رئيس التحرير
عصام كامل

أما آن الأوان أن نفق

عندما ننظر إلى ما آل إليه حال أمتنا العربية والإسلامية من تخلف وفرقة وضعف وسوء وهوان على الأمم، وفتم التكالب علينا والاستهانة بنا والتحكم في مقدراتنا. عندما ننظر إلى كل ذلك ونبحث عن الأسباب التي أدت إلى حالنا هذا وما وصلنا إليه نجد أن السبب الرئيسي وراء ذلك كله هو ابتعادنا عن الله تعالى، وتركنا لكتابه الكريم وتعاليمه، وتركنا أيضا لهدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله وهجر سنته الشريفة..

لقد أمرنا الله ونهانا فلم نأتمر ولم ننتهي.. أمرنا بأن نعتصم بحبله المتين وأن نتوحد ونتجمع ولا نفترق وأن ننبذ الخلافات فقال سبحانه: "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا".. لقد خالفنا ذلك ولم يقتصر الأمر على الفرقة بل وصل إلى التحاسد والعداء بيننا والاقتتال.. أمرنا سبحانه بالعدل والإحسان وصلة الأرحام ونهانا عن الفحشاء والبغي والمنكر، ولكننا لم نأتمر فلم نقم العدل وساد الظلم بيننا، ولم نحسن في كل ما يصدر عنا من القول والفعل والعمل، ولم نصل أرحامنا كما أمر سبحانه وتعالى، بل وتفشى العداء بين ذوى الأرحام والحسد والحقد والكراهية، وربما وصلنا إلى العراك والتشاجر فيما بيننا..

 

أمر سبحانه وتعالى بالطهر والطهارة واجتناب الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولكننا انقدنا خلف الأهواء والغرائز والشهوات واتبعنا خطوات الشيطان العدو اللدود الحاقد الحسود فأضلنا ودفع بنا إلى الهاوية والهلاك، وظهر العرى والخلاعة وتفشت الرذيلة في مجتمعاتنا، وظهر التقليد الأعمى لصيحات الغرب المضلة الشاذة..

اقرأ أيضا : وصف حال المؤمن

نهانا سبحانه وتعالى عن المنكر وهو ما تنكره الفطرة السليمة وتأباه النفس الكريمة الطيبة بكل صوره وأشكاله، وللأسف لم نترك منكرا من المنكرات إلا وأتيناه وفعلناه.. ونهانا سبحانه وتعالى عن البغي والعدوان والبغضاء بيننا، وفعلنا عكس كذلك، فبغى بعضنا على بعض وجار بعضنا على البعض، وأراق  بعضنا دماء البعض..

أمرنا سبحانه وتعالى أن ننصره سبحانه وتعالى أي ننصر الحق وننتصر لدينه بإقامة شريعته والعمل والتمسك بها، كي ينصرنا على أعدائنا ولكن فعلنا عكس ذلك، فنبذنا شريعة الله تعالى من وراء ظهورنا ولم ننصره سبحانه فكيف لنا بالنصر على الأعداء وقد إشترط له سبحانه نصرته ونصرة دينه، حيث قال سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ"..

اقرأ أيضا : لا يعرف قدري إلا ربى

أمرنا سبحانه بالأمانة وأدائها والصدق والإخلاص، ولكننا ضيعنا الأمانات وأولها أمانة الاستخلاف في الأرض، وتفشت بيننا السرقة والرشوة وخيانة الأمانة، ونهانا سبحانه وتعالى عن الكذب والنفاق والشرك والرياء ولم ننته.. أمرنا سبحانه وتعالى باتباع هدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله واقتفاء أثره والتمسك بهديه القويم وسنته الرشيدة، ولكننا لم نأتمر وآثرنا إتباع الشيطان وأهواء النفوس، وانقدنا خلف الشهوات والغرائز وحظوظ النفس الأمارة بالسوء..

 

حذرنا الله تعالى من فتن الدنيا وزينتها الخداعة، وأمرنا سبحانه بالزهد وعدم الطمع فيها، ولكننا تمرغنا فيها ظاهرا باطنا حتى أصبحت هي منتهى علمنا ومبلغ أملنا وغايتنا، وانخدعنا بزينتها وزخرفها الزائف البالي، وللأسف تقاتلنا ونتقاتل عليها مع علمنا أنها دار غرور وفناء، وأننا ضيوف فيها وراحلون عنها ولن نأخذ منها شيئا سوى الصالحات من الأعمال..

أمرنا سبحانه وتعالى بالورع وترك الطمع والرضا بالقليل ولكن أنفسنا المريضة أبت ذلك وتسيد وتغلب عليها الطمع والحسد وعدم الرضا.. أمرنا سبحانه وتعالى بالصبر والشكر فلم نصبر على ابتلائه وسخطنا على قضائه ولم نشكر نعماءه بل تفنن البعض منا في كيفية معصيته عز وجل بنعمه سبحانه التي أنعم بها عليه..

أمرنا سبحانه بالكرم والجود والعطف على المسكين والأرملة واليتيم والفقير وابن السبيل ولكن الأنانية والبخل أبت ذلك.. لقد أمرنا الله تعالى بالكثير والكثير من الخير بل بكل الخير، ونهانا عن الكثير والكثير من الشر بل كل الشر، حتى يكتب لنا السعادة في الدنيا  والفوز والنجاة في الآخرة.. ولكن الكثيرين منا أبوا ذلك وهذا هو السبب الرئيسي من وراء ما آل عليه حال أمتنا العربية والإسلامية ذلك الحال المخزي والمحزن والمؤلم..

فيا سادة أما آن لنا أن نفيق من غفلتنا التي طالت ونعود إلى كتابنا الكريم وسنة نبينا صلى الله عليه الرشيدة.. أفيقوا وتوبوا إلى الله رحمكم الله وأصلح أحوالكم..

الجريدة الرسمية