآن، وعدم إلحاق الضرر والأذى بهم، فلا تُستباح حرمته، ولا يُنال من عرضه، ولا يُستحل ماله، وفي الحديث النبوي الشريف يقول: (واللهِ لا يؤمنُ، والله لا يؤمنُ، والله لا يؤمنُ قيل: من يا رسولَ اللهِ ؟ قال: الذي لا يأمنُ جارُه بوائقَه قالوا يا رسولَ اللهِ وما بوائقُه؟ قال: شرُّه) الوفاء بحقوق المسلمين العامة، والمتمثلة بإفشاء السلام، وإجابة الدعاء، والاستنصاح للنصيحة، وتشميت العاطس، وزيارة المريض، واتباع الجنائز و احترام الشروط الموقعة بين المسلمين و إعطاء حقوق العباد إليهم، ويتضمن هذا أداء الدين لمستحقيه وعدم المماطلة في سداده و إعطاء الأجير والعامل أجره كاملاً وعدم الانتقاص منه وعدم نكث العهود مع الآخرين، ويتمثل ذلك بعهود الهبات، والصدقات، والمعونات، وزيادة الأجور، وإنجاز الأعمال، وقضاء الحوائج، وأداء الديون.

اقرأ أيضا.. هل يجوز للمسلم أن يأكل من ذبيحة اليهود والنصارى؟.. دار الإفتاء تجيب

الوفاء بالعهود في الإسلام
 تُشير آيات القرآن الكريم، والأحاديث النبويّة الشريفة إلى وجوب الوفاء بالعهود، والمواثيق، وأظهرت شناعة وعقاب من ينقضهما، أو من يُخل بها، حتّى أنَّ النكث بالعهود يقود إلى الكفر، وهذا ما حدث مع بني إسرائيل وغيرهم من الأقوام الذين نقضوا العهد مع الله تعالى، حيث يقول الله تعالى: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ).

 ثمرات الوفاء بالعهود يترتب على الوفاء بالعهود العديد من الثمرات التي تقود إلى صلاح المجتمع واستقراره، وهي كالآتي: تحصيل التقوى، فالوفاء بالعهود إحدى صفات المتقين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه الحكيم، و تحصيل الأمان الدنيويّ، وحقن الدماء، وحفظ حقوق العباد و تكفير السيئات والفوز بالجنان.

الآثار المترتبة على نقض العهد
 يترتّب على نقض العهود العديد من الآثار، وهي على النحو الآتي: قسوة القلب، حيث يقول الشيخ الشنقيطي رحمه الله :"إنَّ من نقض العهد الذي أبرمه يضرُّ نفسه كما أنَّه يجر على نفسه اللعن"، كما ذكرت آيات القرآن الكريم أنَّ اللعنة أصابت طائفة من بني إسرائيل عندما نقضوا عهدهم مع الله تعالى، حيث يقول الله تعالى: (فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً).

 الخسارة العظيمة في الدنيا، والعذاب الشديد في الآخرة وانتشار القتل في المجتمعات التي تنقض عهودها، وتسليط الأعداء عليها.

 نيل العذاب الشديد، والفضيحة والخزي يوم القيامة؛ إذ يُنصَب لناقض العهد لواء يوم القيامة، ويُقال له: (هذه غدرة فلان).

 اعتبار من ينقض عهده بأنَّه من شرار الخلق عند الله تعالى إذ قَرَن الله تعالى في مواضع مختلفة من القرآن الكريم بين الكفر ونقض العهد، والدليل قوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ).

 تحريم الطيّبات، وهذا ما حصل مع بني إسرائيل عندما نقضوا الميثاق و الضلال عن الطريق المستقيم، فالله تعالى أضلَّ بني إسرائيل عن سواء السبيل؛ وذلك عندما كفروا بالله تعالى، وخانوا ميثاقهم مع الله.


آيات عن الوفاء بالعهد
♦ ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ﴾ [البقرة: 40].

♦ ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177].

♦ ﴿ بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ * إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 76، 77].


♦ ﴿ وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [المائدة: 7].


♦ ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [الأنعام: 152].


♦ ﴿ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ ﴾ [الرعد: 20].

♦ ﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النحل: 91]
 
♦ ﴿ وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 95]

♦ ﴿ وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [الحديد: 8].


الجريدة الرسمية