رئيس التحرير
عصام كامل

حمى الشراء وسلوكيات مرفوضة

بعد أن اتخذت الحكومة عدة إجراءات احترازية للوقاية من فيرس كورونا الذي ظهر في مصر -حيث أعلنت وزارة الصحة عن ارتفاع أعداد المصابين ليصل إلى 196 حالة، بالإضافة إلى تسجيل حالتي وفاة جديدتين ليرتفع عدد الوفيات إلى 6- حيث قرر رئيس الوزراء تعليق حركة الطيران في جميع المطارات اعتبارا من الخميس 19 مارس وحتى 31 مارس لمنع انتشار فيروس كورونا.

 

كما قرر تخفيض عدد العاملين بأجهزة الدولة والمصالح الحكومية لتقليل الاختلاط بين المواطنين والحد منه للسيطرة على الفيروس. وقد سبق وقرر الرئيس السيسي تعليق الدارسة لمدة أسبوعين وكلها اجراءات احترازية للسيطرة والحد من انتشار الفيرس المخيف .

 

اقرأ أيضا: كورونا والاقتصاد العالمي وصناعة الدواء في مصر

 

لكن ما حدث من سلوكيات الكثير من المصريين كان غريبا بالفعل ويتسم باللامبالاة، مع كمية ضخمة من الجهل فنجد أن بعض الأسر وجدت في إجازة الطلاب فرصة للتنزه! ولم يعد الطلاب يمكثون في المنازل بل يخرجون للشوارع والمتنزهات والرحلات كأنهم في إجازة مصيفية، وهذا الأمر يتنافى مع أبسط قواعد المحافظة على الصحة من الإصابة بالفيرس اللعين..

 

فخطورة الفيرس تكمن في انتشاره السريع وعدم وجود علاج له حاليا، مما يستلزم من الإنسان تقليل الخروج والاحتكاك بالآخرين لتقليل فرصة إصابته بالعدوى، لذا كان قرار تعليق الدراسة وتقليل عدد الموظفين لكن بعض الجهلاء والمستهترين لم يرعوا أهمية اتخاذ تلك التدبير والاحتياطات حماية لأنفسهم وللآخرين.

 

ومن تلك السلوكيات الغريبة التي تتسم بالجهل تكالب المواطنين على حركة الشراء بشكل مبالغ فيه، ليخلق أزمة كبرى للوطن، ويبدو أن هؤلاء الموطنين يقلدون موطني الدول الأوربية خاصة بريطانيا حيث أصابت البريطانيين -خصوصا في العاصمة لندن- حمى شراء المعقمات وتخزين المواد الغذائية خوفا من تفشي فيروس كورونا وفرض الحجر الصحي، على الرغم من أن حالات الإصابة بالفيرس في البلاد لا تزال الأقل بين الدول الأوروبية.

 

وتشهد المتاجر الكبرى في لندن ازدحاما غير مسبوق وسباقا من قبل الزبائن لشراء مواد التنظيف، والمكرونة والحليب المبستر، وباتت رفوف المحلات خالية من تلك المنتجات، وأعلنت متاجر عدة أنها لم تعد قادرة على الاستجابة لكل طلبات المستهلكين. ووصل الحد ببعض المتاجر أن يعلن أنه على الراغبين في الحصول على معقم الأيدي أن يسجل اسمه في قائمة انتظار، أو أن يصل للمتجر في ساعات الصباح الأولى عله يحصل عليه.

اقرأ أيضا: بنك "ناصر" لوحده مش كفاية

 

وأظهر استطلاع للرأي أن 80% من محلات بيع المواد الغذائية غير مستعدة لمجاراة "الإيقاع المجنون" الذي يسير به المستهلك البريطاني، وإقباله المحموم على هذه المواد، كما أظهر الاستطلاع أن واحدا من بين كل عشرة بريطانيين بدأ بالفعل في تخزين تلك المواد.

  

لكن الوضع في مصر يختلف تماما، ففي بريطانيا يهلع الناس من مجرد الشائعات، وخوفا من حظر التجوال وانتشار المرض، لكن الأمر في مصر ينبغي أن يكون مختلفا، فبداية حركة التجارة المرتبطة بالسلع الغذائية العالمية لم تتأثر تأثرا ذا بال بشهادة منظمة التجارة العالمية ووزارة التجارة المصرية؛ مما يعني أن توافر السلع سيستمر كما هو.

 

كذلك نجد أن مصر تصدر بعض السلع التي صار عليها طلبا عالميا خاصة منتجات الكحول، فكان من الطبيعي أن يصدر قرارا من وزارة الصناعة والتجارة، بمنع تصدير الكحول بكل أنواعه خاصة المستخدم في صناعة المطهرات والماسكات والمطهرات ومستلزمات الوقاية، بهدف توفيره للسوق الداخلى، خلال الفترة الحالية.

 

بما يعني توافر تلك المنتجات في السوق المصرية بكثافة، وقد نفى المتحدث باسم مجلس الوزراء، ما تردد حول اعتزام مصر تصدير كمامات إلى الصين، بعدما انتشر تكالب المصريين على شراء الكمامات، وذكر أن مصر تنتج 60 مليون كمامة سنويًا بينما تنتج الصين 20 مليون كمامة يوميًا، مشيرًا إلى أن مصر أرسلت بعض الكمامات هدية للصين، والأخيرة طلبت بالفعل شراء كمامات من دول الهند واليابان وأمريكا وأوروبا.

 

  اقرأ أيضا: التموين وأرقام المحمول

 

وبالنسبة للمنتجات الغذائية فقد حذر الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، من ظاهرة التكالب على السلع الغذائية. وذكر أن لدينا رصيد كبير من السلع يكفينا لشهور، ولا داعي للتكالب على السلع، فالسلع متاحة. وأضاف: «اجتمعنا مع وزير التموين على مصيلحي، ووزير الداخلية اللواء محمود توفيق، التعامل بمنتهى الشدة والحزم مع أي نوع من الممارسات التي تدعو لتخزين للسلع الغذائية». وتابع أن هناك تنسيقا مع كل أجهزة الدولة، ونؤكد كل السلع متاحة لشهور، فلا داعي للقلق في هذا الموضوع.

  

وقررت الحكومة توفير السلع الغذائية بكميات كبيرة فى جميع سلاسل البيع، والمحلات الصغيرة، ونبهت على التجار بعدم استغلال الإجراءات التى تقرر تطبيقها فى مواجهة كورونا واستغلال هذا الظرف فى إخفاء السلع من أجل رفع أسعارها، ويقابل ذلك حصول المواطن على احتياجاته الضرورية فقط دون اللجوء إلى التخزين..

 

وذكر أحمد شيحة، عضو الغرف التجارية، أن جميع السلع متوافرة، وإذا لجأ المستهلكون إلى سحب سلعة معينة، فسوف يتم توفير غيرها فى المحلات خلال دقائق، وهذا معناه أن المواطن يحمل نفسه أعباء مادية فى شراء سلع ليس فى حاجة إليها، كما يتحمل أعباء تخزينها ما يعرضها للتلف، وقال لا داعى للقلق فجميع السلع متوافرة فى المحلات.

  

كما ينبغي ألا ننسى أن مصر بلد زراعي في المقام الأول، وأن إنتاجها من المحاصيل الزراعية والخضروات يكفي الشعب المصري لشهور عديدة، ويتم تصدير الباقي للخارج، وفي ظل أية أزمة لن يتم التصدير وبالتالي ستظل السلع متوفرة، وهو الحال مع الأسماك واللحوم الحمراء والبيضاء، فالسلع الغذائية المصرية متجددة فلا داعي للقلق المبالغ فيه .

 

الجريدة الرسمية